لأن أزمة فيروس كورونا هي أزمة عالمية بحق، فقد سار من الطبيعي أن ينظر الناس إلى ما تفعله الدول لمواجهة هذه الكارثة الإنسانية الكبرى، وفي الحقيقة فإن الواحد هنا لا يستطيع أن يخفي تلك الفرحة الواضحة بالأداء المصري والسعودي على وجه التحديد مقابل الدهشة الكبيرة من الأداء الأمريكي والأوربي، فمصر التي تعد ودولة "نامية" تقف بشراسة أمام هذا الوباء، تبتكر في حملات التوعية، تدافع عن الفئات المتضررة من الأزمة، تحمي المرأة وكبار السن، تدافع عن أولادها في الخارج بكل ما لديها من قوة وإمكانيات، كما أظهر الشعب المصري ثقة الواضحة في قرارات الحكومة وتوجيهات الرئاسة، فاستجاب لحظر التجول بأقصى ما يقدر عليه من استجابة، كما استجاب لحملات التوعية ومراعاة شروط الصحة العامة، وتخفيض التواجد في الشوارع والمصالح والمرافق العامة.
شاركت مصر بكل مؤسساتها في تلك الحرب الدائرة، قواتنا المسلحة سخرت إمكانياتها ومعداتها من أجل المشاركة فى أعمال مكافحة فیروس كورونا كل العناصر الطبیة تفانت في تقديم أقصى ما عندها قوات الداخلیة نفذت باحترافية إجراءات الحظر، وزارات الدعم اللوجستي وفرت مخزونا كبيرا من السلع كما ورفنا منحة 500 جنیه للعمالة غیر المنتظمة لمدة 3 أشهر، كما أكد الرئيس على تخصيص 250 ألف وحدة إسكان اجتماعى و100 ألف وحدة للمناطق الخطرة وأجلنا سداد الضریبة العقاریة على المصانع والمنشات
السیاحیة 3 أشهر ووفرنا قرضا لمساند الطیران المدنى بفترة سماح تمتد لعامین وسددنا 30 %من مستحقات المصدرین لدى صندوق دعم الصادرات وفي الطريق قانون لدعم المشروعات الصغیرة ومتناهیة الصغر كما خصصت مصر 6 مستشفیات جاهزة للافتتاح إذا – لا قدر الله تفاقم الوضع- وليس هذا فحسب بل قدمت مصر ید العون للدول المتضررة من كورونا مثل الصين وإيطاليا في رسالة إنسانية أكثر منها دبلوماسية، ناهيك عن الإجراءات التي اتخذتها مصر في السابق من تعقيم الشوارع والمصالح الحكومية والفنادق والأماكن الأثرية وتيسير التعامل في البنوك وتقديم تسهيلات غير مسبوقة في الإقراض أو المنح.
أما السلطات السعودية فقد اتخذت مجموعة من الإجراءات الاستثنائية بهدف مكافحة فيروس كورنا المستجد والحد من انتشاره في المملكة حيث علقت الدخول إلى المملكة لأغراض العمرة وزيارة المسجد النبوي الشريف مؤقتا كما علقت الدخول إلى المملكة بالتأشيرات السياحية للقادمين من الدول التي يشكل انتشار فيروس "كورونا" منها خطرا وأوقفت تصدير المنتجات الطبية والمخبرية المستخدمة للكشف أو الوقاية من مرض "كورونا" عبر المنافذ الجمركية وعلقت أيضا الدراسة مؤقتا في جميع مناطق ومحافظات المملكة حتى إشعار آخر.، وأجلت معرض الرياض الدولي للكتاب وأوقفت الدروس العلمية والبرامج الدعوية والمحاضرات وحلقات تحفيظ القرآن في جميع الجوامع والمساجد، وهي ذات الإجراءات التي اتبعتها مصر أيضا، غير أن تلك القرارات في السعودية كان لها مردود آخر، فمسألة تعليق الحج والعمرة قرار يتطلب شجاعة من نوع خاص، نظرا لأن تلك الشعائر تحتل مساحة كبيرة في قلوب المسلمين حول العالم، وتعليقها أمر يتطلب شجاعة نادرة وقوة وحزم، كانت من حسن الطالع أن تتوافر هذه الصفات في المملكة العربية السعودية الآن على يد خادم الحرمين الشريف الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهد الأمير محمد بن سلمان.
وفق ما سبق فقد قدمت مصر والسعودية مثالا يحتذى به في تلك الأزمة، سواء من حيث دعم الشعوب أو من حيث الوقاية والرعاية، وعلى الجانب الآخر في العالم الغربي فقد كشفت هذه الأزمة العديد من المفاجآت، فعلى سبيل المثال لم نكن نعلم أن هذا العالم "القوي" سينهار أمام هذه الوباء بهذا الشكل، وسمعنا لأول مرة في تاريخنا عن أن تلك الدول لا تستطيع أن توفر الرعاية الصحية لشعوبها، كما رأينا كيف انتشر هذا المرض بصورة مفزعة وتضاعفت أعداد من أصيبوا به بصورة أفزع، برغم أنه من المفترض أن مستوى العلم والثقافة أكبر بكثير، كما كان يفترض أن تكون الرعاية الصحية أكثر حنكة واحترافية، بل والأهم من هذا فقد كشف هذا الوباء العالمي أن تقدم تلك الدول ما هو إلا أكذوبة، فقد وقفت تلك الدول أمام هذا الفيروس موقف المتفرج، لم تشفع لها جامعاتها المتقدمة ولا مراكز أبحاثها المهولة ولا شركات أدورتها التي تمص دماء شعوب العالم، باختصار فقد كانت كورونا بمثابة القشة التي قسمت ظهر أوربا وأمريكا، وأكدت للعالم كله إن التقدم لم يعد حكرا على أحد، فهل نستوعب الدرس؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة