أكرم القصاص - علا الشافعي

عباس شومان

جريمة الانتحار وخطورتها على المنتحر والمجتمع

السبت، 16 مايو 2020 09:31 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
النفس البشرية محل عناية ورعاية من شريعتنا الإسلامية الغراء، ليس نفس المسلم فقط ، ولكن النفس بصفة عامة، ولا يخفى أن من مقاصد شريعتنا العظمى التى جاءت لتحفظها للناس النفس البشرية، ولذا تعددت الأدلة فى كتاب الله – عز وجل - على تحريم الاعتداء على النفس بالقتل أو مادونه، وجعلت إزهاق الروح الواحدة بمثابة إهلاك البشرية؛ حيث قال تعالى: «من أجل ذلك كتبنا على بنى إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا»، ومع الكراهة الشديدة لإزهاق الأرواح فى شريعتنا ولأن النفس لا تستريح بغيره، جعلت القتل للقاتل عقوبة مفروضة: «ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف فى القتل إنه كان منصورا»، وليس تحريم قتل النفس عدوانا مقصورا على قتل الغير، بل هو جريمة أشد إذا كان على نفس القاتل، فنفسه التى بين جنبيه ليست ملكا له يتصرف فيها كيف يشاء، فهو نفسه مطالب بحفظها عن كل ما يضر بها، بداية من التغذية الصحيحة ومرورا بتجنيبها الهموم التى تعرضها للضعف والوهن، وعلاجها إن هى مرضت، وانتهاء بعدم تعريضها للهلاك: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة»، و«ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما»، ومن الوعيد الشديد الوارد فى قتل الإنسان لنفسه قوله – صلى الله عليه وسلم: مَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ فى نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فِيهِ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيها أَبَدًا، وَمَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَسُمُّهُ فى يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فيها أَبَدًا، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَديدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فى يَدِهِ يَجَأُ بِها فى بَطْنِهِ فى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيها أَبَدًا»، وهذا الوعيد الشديد لم يرد مثله فى قاتل غيره، ولذا لم يغب عن موضوعات المؤتمر ما شغل مساحة واسعة فى الآونة الأخيرة، حيث عادة جريمة الانتحار تطل برأسها من جديد فأودت بحياة بعض الشباب بطريقة شديدة الإيلام، ولذا كان من الضرورى أن يتعرض لها مؤتمر الأزهر مبينا خطورتها على الفرد الذى يفقد حياته، وعلى المجتمع الذى تهز مشاعره وتؤلمه هذه الجريمة النكراء، خاصة أهل المنتحر وأحبته، وتورث قلقا فى نفوس الآباء والأمهات على أولادهم الذين يعيشون ظروفا مماثلة لظروف المنتحرين، فبين المؤتمر أن جريمة الانتحار أبشع من جريمة قتل الإنسان لغيره الذى هو بمثابة قتل البشرية كاملة، حيث إن المنتحر يموت بجريمته دون وجود احتمال توبة منه، بينما قاتل غيره قد يتبرأ من جريمته بنيل العقوبة أو بعفو الأولياء عنه: «الانتحار جريمةٌ نكراء - طارئة على مجتمعاتنا - تزيد فى قبحها على جريمة قتل الإنسان لغيره، فالقاتل لغيره - وهو بمنزلة قاتل البشرية جميعا - قد ينجو من العقاب بعفو الأولياء أو نيل العقوبة فى الدنيا، أما المنتحر فإنه يموت بجريمته الشنعاء، ومن الواجب على العلماء والمفكرين والمعنيين بالتعليم والثقافة والشَّباب دراسةُ أسباب لجوء بعض الشباب لارتكاب هذه الجريمة، ووضع الحلول العاجلة والمتوسطة والبعيدة لوقف هذه الجريمة الوافدة على مجتمعنا الشرقى المتدين»، وللحديث بقية.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة