بدأت بعض دول العالم في اتخاذ إجراءات لتخفيف القيود المفروضة لمواجهة مرض"كورونا "، ففي ألمانيا التي بلغت نسبة الإصابة فيها أكثر من 135 ألف إصابة، تقرر تخفيف القيود بحيث تفتح المتاجر التي تقدر مساحتها ب800 متر مربع، وفي فرنسا قال الرئيس الفرنسي ماكرون أن الأوضاع تتحسن تدريجيا ببطء وننوي تخفيف القيود اعتبارا من 11 مايو، وفي إيطاليا أعلنت الحكومة أنها لن تبدأ تخفيف القيود قبل 3 مايو، وفي أمريكا هناك صراعا بين الرئيس الأمريكي ترامب الذي يدعو إلي الإسراع في عودة النشاط الاقتصادي، وحكام الولايات الذين ينتمون إلي الحزب الديمقراطي.
وأمام هذه الإجراءات التي بدأت بعض دول العالم في اتخاذها يفرض السؤال نفسه علينا في مصر: هل نسايرها ونقرر العودة إلي النشاط في كافة مؤسسات الدولة ؟..طرح السؤال أمر طبيعي لأننا جزء من العالم، ولسنا في عزلة عنه، كما أن الإجراءات المتبعة في كل دول العالم ومنها مصر تؤدي إلي خسائر اقتصادية فادحة ستلقي بنتائجها حتما، لكن في نفس الوقت فإن لكل دولة ظروفها التي تختلف عن الأخرى وهي تحدد مسارها في كيفية التعامل مع هذه الأزمة.
والوقوف أمام طريقة التعامل من بعض دول العالم التي تفشي فيها "الفيروس" وتعاملنا نحن في مصر معه، قد يساعدنا في الوصول إلي الإجابة علي السؤال المطروح، فالوقائع تؤكد أنه انتشر في بصورته المفزعة في أسبابنا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا وأمريكا بسبب حالة التهاون والاستهتار في التعامل معه، وإذا عدنا إلي الوراء قليلا سنجد مثلا أن تواصل أنشطة دوريات كرة القدم في أسبانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، وكذلك تواصل الأنشطة في كل نواحي الحياة التي تحقق الاختلاط الجماعي كانت هي السبب الرئيس في تفشي الفيروس لدي هذه الدول ، ولوأضفنا إليها حالة الاستهتار بالأزمة التي سادت في بداية الأزمة داخل الإدارة الأمريكية، فإننا سنكون أمام حقيقة أن الاستهتار هو من أكبر الأسباب الي أدت إلي أن يصل عدد المصابين بالفيروس حتي مساء أمس الأحد 2 مليون 382 ألفا و64 إصابة، وعدد الضحايا 365 ألفا و636 متوفيا، والعدد في ازدياد كل ساعة.
كان الأمر في مصر مختلفا حيث بدأت الإجراءات الحكومية في مواجهة الأزمة بفرض حظر التجول الجزئي، ووقف الدراسة في المدارس والجامعات والأنشطة الرياضية، ومنع الصلاة في المساجد والكنائس، ووقف تسيير الرحلات الجوية، وتقليل عدد العمالة في المؤسسات، وغيرها من الإجراءات التي أدت جميعها إلي عدم تفشي الفيروس، فبالرغم من أن عدد الإصابات في مصر وصل حتي مساء أمس الأحد 3144 حالة، وتم شفاء 732 والوفيات 239 ،إلا أننا وحسب شهادة منظمة الصحة العالمية لم نصل بعد إلي ذروة الإصابات، والشهادة هنا تأتي علي لسان الدكتور عمر أبوالعطا، مسئول الترصد بالمنظمة في اتصال له مع برنامج "علي مسئوليتي"، وأضاف فيه :"لدينا فرصة ذهبية لتقليل معدلات العدوي، ويجب استغلالها لتقليل أعداد الإصابات، وأن تفعيل الإجراءات التي اتخذتها الدولة يساعد علي انخفاض الإصابات، وأن المواجهة هي مواجهة جماعية وليست فردية"، وقال منبها :"الدول التي تهاونت في التصدي لفيروس كرورنا ارتفع معدل الإصابات لديها".
هذا الكلام لمسئول في المنظمة الدولية المعنية، يجب التوقف أمامه بعين الاعتبار، فهو يتحدث بوضوح عن أنه أمامنا "فرصة ذهبية يجب استغلالها"، والفرصة تكون بالاستجابة للإجراءات التي اتخذتها الدولة، في نفس الوقت ينبهنا إلي أن الدول التي استهترت هي التي تدفع الثمن الآن، فماذا يعني ذلك؟
يعني أنه سيكون من الخطأ الإسراع قبل الآوان في تخطي أي من هذه الإجراءات، أو المطالبة دون دراسة بإلغائها والعودة إلي الحياة الكاملة في كافة الأنشطة..أقول ذلك حتي لانفقد جهدا طيبا مبذولا سيأتي بثماره .