عصر جديد للسفر، وإجراءات خاصة للرحلات الجوية في ظل المواجهة مع فيروس كورونا القاتل ، الذى أصاب حركة الطيران العالمية فى الصميم، فمع أسلوب التعايش العالمى مع هذا الفيروس الغامض، أصبح للسفر بالطائرات وضع خاص وسلوكيات جديدة لم يعهدها الركاب، لمنع انتشار الفيروس، وانتقاله من دولة إلى أخرى، خلال تسيير رحلاتها الجوية إلى دول العالم، فبدلا من البحث عن الرفاهية أصبح البحث عن النظافة والصحة هو الأهم.
كثيرا من الدول بدأت خطط العودة التدريجية لفتح مطاراتها أمام حركة السفر الداخلية والخارجية، وإعادة فتح الأنشطة الاقتصادية، وبدأت شركات الطيران تستعد بإجراءات التعايش لتقليل الخسائر وتجنبا للإفلاس أو الاستغناء عن العاملين.
ورغم أن الحركة لن عود لطبيعتها قبل ما بين 18 شهرا وعامين، حسب خبراء الطيران، إلا أن مجرد العودة المترددة والقلقلة تحتم على الجميع إجراء تغييرات كبير، ووضعت شركات الطيران العالمية قواعدها الجديدة، وفقا لتوجيهات ونصائح منظمة الصحة العالمية، وكذا منظمة الإياتا .
والأيام الماضية ، شكلت منظمة الطيران المدنى الدولية (ICAO) التي تعمل من مونتريال قوة عمل دولية للبحث عن حلول لصناعة الطيران من أجل الخروج من أزمة كورونا، ويجري البحث حالياً عن أفضل وسائل تأمين السفر الجوي من العدوى عن طريق الرصد والمرور عبر المطارات من دون لمس أي أشخاص آخرين.
ومن هذه القواعد الجديدة :
فالمعلومات الطبية التي تمثل بروفيل المريض، بالإضافة إلى حالته عند دخول المطار، سوف يكون لها فاعلية فقط عند مشاركة السلطات الأخرى لها، بحيث يصل المسافر إلى وجهته ومعه ملفه الطبى الذي تطلع عليه مطارات الوصول لتسهيل مهمة المرور من دون تكرار إجراءات صحية قد تكون معقدة، ولن يستطيع المسافر في المستقبل التمسك بسرية معلوماته الطبية، ولا منع مشاركة جهات ثالثة في الاطلاع عليها.
ومعظم الخطط ما زال معظمها نظرياً ينتظر التطبيق مع إعادة فتح المطارات التي لم تتحدد موعدها بعد، ولكن المؤكد أن أسلوب السفر السابق لن يعود كما كان، وقد يتطلب السفر الجوي الذهاب إلى المطار قبل 4 ساعات من موعد الإقلاع، بدلاً من ساعتين.
ففي تايلاند لن يكون الطعام والماء مسموحًا فى أثناء رحلة الطيران، وسيكون لزامًا على كل راكب ارتداء الكمامة، أما فى ماليزيا وأندونيسيا ستحتاج الطائرة أن يكون نصفها فارغًا، وفى أمريكا وأوروبا سيكون إجبارى ترك المقعد الأوسط فارغًا، هذه ستكون أبرز ملامح مستقبل السفر والرحلات الجوية بعد انتشار فيروس كورونا.
رغم إعلان الاتحاد الدولى للنقل الجوى، أن خطر انتقال الفيروس على متن الطائرات "منخفض"، حتى دون اتخاذ تدابير خاصة، إلا أن هناك إجراءات خاصة لابد من اتخاذها لتقليل عدد ركاب الطائرة لمحاولة الحفاظ على التباعد الجسدى بين المسافرين، وإبقاء المقاعد التي في المنتصف خالية، والفحص الالزامى لدرجة الحرارة ووضع الكمامات.
وكذا اتخاذ بعض الشركات إجراء إلغاء وجبة الطعام على متن الرحلات القصيرة نسبيا، في حين اعتمدت شركات نظاماً جديداً وهو تقديم أطعمة مغلَّفة من خلال المعلَّبات كإجراء احترازى، وإيقاف عربة التسوق المعفاة من الرسوم الجمركية داخل الطائرة .
ولتطبيق قواعد التباعد قد يكون من الخيارات المطروحة، وضع شخص واحد فى كل صف من الكراسى؛ وهو ما يعنى أن تذاكر السفر سترتفع أسعارها لتعويض الأماكن الفارغة، والطائرة ستكون بثلثى حمولتها العادية، وهذا لن يكون كافيًا لأغلب خطوط الطيران لكى تحقق أرباحًا بدون أن ترفع التكلفة.
وذكر مصدر بمكتب الطيران المدني الياباني، أن قضية المقعد الأوسط الفارع، قد تخلق مزايا غير عادلة إذا تم تطبيقه بشكل غير عادل، مشيرً إلى أنه أمر مثير للجدل، وأضاف من الأفضل أن تنسق الدول التي تغادر منها الرحلات مع الدول التي تستقبلها.
ووفقا لقواعد ونصائح الاتحاد الدولي للنقل الجوى "إياتا"، فارتداء الركاب للكمامات ولأفراد الطاقم أثناء وجودهم على متن الطائرة، جزء أساسي من نهج متعدد المستويات للأمن الحيوى.
الإجراءات الإضافية يمكن أن تشمل فحص درجة حرارة الركاب، وعمال المطارات ،وتعديل خطوات عمليات الصعود والهبوط إلى متن الطائرة لتقليل الاتصال مع الركاب الآخرين أو الطاقم..
بجانب الحد من الحركة داخل المقصورة أثناء الرحلة، وتنظيف المقصورة بشكل أكثر تكرارا وعمقا، وإجراءات مبسطة لتقديم الوجبات، تقلل من حركة الطاقم والتفاعل مع الركاب، يمكن أيضًا تضمين اختبار جوازات كورونا ، أو جوازات الحصانة، كإجراءات مؤقتة للأمن الحيوى.
وتشمل الخطط أجهزة التعرف على ملامح الوجه، وتطبيق تقنيات الذكاء الصناعي وأدوات المسح البيومتري، وتصميم مسارات من مداخل المطارات إلى أبواب الطائرات بلا لمس من أشخاص آخرين للمسافرين والأمتعة على السواء.
وبناء للقواعد الجديدة قد يستغرق الخروج من الطائرة عند الهبوط وقتا أطول من المعتاد للحفاظ أيضا على التباعد الاجتماعي وتقليل الزحام.
شهادات صحية وقياس درجات الحرارة
فمستقبل السفر الجوي سوف يعتمد على قواعد جديدة، تشمل جمع البيانات الصحية للركاب، ومنع اللمس فى المطارات تماماً، بما في ذلك التفتيش الذاتى، وعلى الرغم من الصعوبات، فإن تعاون الحكومات والمطارات وشركات الطيران سوف يكون حيوياً في عودة النشاط إلى السفر الجوي الذي هو أحد أهم شرايين الاقتصاد العالمي.
واتجهت كثير من المطارات العالمية وشركات الطيران إلى اعتماد التعقيم الآلى بأجهزة ثابتة قبل دخول الطائرات، أو ختم الجوازات، أو من خلال أشخاص باستخدام أدوات التنظيم والتطهير المختلفة.
وستعمل شركات الطيران أيضاً على تعقيم طائراتها قبل الرحلة وبعدها، وهو ما سيزيد من نفقاتها التشغيلية التي سيتحملها الركاب عند الحجز، وإلى جانب تطبيق التباعد الاجتماعي الذي تنصح به منظمة الصحة العالمية لمنع انتشار فيروس كورونا، ستعمل شركات الطيران على فرض ارتداء الكمامات والقفازات الطبية على جميع العاملين لديها، وكذلك الركاب.
وتدرس بعض الشركات، مطالبة الركاب بالتوقيع على شهادة صحية أو حمل وثيقة تثبت أن لديهم مناعة ضد الفيروس، أو أن الراكب أصيب بالفيروس وتعافى منه.
معالم التغيير في المطارات بدأت في الظهور بالفعل، ففى مطار أبوظبي الدولي، أعلنت شركة طيران الاتحاد عن كبائن خاصة ترصد درجة حرارة المسافرين والعاملين في المطار، بالإضافة إلى معدلات ضربات القلب والتنفس، وهي وسيلة لفرز الركاب الذين قد يمثلون خطر العدوى لغيرهم من أجل فحصهم فردياً، قبل السماح لهم بالسفر أو العمل، وترى الشركة أن هذه الأجهزة سوف تستخدم في المدى البعيد لضبط حالات مرضية أخرى قد تمنع أشخاصاً من السفر، وتقلل من حالات الطوارئ في أثناء الطيران.
أما فى شركة مطارات دبى، المشغلة لمطار دبى، أعلنت أن فحص درجات حرارة الركاب ووضع الكمامات سيصبح المشهد المشترك فى المطارات بهدف الحد من انتشار فيروس كورونا المستجد، لكن التباعد الجسدى يمكن أن يزيد تكلفة السفر الجوى.
وفي مطار هونج كونج، تجول أجهزة روبوت في المطار من أجل تعقيم الأرضية ودورات المياه على مدار الساعة، بينما تم تركيب حواجز لقياس حرارة القادمين إلى المطار من مسافرين وعاملين في مطار سنغافورة وبعض مطارات الخليج.
وبدأت الخطوط الجوية الفرنسية في إجراء فحص درجة الحرارة بشكل إلزامي على ركاب طائراتها، حيث قررت منع المسافرين الذين تزيد درجة حرارتهم عن 38 درجة مئوية أو 100 درجة فهرنهايت.
وبدأ مطار العاصمة الأسترالية، كانبيرا، في استخدام كاميرات حرارية لقياس درجة حرارة الركاب أثناء فحصهم أمنيا ومرورهم من البوابة الأمنية، وتخطط مطارات أخرى حاليا لاستخدام نفس التقنية، خاصة للوافدين على البلاد.
وبدأت شركة طيران Ryanair Holdings PLC ، منخفضة التكاليف وأكبر ناقل للركاب في أوروبا، في منع وجود طوابير لاستخدام المرحاض، حيث يتعين على الراكب رفع يده والاستئذان أولا للسماح له بالقيام من مقعده والذهاب إلى المرحاض.
أما شركة، KLM ، الهولندية فبدأت في مطالبة ركابها من المناطق المحددة من الاتحاد الأوروبي بأنها ذات خطر مرتفع، بملء بيان صحي.
ارتفاع الأسعار
وتوقعت دراسة حديثة لجهات الطيران حدوث ارتفاع بأسعار التذاكر ما بين 50% و67% ، في حال تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعي على الطائرة.
وأكد الاتحاد الدولي للنقل الجوى"إياتا" من أن تطبيق التباعد الاجتماعى على متن الطائرات، سيؤدى إلى ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، بنسبة تتراوح ما بين 43 إلى 54 %، وتدابير التباعد الاجتماعى ستحول اقتصاديات الطيران بشكل أساسى، من خلال خفض عامل الحمولة القصوى إلى 62 %، وهو أقل بكثير من متوسط "عامل الحمل الفاصل" فى الصناعة، والبالغ 77%.
فتطبيق قاعد التباعد الجسدى يمكن أيضا، يزيد أسعار تذاكر الطيران، إذا تم إلزام شركات الطيران ببيع تذاكر أقل من أجل إبقاء بعض المقاعد خالية، وحتى يتوفر لقاح أو دواء أو وسيلة سريعة موثوقة لاكتشاف الفيروس، سيتعين تطبيق إجراءات لتقليل خطر العدوى.
أعلن مطار فيينا الدولى عن تسجيل خسائر كبيرة فى المبيعات والأرباح وأعداد الركاب فى الربع الأول من العام الجارى كما أدت قيود السفر حول العالم وإلغاء الرحلات إلى انخفاض عدد الركاب بحوالي 19% ، وكان التراجع في أبريل حوالي 100%.
وقال جونتر أوفنر عضو مجلس إدارة مطار فيينا ، إن المبيعات انخفضت بنسبة 9 % إلى 161.4 مليون يورو، في الربع الأول من عام 2020 كما أن عمليات التشغيل تدهورت بنسبة 31 % إلى 26.4 مليون يورو.
وأشار عضو مجلس إدارة المطار أنه جار التعامل مع أزمة الطيران التي تواجه دول العالم حيث تم اللجوء إلى العمل لفترات قصيرة لجميع الموظفين وخفض التكاليف وتأجيل الاستثمارات الكبيرة متوقعا أن يتجاوز مطار فيينا الأزمة قريبا ال رئيس الوزراء الأوكرانى دنيس شميهال، اليوم الثلاثاء، إنه سيتم استئناف حركة الطيران على الأرجح فى يونيو المقبل.
وأضاف رئيس الوزراء الأوكراني، أنه يتعين إعادة الروابط الجوية مع الدول أيضًا، لأن فتح المطارات في أوكرانيا بدون وجود مكان تتجه إليه الطائرات لا يعد استئنافًا للرحلات الجوية، فالاتحاد الأوروبي لا يخطط لاستئناف حركة الطيران قبل حلول 15 يونيو المقبل.
عكس عقارب الساعة
ويرى رئيس رابطة منطقة آسيا والمحيط الهادي للخطوط الجوية، أنه عندما تعود رحلات الطيران، سنعمل بالفعل عكس عقارب الساعة، فى ظل استمرار المخاوف من السفر، ولن يكون المرور خلال السفر سلسًا، بسبب كل الإجراءات التي ستوضع للحد من انتشار فيروس كورونا.
وقد تشبه الأزمة الحالية في السفر عالميا ما حدث بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث تم وضع قواعد تشغيل جديدة للتفتيش والمواجهة الرحلات الجوية خلقت إجراءات أمنية جديدة على المسافرين، إلا أن هذه الأزمة أشد وأكثر
استعادة ثقة المسافرين
ووفقا لقناة الحرة الأمريكية، وتقارير وكالات السفر الدولية ، فتعتبر صناعة الطيران، استعادة ثقة الناس فى سلامة السفر الجوى تحديا كبيرا، فالدول التى تسيطر على الفيروس وتوافق على إعادة فتح الحدود مع بعضها بعضا ستقود على الأرجح الطلب على السفر الجوى فى المدى القريب، لكن من المستحيل قول متى قد يعود السفر إلى مستوياته قبل الجائحة.
وقد تحدَّث بعض المختصين بالطيران عن إمكانية اعتماد الدول السفر إلى الدول المتوافقة معها صحياً، والمتبعة لإجراءاتها نفسها، وتوجد بها أرقام قليلة من المصابين بفيروس كورونا.
وتتوقع شركات الطيران الأوروبية تراجع الطلب على السفر بالطائرات بنسبة 46% بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد. ويعني هذا أن الشركات ستتكبد خسائر تصل إلى 76 مليار دولار خلال العام الحالي.
وتشير هذه الإجراءات التي بدأت مطارات أوروبية في تطبيقها إلى أنها سوف تكون الأولى في التشغيل بالنظم الجديدة عند انتهاء الحظر على الطيران، وقد تبدأ الرحلات أولاً بين المطارات المعدة لاستقبال الركاب بسلامة مع تطبيق الإجراءات الصحية.
المطارات الأمريكية
وعلى هذا المقياس، سوف تكون المطارات الأمريكية هي الأخيرة التي تلحق بهذا الركب، حيث تركز إدارة أمن المواصلات الأمريكية التي يشار إليها بحروف (TSA) على إجراءات الأمن فقط منذ عام 2015، بتركيب أجهزة التعرف على هويات الركاب من رصد وجوههم، ولا تعمل الإدارة حالياً على أي خطط لتجهيز المطارات الأميركية للتعامل مع احتياطات الأمن الصحي التي سوف تكون مطلوبة بعد انتهاء فترة الحجر الصحي.
ومن يعرف المطارات الأمريكية، سوف يتذكر الرحلات الداخلية المزدحمة التي تشمل إجراءات الأمن فيها لمس أجسام الركاب للتأكد من عدم وجود أسلحة معهم قبل دخول الطائرات، وهو أسلوب لا يصلح لعصر ما بعد كورونا، ولن يطبق على الأرجح.
وتوقّعت المنظمة العالمية للسياحة، تراجع عدد السياح الوافدين عالميا بما يتراوح بين 60 و80 % في عام 2020 ، فالقيود المفروضة على السفر، وإغلاق المطارات والحدود، لكبح تفشي فيروس كورونا المستجد أغرقت السياحة العالمية في أسوأ أزمة منذ بدء تسجيل البيانات في عام 1950.
احتياجات عصر ما بعد كورونا
وتتحدث شركات القطاع الخاص إلى المطارات وشركات الطيران حول احتياجات عصر ما بعد كورونا، ومنها شركة "سوتر" للتقنية التى ابتكرت جهازاً يقيس نسبة الأكسجين في الدم وحرارة الجسم ونسب التنفس وضربات القلب، دون الاقتراب من الركاب، ويصل إلى مرحلة التركيب في شهر يونيو المقبل، وبدات مطارات مثل أبوظبي وشركة يونايتد الأمريكية للطيران الاستعداد للتعامل بالجهاز الجديد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة