في الساعة السادسة والنصف مساء يوم 8 يونيو 1992، في شارع أسماء فهمي بمصر الجديدة حيث كان مكتبه وبينما كان يستقل سيارته عائداً لبيته برفقة ابنه، ظهرت دراجة نارية يستقلها شابان وأطلقا النار عليه من بندقية آلية فاخترق الرصاص كبده وسقط وسط دمائه، حاول الأطباء إنقاذه لمدة ست ساعات إلي أن لفظ أنفاسه الأخيرة وفيما كان يصارع الموت قال ”يعلم الله أنني ما فعلت شيئاً إلا من أجل وطني“.
هذا هو فرج فودة المفكر المصري الكبير، الذي دفع حياته ثمناً لمطالبته لفصل الدين عن الدولة، هذا الرجل الذي كفرته جبهة علماء الأزهر ورفضت لجنة شئون الأحزاب الترخيص لحزبه ”المستقبل“ مرتين.
لن أتحدث هنا عن تفاصيل اغتياله ولا عن أحد قاتليه وهو محمد أبو العلاء هذا الذي قُتل ضمن صفوف داعش في سوريا بعد أن أفرج عنه الرئيس المعزول محمد مرسي بعفو رئاسي.
ولكني سأتعرض لرأي المفكر الراحل حول ”كيف نواجه مشكلة الإرهاب“ في كتابه ”الإرهاب“، والذي سلط فيه الضوء علي أشكال الإرهاب ومسبباته وعلاقته بجماعة الإخوان الإرهابية. حيث قال:
”وإذا كنا لا نريد أن ندفن رؤوسنا في الرمال وأحسب أن أوضاع الحاضر لا تسمح بهذا الترف، فإن علينا أن نواجه حقيقة قاسية، لأن إدراك المشكلة هو سبيل الحل، علينا أن نعترف بأن لقضية الإرهاب أضلاعا ثلاثة أولها الإرهاب نفسه، وثانيها سلطة الدولة وهيبتها، وثالثها موقف الشعب واقتناعه أمام الصراع الذي يدور بين الإرهاب والسلطة، والحقيقة التي نود أن نؤكدها أن الضلع الثالث هو الفيصل وهو العنصر الأساسي في حسم الصراع“
كانت هذه المقدمة تمهيداً لتوضيح سبل حل قضية الإرهاب على المدى القصير والتي أوجزها في (الديمقراطية - سيادة القانون - الإعلام) علي أن يكون للإعلام خط ثابت مدافع عن أسس الدولة المدنية ومحاربة الأفكار المتطرفة.
وسبل الحل علي المدي الطويل (التعليم - المشكلة الاقتصادية - الوحدة الوطنية) فلابد من مراجعة برامج التعليم الحالية لأنها أحد أسباب ظهور جيل يستنكف استعمال العقل، ويجب أن يكون الهدف الأول للتعليم هو إعمال العقل واستخدام المنطق والأسلوب العلمي في التفكير. كما أن الأزمة الاقتصادية تغذي انتشار الإرهاب من خلال استقطاب الشباب تحت مظلة الفقر.
وأختتم الكاتب كلماته بالقول المأثور «إذا خفت فلا تقل، وإذا قلت فلا تخف، وقد اخترت القول، أما الخوف فلم أعرفه بعد، ولن أعرفه من بعد».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة