بيشوى رمزى

ثورة "كورونا" على الديمقراطية العالمية

الأربعاء، 25 مارس 2020 11:54 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حالة من الطوارئ يشهدها العالم في المرحلة الراهنة، بسبب فيروس كورونا، لم تتوقف على حملات رفعت شعار "البقاء في المنزل"، وإنما امتدت إلى إجراءات لفرض حظر التجول، ومنع المواطنين بالقوة من الخروج، وذلك بعد ارتفاع عدد حالات الإصابات والوفيات، في العديد من الدول، من مشارق الشمس إلى مغاربها، لتتساوى أمام الفيروس القاتل دول العالم المتقدم والنامى، خاصة بعدما اقتحم المرض دولا أوروبية ذات إمكانات هائلة في مجال الطب، على رأسها إيطاليا وإسبانيا وغيرهما.

وعلى الرغم من أن الطوارئ الدولية المفروضة على العالم في المرحلة الراهنة، ارتبطت بصورة وثيقة بمسألة تبدو استثنائية إلى حد كبير، إلا أنها تمثل تغييرا ملحا في مشهد الديمقراطية العالمية، خاصة وأن العديد من دول العالم المتقدم، طالما تشدقت بالمساحة الكبيرة التي كانت تمنحها لمواطنيها من الحرية، خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار التجربة الصينية، التي طالما وصفها الغرب بالسلطوية والديكتاتورية، والتقاعس عن مجاراة الديمقراطية الحديثة، فيما يتعلق بالنجاح الكبير الذى تحقق في مجابهة فيروس كورونا.

وهنا يمكننا القول بأن ثمة تغيير كبير ربما يشهده مفهوم الديمقراطية في المستقبل القريب، بدأت ملامحه تتجلى مؤخرا، مع تفاقم أزمة "كورونا"، في إطار نجاح الصين، التي يصنفها الغرب باعتبارها نموذجا سلطويا، في مجابهة الفيروس القاتل، رغم أنه اندلع من أراضيها، من جانب، بينما فشلت دول العالم المتقدم، ذات الطبيعة الديمقراطية، في احتواء الأمر إلى الحد الذى أسفر عن كارثة إنسانية ربما غير مسبوقة، تشهدها إيطاليا، في الوقت الذى تثور فيه مخاوف كبيرة من تكرار المشهد الإيطالى في دولا أخرى، على غرار إسبانيا وألمانيا، وربما الولايات المتحدة، والتي أعلنت مدينة نيويورك "منطقة أزمة".

يبدو أن "كورونا" يمثل اختبار جديدا للنظام الديمقراطى التقليدي، في إطار حقبة يتشكل فيها نظاما دوليا جديدا، يبدو متعدد الأقطاب، لن تستأثر فيها قوى دولية بعينها بمقاليد الأمور الدولية، على حساب غيرها من القوى الأخرى، وهو ما يبدو في الصعود الكبير لكلا من روسيا والصين ونجاحهما المنقطع النظير في مزاحمة النفوذ الأمريكي في العديد من مناطق العالم.

أزمة "كورونا"، تمثل امتدادا صريحا لما يمكننا تسميته بحالة "الثورة" على الديمقراطية، وهى تلك الحالة التي بدأتها شعوب العالم المتقدم، في أوروبا والولايات المتحدة، في السنوات الأخيرة، احتجاجا لما أسفرت عنه الصناديق الانتخابية، وهو ما يعد بمثابة "انقلابا" صريحا على القواعد التي طالما أرستها تلك الدول، بينما ظهرت بجلاء في التوجه نحو تيارات اليمين المتطرف بعد ذلك، لتصل إلى مداها في حالة "الحنين" إلى عصور الديكتاتورية عبر تدشين حركات ومسيرات لرثاء زعماء النازية والفاشية التاريخيين، خاصة في دول القارة العجوز، على غرار هتلر وموسولينى وأخيرا فرانكو في إسبانيا، عندما ثار قطاع كبير من المواطنين احتجاجا على نقل مقبرته من إحدى الكاتدرائيات إلى مقبرة عادية.

الديمقراطية في مفهومها التقليدي تواجه أزمات، أو ربما اختبارات متلاحقة، في إطار نظام عالمى يتغير، وبالتالي يبدو أن بقائها مرتبط ببقاء النظام التقليدي، الذى أرسته واشنطن وحلفائها في الغرب الأوربي في أعقاب الحرب الباردة، بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، واستئثار الولايات المتحدة بالهيمنة على قمة النظام الدولى، وهو الأمر الذى بات من الصعب استمراره في ظل العديد من المتغيرات السياسية والاقتصادية والمعطيات الدولية الجديدة، بعدما نجحت قوى جديدة في البزوغ لمزاحمة القوى الأمريكية.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة