هل يأتى من الجنة؟.. ما قاله التراث الإسلامى عن شريات الحياة نهر النيل

السبت، 02 مايو 2020 11:04 ص
هل يأتى من الجنة؟.. ما قاله التراث الإسلامى عن شريات الحياة نهر النيل نهر النيل
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعود مرة أخرى إلى كتاب "البداية والنهاية" لـ الحافظ بن كثير، لنتعرف من خلاله على واحد من أهم المصادر التى شكلت الخطاب الدينى الإسلامي، فتعالوا معا لنعرف ما قاله فى خلق "البحار والأنهار" لكن سنتوقف مع ما قاله فى "نهر النيل"

يقول كتاب البداية والنهاية:

فى (الصحيحين): من طريق قتادة، عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، أن رسول الله ﷺ، لما ذكر سدرة المنتهى، قال:

"فإذا يخرج من أصلها نهران باطنان، ونهران ظاهران، فأما الباطنان: ففى الجنة، وأما الظاهران: فالنيل، والفرات".
 
وفى لفظ فى البخاري: وعنصرهما أى مادتهما، أو شكلهما، وعلى صفتهما، ونعتهما، وليس فى الدنيا مما فى الجنة، إلا سماوية.
 
وفى (صحيح مسلم): من حديث عبيد الله بن عمر، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبى هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «سيحان، وجيحان، والفرات، والنيل، كل من أنهار الجنة ".
 
 
وقال الإمام أحمد: حدثنا ابن نمير، ويزيد، أنبأنا محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة، قال رسول الله ﷺ:
"فجرت أربعة أنهار من الجنة: الفرات، والنيل، وسيحان، وجيحان"، وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.
 
وكأن المراد، والله أعلم من هذا: أن هذه الأنهار تشبه أنهار الجنة فى صفائها وعذوبتها وجريانها، ومن جنس تلك فى هذه الصفات ونحوها، كما قال فى الحديث الآخر، الذى رواه الترمذي، وصححه من طريق سعيد بن عامر، عن محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن أبى هريرة، أن رسول الله ﷺ قال: "العجوة من الجنة، وفيها شفاء من السم".
أى تشبه ثمر الجنة، لا أنها مجتناة من الجنة، فإن الحس يشهد بخلاف ذلك، فتعين أن المراد غيره.
وكذا قوله ﷺ: "الحمى من فيح جهنم، فأبردوها بالماء ".
وكذا قوله: "إذا اشتد الحمى، فأبردوها بالماء، فإن شدة الحر من فيح جهنم "
وهكذا هذه الأنهار، أصل منبعها مشاهد من الأرض.
أما النيل: وهو النهر الذى ليس فى أنهار الدنيا له نظير فى خفته، ولطافته، وبعد مسراه فيما بين مبتداه إلى منتهاه؛ فمبتداه من الجبال القمر، أى البيض. ومنهم من يقول: جبال القمر بالإضافة إلى الكواكب، وهي: فى غربى الأرض، وراء خط الاستواء، إلى الجانب الجنوبى.
ويقال: إنها حمر ينبع من بينها عيون، ثم يجتمع من عشر مسيلات متباعدة، ثم يجتمع كل خمسة منها فى بحر، ثم يخرج منها أنهار ستة، ثم يجتمع كلها فى بحيرة أخرى، ثم يخرج منها نهر واحد هو: النيل، فيمر على بلاد السودان الحبشة، ثم على النوبة، ومدينتها العظمى دمقلة، ثم على أسوان، ثم يفدُ على ديار مصر.
بحيرة فيكتوريا
 
وقد تحمل إليها من بلاد الحبشة زيادات أمطارها، واجترف من ترابها، وهى محتاجة إليهما معًا، لأن مطرها قليل، لا يكفى زروعها، وأشجارها.
وتربتها رمال، لا تنبت شيئًا، حتى يجيء النيل بزيادته وطينه، فينبت فيه ما يحتاجون إليه، وهى من أحق الأراضي، بدخولها فى قوله تعالى: "أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ" [السجدة: 27] .
ثم يجاوز النيل مصر قليلًا، فيفترق شطرين عند قرية على شاطئه، يقال لها: شطنوف، فيمر الغربى على رشيد، ويصب فى البحر المالح.
وأما الشرقي: فتفترق أيضًا عند جوجر فرقتين، تمر الغربية منهما على دمياط من غربيها، ويصب فى البحر. والشرقية منهما تمر على أشمون طناح، فيصب هناك فى بحيرة شرقى دمياط، يقال لها بحيرة تنيس، وبحيرة دمياط.
وهذا بعد عظيم فيما بين مبتداه إلى منتهاه. ولهذا كان ألطف المياه.
قال ابن سينا: له خصوصيات دون مياه سائر الأرض.
فمنها: أنه أبعدها مسافة من مجراه إلى أقصاه.
ومنها: أنه يجرى على صخور ورمال، ليس فيه خز، ولا طحلب، ولا أوحال.
ومنها: أنه لا يخضر فيه حجر، ولا حصاة، وما ذاك إلا لصحة مزاجه، وحلاوته، ولطافته.
ومنها: أن زيادته فى أيام نقصان سائر الأنهار، ونقصانه فى أيام زيادتها وكثرتها.
وأما ما يذكره بعضهم من أن أصل منبع النيل من مكان مرتفع، اطلع عليه بعض الناس، فرأى هناك هولًا عظيمًا، وجوارى حسانًا، وأشياء غريبة، وأن الذى اطلع على ذلك، لا يمكنه الكلام بعد هذا، فهو من خرافات المؤرخين، وهذيانات الأفاكين.
النيل
 
وقد قال عبدالله بن لهيعة، عن قيس بن الحجاج، عمن حدثه قال: لما فتح عمرو بن عاص مصر، أتى أهلها إليه، حين دخل شهر بؤنة من أشهر العجم القبطية، فقالوا: أيها الأمير إن لنيلنا هذا سنة، لا يجرى إلا بها.
فقال لهم: وما ذاك؟
قالوا: إذا كان لثنتى عشرة ليلة، خلت من هذا الشهر، عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها، فأرضينا أبويها، وجعلنا عليها من الحلي، والثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها فى هذا النيل، فقال لهم عمرو:
إن هذا لا يكون فى الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما قبله، فأقاموا بؤنة، والنيل لا يجرى لا قليلًا، ولا كثيرًا.
وفى رواية: فأقاموا بؤنة، وأبيب، ومسرى، وهو لا يجري، حتى هموا بالجلاء.
فكتب عمرو إلى عمر بن الخطاب بذلك، فكتب إليه عمر: إنك قد أصبت بالذى فعلت، وإنى قد بعثت إليك بطاقة، داخل كتابى هذا، فألقها فى النيل.
مراكب
 
فلما قدِمَ كتابه، أخذ عمرو البطاقة، ففتحها، فإذا فيها: من عبد الله عمر، أمير المؤمنين، إلى نيل مصر، أما بعد:
فإن كنت تجرى من قبلك، فلا تجرِ، وإن كان الله الواحد القهار هو الذى يجريك، فنسأل الله أن يجريك.
فألقى عمرو البطاقة فى النيل، فأصبح يوم السبت. وقد أجرى الله النيل، ستة عشر ذراعًا، فى ليلة واحدة، وقطع الله تلك السنة، عن أهل مصر إلى اليوم.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة