محمد ثروت

السؤال فريضة غَآئِبَةٍۢ

الخميس، 21 مايو 2020 11:37 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعجبت حين ألقيت محاضرة على طلاب قسم الفلسفة بإحدى كليات الآداب فى جامعة  إقليمية ووجدت الطلاب يعتمدون فى إجاباتهم على تساؤلاتى عن مصادرهم الدينية على يوتيوب فقط، ومدى انبهارهم  بمناظرات دعاة مثل  أحمد ديدات وذاكر نايك وغيرهما، و لم يفكر واحد من هؤلاء فى إعمال العقل فى كلام هؤلاء وإثارة الأسئلة، باعتبار أنهم درسوا المنطق والفلسفة؟ ألم يفكر هؤلاء الشباب فى تحرى الدقة وقراءة كتب ومراجع موثقة قبل التصديق الأعمى بكلام نجوم يوتيوب، 
 
من واقع  دلائل وحكمة النص القرآنى فى قوله تعالى من سورة النحل(٤٣) "وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"، فمنها أن السؤال فريضة والاجتهاد ضرورة والرجوع لأهل العلم المجتهدين  أفضل من أهل التقليد الأعمى، الذين لا يعملون العقل فى استباط الأحكام أو ترجيح رأى على آخر بحسب قوة الأدلة والحجج وليس باتباع ظاهر  النصوص محل الخلاف. 
وبغض النظر عن اختلاف المفسرين فى دلالة أهل الذكر، سواء كانوا أهل العلم من أتباع الديانات الإبراهيمية (أهل الكتاب) أو المقصود بهم أهل القرآن، فإن الرسالة واضحة لكل الذين غيبت عقولهم وتجمدت أفكارهم عند ظاهر النصوص التراثية،  و اتبعوا شيوخ الانترنت  الذين يقدمون إجابات جاهزة فى قضايا محل خلاف بين المذاهب، فتسبب جهلهم فى ضرر عظيم لأنفسهم ولاوطانهم. وقد عكفت فى رمضان على قراءة متعمقة لكتاب
  بعنوان "بيان للناس من الأزهر الشريف" ، صدر فى جزءين فترة  التسعينات أيام الشيخ جاد الحق على جاد الحق شيخ الأزهر، للرد على التيارات التكفيرية الظلامية التى انحرفت عن الطريق المستقيم، وسارت فى طريق الغلو والتكفير  بالمخالفة لمقاصد الأديان التى جعلت لخدمة الإنسان وتحقيق مصالحه ودفع الضرر عنه (وما جعل عليكم فى الدين من حرج) وقوله تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر).
 
تضمن الكتاب مقدمات فى معنى الانحراف ومجاله، أى انسلاخ شريحة من المجتمع عن المجرى الرئيسي لحياة المجتمع. الذين يحكمون الهوى  فى الاستدلال بالنصوص، أو فى اختلاق الأدلة ونسبتها كذبا إلى مصدر التشريع. وتاريخ التطرف الدينى وبيان وجوب السؤال، 
فقد روى أبو داود وغيره من حديث جَابِرٍ قَالَ: "خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ، فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ، فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ، فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ، فَاغْتَسَلَ، فَمَاتَ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ، أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ". والعى هو الجهل ومعنى ذلك وجوب السؤال عما يجهل الإنسان. 
 
وقد رد كتاب بيان للناس على سفسطة وجهل التكفيريين فى قضايا الجهاد والهجرة وترك الواجب الوطنى وتحية العلم و تغيير المنكر باليد و المرأة فى الإسلام وحكم اللحية وحكم التصوير والعلاقات الدولية فى الإسلام ومفهوم العلم فى الإسلام والدين والسياسة ومنزلة العقل فى الإسلام ومعاملات البنوك ويسر الإسلام وسماحته وقضايا أخرى، ردا علميا موثقا بالحجج والأدلة القوية، فما احوجنا لمثل تلك الأعمال والاصدارات التى تحث على التفكير واعمال العقل والرد بالمنطق على دعاة تغييب أغلى قيمة فى الإنسان وهى العقل.






مشاركة



الموضوعات المتعلقة

فقه الأقليات في أوروبا

الأربعاء، 20 مايو 2020 12:20 م

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة