أحمد مبارك

سيناء.. كنز مصر الاستراتيجي !

الخميس، 28 مايو 2020 05:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إذا كان لمصر أطول تاريخ حضاري في العالم، فإن لسيناء أطول سجل عسكري معروف في التاريخ..

يقول عنها المؤرخ جمال حمدان في كتابه سيناء بين الجغرافيا والسياسة، قد يتوهم البعض أن سيناء صندوق من الرمال ولكن في الحقيقة هي صندوق من الذهب من يتحكم فيها.. سيتحكم في الشرق الأوسط كله..

فما سر ذلك التاريخ وتلك الأهمية الخاصة لسيناء؟

أدركت مصر منذ أقدم العصور الأهمية السياسية والأمنية والاقتصادية للدولة المصرية

وأن سيناء ليست أهم وأخطر مدخل لمصر على الإطلاق، ولكنها مدخل قارة بأكملها.. وأدركت سريعا حقائق الاستراتيجية المصرية الصحيحة والتي كان أولها أن سيناء خط الدفاع الأخير عن مصر والوادي وإن اللي يسيطر عليهم يهدد مصر بشكل مباشر

فأقامت الحصون والقلاع والأبراج الدفاعية ودار حولها معظم تاريخ مصر العسكري..

يقول المؤرخ الكبير جمال حمدان في كتاب شخصية مصر إن وزن أي إقليم يعتمد على عاملين معا، أولا أهمية موقعه الجغرافي

ثانيا ما يحتويه من موارد وامكانيات أو أهميته الاقتصادية

لو تحدثنا عن أهمية الموقع الجغرافي لسيناء، لو نظرنا إلى الخريطة سنجد مثلث سيناء عقدة تلحم أفريقيا بأسيا ما يجعل لها أهمية خاصة في خريطة التوازنات الدولية والإقليمية منذ فجر التاريخ

عبقرية ذلك الموقع الذي يقع في قلب العالم وعلى ناصية العالم القديم بين أسيا وأفريقيا وأوروبا جعل منها مركزا لكل هذه الأحداث الكبرى ومن يملكها فقد تحكم في المنطقة بأكملها..

أما جانب الموارد والأهمية الاقتصادية، منذ القدم وسيناء منجم مصر من الذهب والمعادن النفيسة، وهي حتى الآن المورد الرئيسي للبترول في مصر (ثلث إنتاج مصر) خاصة ساحل خليج السويس، وتحتوى على أكبر مخزون في العالم لعدد كبير من المعادن، فهي تحتوي على

النحاس والفوسفات والحديد والفحم والمنجنيز واليورانيوم والكثير من الخامات التي تستخدم في الصناعات مثل الجبس والفحم الحجري والطفلة الكربونية

كما تشتهر بوجود اجود أنواع الفيروز في العالم الذي اكتشفه المصريون القدماء على ارضها واستخدموه في تزيين المعابد والتماثيل.

كما تحتوي على أنواع كثيرة من النباتات النادرة التي تستخدم في العلاجات والأدوية

إمكانيات سيناء الاقتصادية لا تتوقف على ثرواتها التعدينية بل أيضا بها إمكانيات ترشحها لتكون من أكبر فبلات السياح في العالم بأنواعهم، فالحديث عن السياحة الشاطئية فتحتوي سيناء على 700 كيلو متر شواطئ من أجمل شواطئ العالم والتي تتميز بطقس معتدل ومحميات طبيعية لا مثيل لها في العالم بها العديد من الأسماك والحيوانات والنباتات

نضيف على كل هذا وجود أهم ممر مائي في العالم في سيناء قناة السويس والتي يعبر منها ثلث تجارة العالم سنويا ويجعلها أكبر ميناء مفتوح في العالم

كل تلك الجوانب المتعدد في سيناء، يجعل منها إقليم فريد بل دولة متوسطة بإمكانيات جبارة

مساحة سيناء حوالي 60 ألف كيلو متر مربع. تقترب من مساحة دولة مثل الأردن وهى 89 ألف كيلومتر مربع. وهي تسعة أضعاف مساحة سنغافورة 721 كيلو مترا مربعا. ونحو 6 أضعاف مساحة هونج كونج. وتقارب مساحة كوريا الجنوبية 100 ألف كيلو متر مربع والتي تعد خامس أكبر اقتصاد في العالم.

كل تلك الإمكانيات كما يرى العالم الكبير جمال حمدان تجعل منها واحدة من أكبر المناطق المرشحة لتكون من أكبر الاقتصاديات في العالم

ومنذ أكثر من 40 عاما قدم المؤرخ الكبير ما يشبه البرنامج المتكامل لتعمير سيناء وشكلت مسألة ربط سيناء بالدلتا اولوية في فكر وعقل د. جمال حمدان

ولكن الملفت وما يبعث على الأمل أن الدولة المصرية بدأت أخر خمس سنوات أكبر خطة لتعمير سيناء منذ تحريرها انطلاقا مما طرحه العالم الكبير جمال حمدان وكأن حلمه يتحقق كما كتب!

 

يقول جمال حمدان في الصفحة 56 من كتاب سيناء في الاستراتيجية والسياسة والجغرافيا

"لم يعد معنى لأن يتوقف ارتباط سيناء بمصر الوادي عبر القناة على كوبري قابل للتدمير، ولكن لابد من سلسلة من الأنفاق تحت القناة تحمل شرايين المواصلات، لأنها ستكون بمثابة إعادة تحقيق للوحيدة الأرضية بين الوادي وسيناء"

وهو المشروع الذي تم تنفيذه بالفعل وافتتاح نفقين في بورسعيد، ونفقين في الإسماعيلية، ونفق جديد في السويس

أيضا كتب جمال حمدان في صفحة 555 من الجزء الأول من شخصية مصر عن أهمية توصيل مياة النيل عبر سحارة أسفل القناة، لما له من تأثير على التعمير والتنمية الزراعة وأيضا اعتبرها بمثابة عودة لسيناء لتكون كما كان في القديم جزء من وادي النيل

وهو المشروع الذي نفذته مصر بالفعل وتمم افتتاحه في 2020

أيضا تحدث د جمال حمدان عن أهمية توسعة قناة السويس وتعمير الضفتين قائلا في صفحة 56 : "لم يعد معنى ولا مبرر لان تظل قناة السويس أحادية الضفة، بل ينبغي أن تزدوج تماما بالعمران الكثيف على كلتا الضفتين"

وبالفعل المشروع تبنته الدولة المصرية والذي بدأ بتوسعة القناة وجعل منطقة قناة السويس منطقة اقتصادية حرة وإقامة مئات المشاريع عليها

الحقيقة مئات المشروعات الأخرى زراعية وصناعية تم تنفيذها خلال السنوات الأخيرة توفر ملايين فرص العمل، فتم تنفيذ مشروعات أخر خمس سنوات بقيمة 600 مليون جنيه وشملت خطة التنمية عدد كبير من المشروعات القومية منها

مشروع قومي للطرق شمل حوالي 2000 كيلو متر سواء توسيع طرق قديمة وإنشاء طرق جديدة كطريق شرم الشيخ الجديد وطريق طابا

عدد من المدن والمجتمعات العمرانية الجديدة كمدينة الإسماعيلية الجديدة وبورسعيد الجديدة ورفح الجديدة وبئر العبد الجديدة

الحقيقة إن مصر تمتلك كنزا استراتيجيا في سيناء.. وهو أحد أهم عناصر قوة مصر..

وكل تلك المشاريع وكأنها حلم المفكر الكبير جمال حمدان تحول لواقع،

وفق تلك المعايير وما تم إنجازه في سيناء لو استمر العمل بهذه الوتيرة في سيناء..

فإنها جاهزة للانطلاق لتكون قاطرة مصر الاقتصادية

وستنقل مصر نقلة كبيرة اقتصادية لنكون كما نستحق من أكبر اقتصادات العالم وقوة عظمى بين الأمم







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة