خلق سيدنا آدم وتعليمه الأسماء.. ما قاله التراث الإسلامى فى أبى البشر

السبت، 16 مايو 2020 04:00 م
خلق سيدنا آدم وتعليمه الأسماء.. ما قاله التراث الإسلامى فى أبى البشر البداية والنهاية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أبو البشر، الإنسان الأول على ظهر الأرض، سيدنا آدم عليه السلام، دائما ما كانت قصته مقصدا يسعى الجميع لمعرفتها، ويستقون هذه المعرفة من الأديان ومن الحضارات أيضا، وقد شارك التراث الإسلامى فى ذلك، وقدم كتاب "البداية والنهاية" للحافظ بن كثير رأى التراث الإسلامى فى هذه المسألة.
 
يقول كتاب "البداية والنهاية" تحت عنوان "باب خلق آدم عليه السلام":
أخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلًا لهم: "إِنِى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً" [البقرة: 30]، وهو أعلم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضًا، كما قال "وَهُوَ الَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ" [الأنعام: 165] فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه، فقالت الملائكة سائلين على وجه الاستكشاف والاستعلام عن وجه الحكمة، لا على وجه الاعتراض والتنقص لبنى آدم، والحسد لهم كما قد يتوهمه بعض جهلة المفسرين.
 
"قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ" [البقرة: 30].
قيل: علموا أن ذلك كائن بما رأوا، ممن كان قبل آدم من الجن، قاله قتادة.
وقال عبد الله بن عمر: كانت الجن قبل آدم بألفى عام، فسفكوا الدماء، فبعث الله إليهم جندًا من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور.
وعن ابن عباس نحوه.
وعن الحسن ألهموا ذلك.
وقيل: لما اطلعوا عليه من اللوح المحفوظ، فقيل: أطلعهم عليه هاروت وماروت عن ملك فوقهما يقال له الشجل. رواه ابن أبى حاتم عن أبى جعفر الباقر.
وقيل: لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها إلا من يكون بهذه المثابة غالبًا "وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ" [البقرة: جزء من الآية 30] أى: نعبدك دائمًا لا يعصيك منا أحد.
 
فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوا، فها نحن لا نفتر ليلًا ولا نهارًا، قال: "قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ" [البقرة: 30] أى: أعلم من المصلحة الراجحة فى خلق هؤلاء ما لا تعلمون، أى سيوجد منهم الأنبياء، والمرسلون، والصديقون، والشهداء.
ثم بين لهم شرف آدم عليهم فى العلم، فقال: "وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا" [البقرة: 31].
قال ابن عباس: هى هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس، إنسان، ودابة، وأرض، وسهل، وبحر، وجبل، وجمل، وحمار، وأشباه ذلك من الأمم وغيرها.
وقال مجاهد: علمه اسم كل دابة، وكل طير، وكل شىء.
وكذا قال سعيد بن جبير، وقتادة، وغير واحد.
وقال الربيع: علمه أسماء الملائكة.
وقال عبد الرحمن بن زيد: علمه أسماء ذريته، والصحيح أنه علمه أسماء الذوات، وأفعالها، مكبرها ومصغرها، كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما.
وذكر البخارى هنا ما رواه هو، ومسلم، من طريق سعيد، وهشام عن قتادة، عن أنس بن مالك، عن رسول الله ﷺ قال:
"يجتمع المؤمنون يوم القيامة، فيقولون: لو استشفعنا إلى ربنا، فيأتون آدم فيقولون: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شىء" وذكر تمام الحديث.
"ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِى بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" [البقرة: 31].
قال الحسن البصرى: لما أراد الله خلق آدم قالت الملائكة: لا يخلق ربنا خلقًا إلا كنا أعلم منه فابتلوا بهذا، وذلك قوله "إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ".
"قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ" [البقرة: 32] أي: سبحانك أن يحيط أحد بشىء من علمك من غير تعليمك، كما قال "وَلَا يُحِيطُونَ بِشَىءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ" [البقرة: 255] .
 
"قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ" [البقرة: 33] أى: أعلم السر كما أعلم العلانية.
وقيل: إن المراد بقوله: "وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ" ما قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها.
وبقوله: "وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ" المراد بهذا الكلام: إبليس حين أسر الكبر والتخيرة على آدم عليه السلام.
قاله سعيد بن جبير، ومجاهد، والسدى، والضحاك، والثوري، واختاره ابن جرير.
وقال أبو العالية، والربيع، والحسن، وقتادة: "وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ" قولهم لن يخلق ربنا خلقًا إلا كنا أعلم منه، وأكرم عليه منه.
قوله "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ" [البقرة: 34] هذا إكرام عظيم من الله تعالى لآدم حين خلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، كما قال: "فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ" [الحجر: 29] ، فهذه أربع تشريفات:
خلقه له بيده الكريمة.
ونفخه فيه من روحه.
وأمره الملائكة بالسجود له.
وتعليمه أسماء الأشياء.
ولهذا قال له موسى الكليم حين اجتمع هو وإياه في الملأ الأعلى، وتناظرا: أنت آدم أبو البشر الذي خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة