عادل السنهورى يكتب.." وليمة البترول" التى فشلت أمريكا فى ابتلاعها وحدها فأوقعت العالم فى أزمة جديدة..هل يتحمل الاقتصاد العالمى "مطرقة" النفط و"سندان" كورونا..وما مكاسب مصر من انهيار الأسعار..وخسائرها أيضا.!

الثلاثاء، 21 أبريل 2020 08:27 ص
عادل السنهورى يكتب.." وليمة البترول" التى فشلت أمريكا فى ابتلاعها وحدها فأوقعت العالم فى أزمة جديدة..هل يتحمل الاقتصاد العالمى "مطرقة" النفط و"سندان" كورونا..وما مكاسب مصر من انهيار الأسعار..وخسائرها أيضا.! البترول وكورونا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ماذا يحدث فى سوق النفط وماذا يحدث للصناعة الأهم والاكثر جذبا للاستثمارات فى العالم..ولماذا انهار سعر النفط الاميركى الى ما دون 1 دولار للبرميل وهل يتأثر الاقتصاد الاميريكى بما يحدث وما تاثير ذلك على الاقتصادات العالمية واقتصاد المنطقة ..وما مكاسب وخسائر مصر من الازمة الحالية..؟  كلها أسئلة وجد العالم نفسه- ونحن معه بالطبع- محاصرا بها فى ظل حصار آخر لا تبدو له آفق للنهاية قريبا وهو تفشى فيروس كورونا المستجد..فهل يتحمل الاقتصاد العالمى " مطرقة" أزمة النفط الاميركية و" سندان" استمرار انتشار الفيروس.

" وليمة البترول" التى سعت وخططت للاستيلاء عليها وابتلاعها وحدها الولايات المتحدة الأميركية للسيطرة على سوق النفط منذ اكثر 45 عاما، يبدو أن واشنطن تغرق فيها الآن ولم تقدر عليها بمفردها و تدرك الآن ان خطتها سوف تغرق العالم معها، الا اذا كان هناك حلول عاجلة وحاسمة لاعادة التوازن مرة آخرى لسوق النفط وعودة سيطرة منظمة الأوبك عليه من جديد والتفكير فى التخلى عن سياسة التسعيرة التقليدية والمعروفة بـ"البترودولار"..فقد حاولت الولايات المتحدة اصطياد العالم ..فوقعت فى الفخ.!

لكن ماذا يعنى ذلك وما علاقته بالتهاوى والانهيار لسعر النفط الأميركى الى مادون 1 دولار للبرميل؟ وما الاجابة عن الأسئلة السابقة؟

أقول لك الحكاية من البداية وصولا للحظة الآنية ..فالولايات المتحدة الأميركية كانت لديها استراتيجية معلنة على لسان رؤساءها ووزراء خارجيتها وخبراءها الاستيراتيجيون عقب حرب أكتوب 1973 والنى لعب فيها سلاح النفط دورا مؤثرا، بأن لا يكون لديها أو تحديدا اقتصادها الذى يمثل أكثر من 20% من اجمالى الاقتصاد العالمى احتياجا أو اعتمادا للنفط الخارجى وخاصة بترول العرب. وبدات فى تنفيذ الاستراتيجية بالفعل من خلال ضخ استثمارات ضخمة للتنقيب عن ما يسمى بالنفط الصخرى وزيادة المخزون الاستراتيجي داخل أراضيها بمعدل سنوى لكن مع أزمة ارتفاع أسعار النفط عالميا مع سيطرة منظمة الأوبك – منظمة الدول المنتجة للبترول عالميا- كما حدث عام 99 وصولا الى عام 2008 ووصول سعر البرميل الى 136 دولار، صدر قرار من الادارة الأميركية بموافقة الكونجرس بالعمل على تجهيز مخزون استراتيجي ضخم من النفط الاميركى  لمدة 4 سنوات تستغنى به الولايات المتحدة عن استيارد النفط من خارجها ولا يتأثر به الاقتصاد الأميركى هبوطا بل يمكن لواشنطن التأثير من خلال هذا المخزون التاثير فى الاقتصادات العالمية بالتحكم فى سعر النفط.

ولم تستخدم الولايات المتحدة هذا المخزون الا بعد ظهور الزيت الصخرى فى أراضيها فى عام 2009 وحدد سعره بحوالى 75 دولار للبرميل واعتبرته شركات الانتاج سعرا غير مربح وادى ذلك الى ارتفاع اسعار النفط الى 80 دولار مع بداية الانتاج واستمر ذلك حتى عام 2013 وفجأت العالم فى بداية عام 2014 بانتاج 10 مليون برميل يوميا مما أدى الى تخمة أو زيادة فى المعروض من النفط فى السوق العالمى فانخفض السعر حتى بلغ 25 دولارا ..واستطاعت الولايات المتحدة الأميركية التحكم فى سوق النفط العالمى واستمر ذلك حتى عام 2017

فى ذلك الوقت استشعرت المملكة العربية السعودية احد أكبر منتجى البترول فى العالم بأنها فى أزمة مع انخفاض سعر النفط وتاثيره على اقتصادها وخطط التنمية المستقبلية فتفاوضت مع روسيا- فيما سمى -أوبك بلس- للتباحث حول امكانية خفض الانتاج بمعدل 2.5 مليون برميل يوميا لامتصاص التخمة والمعروض وهو ما أدى الى تعافى الاسعار قليلا رغم أنه لم يؤت نتائج حقيقية بسبب الخلاف على نسبة الانتاج، بالتزامن مع استمرار انخفاض المخزون الفيدرالى الاميركي.

مع ظهور فيروس كورونا المستجد وانشغال العالم بمواجهته والاستشعار بأن الاقتصاد العالمى مقبل على مرحلة انكماش او ربما كساد كبير، اضطرت أكبر دولتين مستوردتين للنفط الأميركى وهما الصين والهند الى الغاء التعاقدات الطويلة الآجل مع الولايات المتحدة الاميركية فى يناير الماضى.

فبدأت اسعار النفط تتهاوى الى 22 دولار حتى 11 مارس الماضى. لكن تهاوى الأسعار لم يتوقف عند هذا الحد وخاصة مع طلب الرئيس الاميريكى دونالد ترامب من شركات النفط الأميركية السبع توجيه جزء من استثماراتها لبعض شركات صناعة السيارات والصناعات الثقيلة من أجل تصنيع المستلزمات الطبية وأجهزة التنفس اللازمة لمواجهه تفشى فيروس كورونا فى الولايات المتحدة الأميريكية ومع زيادة أعداد الاصابات والوفيات واتخاذ الادارة الاميريكة حزمة من الاجراءات الاحترازية بما فيها حظر التجوال والاغلاق وعدم الذهاب الى العمل وهو ما ادى الى توقف جزء كبير من الشركات والمصانع وتراجع استهلاك الوقود بنسبة كبيرة وهو ما أدى الى حدوث فائض ضخم فى انتاجها يقدره خبراء البترول بحوالى 983 مليون برميل بما يعنى وجود وفرة وتخمة من الزيت الخام بما يؤثر على الاقتصاد الأميريكى وشركات تكنولوجيا البترول

وكما يتوقع الخبراء فان هذا الانهيار فى اسعار النفط الاميريكى سوف يؤثر سلبيا على أداء البورصات الاميريكية وعلى الشركات المدرجة فيها.

سألت الدكتور جمال القليوبى أستاذ هندسة البترول والطاقة والخبير البترولى عن التأثيرات على منطقتنا العربية ومصر. قال:" ان النفط العربى والمتمثل غالبيته فى دول الخليج مازال يعتمد فى تعامله مع السوق العالمى على نفط خام برنت وهو الأعلى سعرا فى تقييمه طبقا لمعهد البترول الاميريكي مع الخام الاميريكي من حيث الطاقة الحرارية، وتحكمه نظرية العرض والطلب والسوق العالمى متعطش له وسعر برنت مازال فى مستوى سعرى مرتفع فوق 25 دولارا ويحصل العالم منه على البنزين والسولار والبوتاجاز.. لكن ما يحدث فى سوق النفط الاميريكى سوف يؤثر بالسلب على سعر خام برنت فى ظل حدوث التخمة وزيادة المعروض وهو ما سنراه فى الايام المقبلة. كما ان اقتصادات العالم سوف تتاثر فى حالة حدوث أية هزات للاقتصاد الاميريكى.

ويطالب الخبير البترولى جمال القليوبى بضرورة تدخل منظمة الاوبك والسيطرة مرة آخرى على سوق النفط العالمى والبحث عن بديل حقيقى لتسعير برميل النفط بدلا من "البترودولار" لأن الاستمرار فى سياسة التسعير الحالية سوف تهوى بمجمل سوق النفط . بالتالى يمكن تسعير النفط بالايوان الصينى او الين اليابانى أو اليورو الاوروبى.

بالتأكيد السؤال المنطقى فى ظل ما يحدث وما هى مكاسب وخسائر مصر من هذه الأزمة..؟

هناك استفادة بالتأكيد فمصر تستورد حوالى 45% من احتياجاتها من البترول من الخارج وخاصة من دول الخليج ومع انخفاض الأسعار العالمية عموما سواء الخام الاميريكى او خام برنت يكون له تأثير ايجابى على الموازنة العامة التى قيمت سعر الدولار عند اعدادها بحوالى 61 دولار وهو ما يحقق فائض جيد فى الموازنة فكل دولار انخفاض فى سعر البترول يوفر 3 مليارات جنيه . ومصر لديها عقود طويلة الآجل يعنى اكثر من 5 سنوات وخاصة مع السعودية والعراق وفى حالى استمرار سعر برميل النفط فى الانخفاض اكثر من 6 شهور يحق تعديل أسعار التعاقدات.

أما الجانب السلبى فربما يتعلق بالشركات العالمية التى تستثمر فى قطاع التنقيب فى مصر وتأثرها بما يحدث فى سوق النفط العالمى والأميريكى تحديدا وربما يؤدى الى تفكيرها الى تعليق نشاطاتها ترقبا لما سوف تسفر عنه الأزمة الحالية فى اسعار النفط لكن أظن- كما يقول الدكتور القليوبى- ان مصر متحسبة لمثل هذه التطورات

 

عموما يبدو أنهناك حراك دولى لانقاذ الوضع،  فمنظمة البلدان المصدرة للبترول ومنتجو نفط كبار آخرون بقيادة روسيا، في إطار ما يعرف بمجموعة أوبك+، اتفقت على خفض إنتاجهم النفطي مجتمعين بمقدار 9.7 مليون برميل يوميا في مايو  ويونيو المقبلين لمواجهة الفائض في الإمدادات الناجم عن أزمة فيروس كورونا، فهل هو حراك كاف وحده..؟

بالتاكيد كما يقول خبراء آخرون انه  لن يكون له تأثير كبير وحده على الأسعار دون حدوث خفض إضافي بنفس الكمية، وذلك بسبب الانخفاض الحاد في الطلب. فالطلب على البترول انخفض بنحو 20 مليون برميل يوميا خلال الفترة الأخيرة مع تداعيات انتشار فيروس كورونا من أصل 100 مليون برميل، ولا بد من تغطية هذه الفجوة للتأثير على الأسعار. فأزمة انتشار فيروس كورونا أدت إلى تراجع كبير في استهلاك النفط مع تراجع حركة الطيران، وحركة السيارات مع خفض التجول، وإنتاج المصانع الذي تراجع خاصة في عدد من الدول عالية الاستهلاك للبترول مثل الولايات المتحدة والصين وأوروبا.

وهناك اجماع أن الأزمة الحالية فى سوق النفط لن تظهر ملامحها وينقشع الغموض عنها الا بعد نجاح العالم فى محاصرة كورونا ثم عليه بعد ذلك فك شيفرة " الفخ الاميريكى" الذى جاء فى الوقت الخطأ...

 







مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة