وتجمع المتظاهرون اللبنانيون في عدد من ساحات وميادين العاصمة بيروت ومحافظات جبل لبنان والشمال والجنوب وبعلبك الهرمل، ورفعوا أعلام لبنان وأطلق بعضهم الهتافات الاحتجاجية السياسية والاجتماعية، في حين ركز الجانب الأكبر منهم على الانطلاق في مسيرات بالسيارات تجوب الشوارع وإطلاق الهتافات الاحتجاجية.

وشهدت ساحة الشهداء بوسط العاصمة بيروت تجمعا حاشدا من المتظاهرين الذين حرص معظمهم على ارتداء الكمامات الواقية والقفازات البلاستيكية كتدبير وقائي من فيروس كورونا، كما تجمعت أعداد كبيرة من السيارات في إطار التحرك الاحتجاجي، في حين حملت سيارات مكبرات صوت التي تصدر عنها الأغاني الحماسية والثورية.

وتركزت الهتافات والمطالب والشعارات التي رفعها المحتجون على الأمور والجوانب الاقتصادية، مشيرين إلى أن خيار "الموت جوعا" أصبح هو الأقرب من الموت جراء الإصابة بفيروس كورونا، وأنهم يفضلون "الموت في الشارع وهم يدافعون عن كرامتهم وكرامة بلادهم". على حد تعبيرهم.

وأشاروا إلى أن اللبنانيين تضرروا كثيرا من التدهور الاقتصادي والمالي والنقدي والذي بلغ حد عدم تمكن المواطنين من سحب أموالهم في البنوك، في مقابل ارتفاع حاد في أسعار السلع الغذائية والأساسية وضعف الخدمات وإحساسهم أن مدخراتهم في القطاع المصرفي مهددة بالضياع أو الاقتطاع منها جراء ما وصلت إليه الأوضاع من تراجع لافت.

وشن المحتجون هجوما حادا على "الطاقم والطبقة السياسية" في البلاد، محملين إياهم السبب في ما وصلت إليه الأوضاع من تراجع وتدهور عنيف، ومشددين على أن "الثورة مستمرة" في مواجهة الأوضاع القائمة في لبنان.
كانت انتفاضة الـ17 من أكتوبر الماضي قد فقدت زخمها والتحركات الاحتجاجية التي صاحبتها منذ اندلاعها، جراء المخاوف من انتشار فيروس كورونا بين المتظاهرين.

ويشهد لبنان أزمة مالية واقتصادية ونقدية حادة وتدهورا في الأوضاع المعيشية، على نحو غير مسبوق منذ فترة انتهاء الحرب الأهلية عام 1990.
وتسارعت وتيرة الأزمة الاقتصادية بصورة كبيرة تزامنا مع انتفاضة اللبنانيين التي اندلعت في 17 أكتوبر الماضي، حيث تشهد البلاد أزمات في مختلف القطاعات الأساسية، لاسيما المحروقات والمشتقات النفطية، والكهرباء، والعلاج والأدوية، والقمح وغيرها.

كما تسبب النقص الحاد في الدولار الأمريكي إلى اهتزاز سعر صرف الليرة اللبنانية وانخفاضه لأكثر من 100% في السوق الموازية وتراجع القدرة الشرائية للعملة المحلية ووجود سعرين للصرف، الأول بمعرفة البنك المركزي (الدولار يساوي 1500 ليرة) والثاني في السوق الموازية (الدولار يساوي 3000 ليرة بحد أدنى) بما أدى إلى تراجع حركة الاستيراد بصورة كبيرة وتأثر العديد من القطاعات الأساسية في البلاد وجمود شبه كامل في حركة التجارة والصناعة.