فتاوى كورونا.. "اليوم السابع" يقدم دليلاً مجمعا بأبرز الفتاوى بشأن التساؤلات الشرعية حول فيروس كورونا.. الفتاوى توضح كيفية الصلاة فى المنزل وطريقة صلاة الجنازة.. وحكم تغسيل الميت بالفيروس والاستهزاء بالوباء

الإثنين، 23 مارس 2020 03:00 م
فتاوى كورونا.. "اليوم السابع" يقدم دليلاً مجمعا بأبرز الفتاوى بشأن التساؤلات الشرعية حول فيروس كورونا.. الفتاوى توضح كيفية الصلاة فى المنزل وطريقة صلاة الجنازة.. وحكم تغسيل الميت بالفيروس والاستهزاء بالوباء مركز الازهر العالمى للفتوى الالكترونية
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

منذ اتخاذ الحكومة المصرية إجراءاتها لمنع تفشى فيروس كورونا المستجد، كانت المؤسسات الدينية ممثلة في الأزهر الشريف،على خط المواجهة تقف جنبا إلى جنبا مع إجراءات الدولة، بالإضافة إلى إصدارها العديد من الفتاوى، والتى تتماشى مع ما يشغل بال الناس.

اليوم السابع حصر كل ما صدر عن مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية حتى الآن من فتاوى تعتبر دليلًا شاملًا لكيفية التعامل الأمثل مع مصابي وضحايا الأمراض الناتجة عن الأوبئة والفيروسات المختلفة من الناحية الشرعية تتناول جميع الأحكام المتعلقة بالمصابين أو المتوفين جراء هذه الأمراض، وكيفية الوقاية منها، وما ينبغى على المسلم فعله في مثل هذه الحالات فى عباداته وتعاملاته، حيث قام المركز بنشر هذه الفتاوى باللغة العربية وثلاث عشرة لغة، منها الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية كتوجيهات للأمة فى كل مكان، وحرصًا منه على سلامة أفرادها.

 

ومن تلك الفتاوى التى تم رصدها:

1-  10 إرشادات للصَّلاة فى المنزل من مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية

1) أثناء مُلازمة المنازل هذه الأيام يُستحبّ أن تُقام جميع الصَّلوات فى أول وقتها، عدا صلاة العشاء؛ فيُستحبّ تأخيرها إلى قبل مُنتصف الليل.

2) يَكتفى المُصلّون فى منازلهم بأذان المسجد، وتُستحب إقامةُ أحدِهم للصَّلاة قبل أدائها.

3) يُستحب أنْ يُقيم الرَّجل صلاةَ الجماعة فى بيته، وأنْ يَؤمَّ أهله ذُكورًا، وإناثًا فيها.

4) إذا صلَّى الرَّجل بزوجته جماعةً؛ وقفت الزَّوجة خلفَه.

5) إذا كان للرَّجل ولدٌ من الذُّكور وزوجة؛ صلَّى الولد عن يمينه، وصلَّت زوجتُه خلفَه.

6) إذا كان للرَّجل أولادٌ ذكورٌ وإناثٌ وزوجةٌ؛ صلَّى الذُّكورُ خلفه فى صفٍّ، وصلَّت الزَّوجة والبنات فى صفٍّ آخر خلف الذُّكور.

7) تُصلَّى سُننُ الصَّلوات الرَّواتب في المنزل على وجهها المعلوم قبل الصَّلاة وبعدها (ركعتان قبل الفجر - أربع ركعات قبل الظُّهر واثنان بعده - ركعتان بعد المغرب - ركعتان بعد العِشاء).

8) يُشرع لمصلِّي الفجر في منزله أن يجلس في مُصَلَّاه يذكر اللهَ حتى تطلع الشَّمس ثم يُصلِّي ركعتين؛ ويُكتَب له إن شاء الله تعالى أجر ذلك ممَّا أخبر به سيدنا رسول الله ﷺ (أجر حجَّة وعمرة تامّة).

9) يُشرع القنوتُ (الدُّعاء) بعد الرَّفع من ركوع آخر ركعة من الصَّلوات الخمس المكتوبة؛ تضرُّعًا إلى الله سُبحانه أن يرفع عنَّا وعن العالمين البلاء.

(10) تُصلَّى الجُمُعةُ ظهرًا فى المنازل أربع ركعات جماعةً أو انفرادًا.

 

2- حكم الاستهزاء بالمرض والوباء أو إجراءات الوقاية

الاستهزاء والسخرية، وهو: حمل الأقوال والأفعال على الهزل واللعب، لا على الجد والحقيقة، وبالاستهزاء يكون التكذيب وقلب الحقائق وتشويهها.

ومثل هذه الأفعال نهى الشارع الحكيم عنها وخاصة في الأمور التي تدعو إليها الشرائع القويمة والعقول السليمة والقيادات الحكيمة عند شدائد الأمور، فلا يليق بحال من الأحوال أن تكون أخلاق الناس عند الابتلاء والشدائد السخرية والاستهزاء؛ بل مما ينبغي لفت الأنظار إليه أن ما تدعو إليه منظمة الصحة العالمية وغيرها من وزارات الصحة في دول العالم للتعامل مع هذا الوباء والمرض من إرشادات وما شابهها من إجراءات احترازية، وتعاليم وقائية ليس بدعًا من الدين ولا خروجًا عن العقل حتى نسخر أو نستهزأ منها؛ بل دعا ديننا من قبل 1400 عام إلى مثلها؛ فاليوم تطالب هذه المنظمات بعدم السفر مِن وإلى المناطق التي ينتشر فيه المرض، وهذا عين ما دعا إليه رسولنا -صلى الله عليه وسلم- حيث قال - عليه الصلاة والسلام-: "إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ [يعني: الطاعون] بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْه" [مسند أحمد].

وتدعو اليوم هذه المنظمات إلى ارتداء غطاء الفم والأنف -الكمامات الطبية-  أو إلى تغطية الفم أثناء العطاس والسعال، وهذا عين ما قد أتى به ديننا فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، كَانَ إِذَا عَطَسَ، غَطَّى وَجْهَهُ بِيَدِهِ أَوْ بِثَوْبِهِ، وَغَضَّ بِهَا صَوْتَهُ" [سنن الترمذي، وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ].

وتدعو هذه المنظمات إلى النظافة في البدن والملبس وهذا -ولله الحمد- من أظهر ما يدعو إليه ديننا الحنيف؛ فممَّ يسخر أو يستهزيء هؤلاء العقلاء؟

بل الواجب على العاقل –بدل أن يسخر أو يهزأ– أن يطيع ويتبع إجراءات السلامة حفاظًا على نفسه التي هي من أعظم الكليات الخمس التي دعته الشريعة إلى حفظها وعدم تعريضها لما يهلكها، فقال  الله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ  وَأَحْسِنُوا  إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}  [البقرة: 195].

وعليه أن يسأل الله المعافاة، وإذا كان مقصِّرًا أن يعود إلى مولاه بالتوبة والإنابة، وأما مقابلة هذا الابتلاء بالسخرية والاستهزاء فقد يدخله في قوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43].

 

3- حكم تعقيم الأماكن العامَّة والمساجد بـ "الكُحول

 "

إنَّ الكُحول مُركَّب كيميائي مُكوَّن من ذرات الكربون وذرات الهيدروجين التي تنتهي بمجموعة من الهيدروكسيل (OH).

وليس كل ما يُسمَّى كحولًا عند الكيميائيين يلزم أن يكون مُسكرًا، فالمادَّة الكُحولّيّة التي لا إسكار فيها، وتشكلت من مواد أخرى غير الكُحول المُسكر، ولها صفات غير صفاته تُعتبر طاهرةً؛ لاستحالتها، ولا حرج شرعًا في استخدامها كمعقم للبدن أو الأسطح، وتصحّ الصَّلاة مع وجودها على بدن المُصلي أو في مكان صلاته.

أما الكُحول الذي لم يفقد ماهيتَه ولا خصائصه، وإنما ظلَّ على حاله من التَّركيب والإسكار؛ فمختلف في طهارته؛ تبعًا لاختلاف الفقهاء المعاصرين في إلحاق الكُحول بالخمر في النَّجاسة والسُّكر ، ولا حرج شرعًا من استخدام الكُحول طبيًّا كمطهر، ولا حرج في تعقيم الأسطح والأماكن العامّة والمساجد به.

 

4- حكم تقييد ولى الأمر للشعائر الإسلامية

من أعظم فضائل الله تعالىٰ ومننه علىٰ عباده، أن ميّز الشريعة الغراء بالشمول والكمال، فوسعت جميع الأعصار والأمصار، بما زخرت به من الأصول النافعة، والمقاصد الجامعة لقضايا الدين والدنيا معًا، كما حوت أصولًا وقواعد ملأت الأرض عدلًا وحكمة وتيسيرًا في تنظيم مصالح العباد في أمور المعاش والمعاد؛ مما كان له الأثر البالغ في تحقيق الخير للأفراد والمجتمعات، وإصابة الحق في الاجتهادات والمستجدات.

وإن مما أقرته الشريعة الإسلامية، وأولته مكانة كبيرة مقام ولي الأمر، فأمرت بطاعته، وحرمت معصيته؛ حتىٰ تستقيم أمور الرعية، ويتمكن من تحقيق الغاية التي نُصّب لها، وهي غاية عظيمة مكونة من أصلين:

الأول: نصرة الدين، والحفاظ علىٰ أصوله وقواعده.

والثاني: تدبير أمور الرعية، وسياسة الدولة الدنيوية بما تقتضيه المصلحة العامة المعتبرة.

إذ مراعاة المصلحة المعتبرة أصلٌ من أصول الدين، كما قال الإمام الشاطبي رحمه الله (الموافقات 2/ 12): "استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد".

وأوضحه الإمام الطاهر بن عاشور رحمه الله (مقاصد الشريعة (3/ 194 – 230) بقوله: "إن مقصد الشريعة من التشريع حفظ نظام العالم، وضبط تصرف الناس فيه على وجه يعصم من التفاسد والتهالك"، ويقول أيضًا: "المقصد العام من التشريع هو حفظ نظام الأمة، واستدامة صلاح المجتمع، باستدامة صلاح المهيمن عليه وهو الإنسان".

ولذلك فقد كفلت الشريعة الإسلامية لولي الأمر تدبيرَ كثير من الأمور الاجتهادية وفق اجتهاده الذي يتوصل إليه بعد النظر السليم، والبحث والتحري، واستشارة أهل العلم الأمناء وأهل الخبرة العدول، في القيام بتصرف ما، سواء كان هذا التصرف منعًا أو نهيًا أو تقييدًا أو إلزامًا بأمر من الأمور، ولا قيد عليه في تصرفه ذلك إلا التزامه بالشرع، وعدم مخالفته لنصوصه، ولقد كان من القواعد التي قررها أهلُ العلم في ذلك الباب أن "تصرف الإمام علىٰ الرعية منوطٌ بالمصلحة"، وأما تصرف ولي الأمر في تقييد الشعائر الإسلامية فقد تناوله الفقهاء والعلماء من حيث تنوع تقييدات ولي الأمر في الشعائر الإسلامية إلىٰ ثلاثة أقسام:

الأول: الشرائع الثابتة من الدين بالضرورة كالصلاة والصوم ونحوهما.

الثاني: ما يكون للاجتهاد فيه مدخل كفروع العبادات وفروع المعاملات.

الثالث: المباحات من الشرائع مما لم يرد فيه نص بوجوبه، ويحكمه باب المصالح والمفاسد (المصلحة المرسلة).

فأما النوع الثالث: فلولي الأمر تقييده بالمنع والنهي فيه باتفاق الفقهاء، إذ يدخل في دائرة المباح الذي تتغير أحكامُه بتغير الحال والمكان والزمان، وفق ضوابط التغيير الشرعية، فعندما يتخلف مقصود الحكم الشرعي عنه، سواء المندوب أو الواجب أو المكروه أو المحرم، لزم ولي الأمر -وهو المنوط به بحكم الولاية العامة- صيانة تحقيق المقاصد الشرعية الخمسة ورعايتها، وأعلاها حفظ الدين، بأن يتدخل بتصرف يعيد تحقيق المقصود الشرعي من الحكم.

وأما النوعان الأول والثاني، فتحكمهما الضرورة والمصلحة العامة، ويكون تقدير الضرورة والمصلحة، وكيف تقدر، ومن له حق التقدير، وعن نوع الضرر هل هو واقع أو متوهم؟ ... إلخ لأهل العلم والفتوى في البلد، وليس لولي الأمر إلا إن كان من أهل الاجتهاد في ذلك.

فيجوز لولي الأمر أن يستعين بأهل العلم في مراكز البحوث المتخصصة لعمل الإحصاءات اللازمة، ثم عرض تلك النتائج علىٰ لجنة شرعية متخصصة من أعيان البلد وعلمائه ممن يحق لهم تقرير هذه الأمور، وكونهم أهل تقدير للمصالح و المفاسد.

وقد قيّد الفقهاء هذه العملية ببعض الضوابط الشرعية، والتي من أهمها:

موافقة الشريعة، وتحقيق مقاصدها: فلا بد أن يكون كل تصرف في تقييد شعائر الإسلام من ولي الأمر موافقًا للنصوص الشريعة، ومحققًا لمقصد من المقاصد العامة للشريعة، فإذا كانت هناك ضرورة مُلْجِئة أو حاجات عامة لنوع من المنع أو التقييد أو الإلزام، ولا يوجد حل لها غير ذلك التصرف الضروري، فإن الأخذ به تكون علته قاعدة: الضرورات تبيح المحظورات، فإنها أيضًا تُلْجيءُ إلى تقييد المباحات، والحاجة العامة تنزل منزلة الضرورة، فهو منع أو تقييد أو إلزام مؤقت متقيد بالضرورة أو الحاجة، وليس مخالفة لأوامر الشرع الحنيف.

التقييدات تفرضها دراسات أهل العلم والسياسة الشرعية وليس الهوى والتسلط:

فهذه التقييدات أو الالتزامات تكون صادرة بعد دراسات عميقة من أهل العلم والفقه، حتىٰ تكون محققة للغرض الذي من أجله وضعت، ولا تترتب عليها نتائج عكسية، تكون علىٰ خلاف المقصود، ثم عرضها علىٰ العلماء ذوي العقليات الفذة، والمَلَكات الاجتهادية، الذين يُحْكِمون الأصول والقواعد، ويَزِنُون الأمور بميزان الشرع الشريف.

تقييدات الشعائر الإسلامية توقيتية؛ فهو تعطيل مؤقت:

فلا تكون تقييدات ولي الأمر للشعائر الإسلامية إلّا في حالاتٍ معيَّنة، ولوقت محدَّد، وليس علىٰ سبيل الدوام، فهو مؤقت باستمرار الحاجة أو الضرورة الداعية بحسب الحال والمكان والزمان، فلو أصدر وليُّ الأمر قرارًا معينًا، وربطه بحالة طارئة، لم يُحمل هذا علىٰ التشريع الدائم المخالف لشرع الله تعالىٰ الممنوع منه، بل يحمل علىٰ التقييد الطاريء المرتبط بالظرف أو الحالة التي ألجأت إليه، يوجد بوجودها ويزول بزوالها؛ فالتأقيت المقصود هنا لا يحدد بزمن معين، وإنما بقاء العمل بالنظام ببقاء ما يبرره، وبقاء أمر ولي الأمر به، وذلك –بحسب الزمن– قد يطول وقد يقصر، والمحدِّد لذلك هو طبيعة العارض، ومن ثَمَّ يكون من المهم تحديد مدى العارض زمنًا ووقتًا، وهذا صراط دقيق لا غنىٰ عنه لمن تصدىٰ لمهمة الإفتاء، ومن باب أولىٰ يتأكد لمن تصدر مسؤولية الحكم، وما يقتضيه ذلك من اجتهاد في سياسة أمر الناس.

وعلىٰ ما سبق: فإذا تبيّن بالتقارير والدراسات المتخصصة أن مرضًا ما (مثل كورونا) صار وباءً عامًّا، وأن من طرق حدِّه والوقاية منه منعَ الاجتماعات، والتزام المنازل والبيوت، فيجوز لولي الأمر وقتئذٍ تقييد الشعائر الإسلامية المبنيّة علىٰ الجماعات بمنع الاجتماع لها، كالجماعة وصلاة الجمعة والعيدين ... وغير ذلك، وتأدية تلك الشعائر بصورة منفردة، حفاظًا علىٰ النفس، وتحقيقًا للمصلحة العامة المعتبرة شرعًا.

5- حكم تغسيل الميت المصاب بكورونا وتكفينه والصلاة عليه

الأصل فيمن مات من المسلمين أن يُغسَّل ويُكفَّن ويُصلَّى عليه صلاة الجنازة، ولكن في زمن انتشار الأوبئة التي تُثبِت الجهات الطِّبيَّة المختصَّة أنَّها تنتقل من المَيِّت لمن يلمسه، فعندئذٍ يُكتَفَى بصبِّ الماء عليه وإمراره فقط بأي طريقة كانت دون تدليكه، مع أخذ كل التَّدابير الاحترازية لمنع انتقال المرض إلى المغسِّل، من تعقيم الحجرة، وارتداء المُغسِّل بدلة وقائية، وفرض كل سُبُل الوقاية من قِبل أهل الاختصاص في ذلك قبل القيام بإجراء الغُسل؛ منعًا من إلحاق الأذى بمن يباشر ذلك.

وإن كان يُخشى من نزول سوائل من جُثَّته؛ فمن الضَّروري إحاطة الكفن بغطاءٍ مُحكم لا يسمح بتسرُّب السَّوائل منه.

ومَن خرجَ من المستشفى مُجهَّزًا بكفنه يجوز لأهله أن يُصلُّوا عليه صلاة الجنازة في الخلاء بدل المسجد، ويجوز أن يُصلِّيَ عليه اثنان -أقل عدد لصلاة الجماعة، كما يُجوز لمن لم يُصلِّ عليه -بسبب الخوف من الاختلاط والمزاحمة وانتشار الوباء- أن يُصلِّيَ عليه عند قبره منفردًا، ويجوز أيضًا أن تُصلَّى عليه صلاة الغائب.

وكلُّ ما سبق يتَّفق ومقاصد الشَّريعة العُليا، وكذلك تدلُّ عليه الأدلَّة الشَّرعيَّة المُعتبرة؛ إذ الضَّرورات تبيح المحظورات، والضَّرورة تُقدَّر بقدرها.

 

6- حكم الاحتكار للسلع وقت هلع الناس من الوباء

من أهم القواعد والأسس التي رسخها الإسلام في المعاملات بين الناس مراعاةَ مصالح وحال الناس، وجعل من أهم خصائص الشريعة الإسلامية رفع الظلم والتظالم بين الناس، فإذا كان الإسلام قد أرشد ووجه إلىٰ طريق الكسب الحلال من خلال التجارة والبيع والشراء في قوله تعالىٰ: {وَأَحَلَّ ﷲ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: 275]، إلّا أنه تعالىٰ قد ضبط وقيّد هذه المعاملات بما يجب أن تكون عليه من مراعاة حقوق الناس، وإقامة العدل بينهم، وحرم أكل أموال الناس بالباطل فقال سبحانه وتعالىٰ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29].

والحكر والاحتكار في اللغة: ادخار الطعام للتربص، وصاحبه محتكر.

أما في الاصطلاح: فقد اتفق الفقهاء علىٰ أن الاحتكار في الاصطلاح لا يخرج عن معناه في اللغة، فجميع تعريفاتهم متقاربة في المعاني والألفاظ، ويجمعها تعريف الإمام الباجي رحمه الله بقوله: "هو الادخار للمبيع وطلب الربح بتقلب الأسواق"  أي:  أن الاحتكار هو حبس مال أو منفعة أو عمل، والامتناع عن بيعه وبذله حتىٰ يغلو سعره غلاءً فاحشًا غير معتاد، بسبب قلته، أو انعدام وجوده في مظانه، مع شدة حاجة الناس أو الدولة أو الحيوان إليه.

• وأمّا حكمه:فقد اتفق جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية وغيرهم علىٰ حرمة الاحتكار؛ لما فيه من تضييق علىٰ عباد الله مستدلين بما يأتي:-  بقول النبي ﷺ: «لا يحتكر إلا خاطئ» أخرجه مسلم.ووجه الدلالة: أن التصريح بأن المحتكر خاطيء كافٍ في إفادة عدم الجواز؛ لأن الخاطئ هو المذنب العاصي، وهو فاعل من خطئ من باب علم إذا أثم فى فعله.-  وما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «منِ احْتَكَرَ حِكْرَةً يُريدُ أن يُغْلِيَ بها علىٰ المسلمينَ فهو خاطِئٌ» أخرجه الهيثمى فى مجمع الزوائد.ووجه الدلالة: فى الحديث أنه واضح كسابقه علىٰ تحريم الاحتكار وعدم جوازه.-  وقوله ﷺ: «من احتكر طعامًا أربعين ليلة فقد بريء من الله تعالىٰ، وبرىء الله تعالىٰ منه» أخرجه أحمد.وقد ذكره ابن الجوزى فى الموضوعات*.

• الحكمة من حرمة الاحتكار:

اتفق الفقهاء علىٰ أن الحكمة في تحريم الاحتكار هي رفع الضرر عن عامة الناس؛ ولذلك فقد أجمع العلماء علىٰ أنه لو احتكر إنسان شيئًا واضطر الناس إليه، ولم يجدوا غيره أُجبر علىٰ بيعه، دفعًا لضرر الناس، وتعاونًا علىٰ حصول العيش، قال الإمام النووي رحمه الله: "قال العلماء: والحكمة في تحريم الاحتكار دفع الضرر عن عامة الناس، كما أجمع العلماء علىٰ أنه لو كان عند إنسان طعام واضطر الناس إليه ولم يجدوا غيره أجبر على بيعه دفعًا لضرر الناس، وتعاونًا علىٰ حصول العيش".

• ما يجب علىٰ وليّ الأمر (الحاكم ونوابه) فعله ضد المحتكرين:

للفقهاء اجتهادات فيما يجب علىٰ الحاكم ونوابه فعله ضد المحتكرين تستند في جملتها علىٰ مبدأ سياسة التشريع في الإجراءات والتدابير، لتكون هذه الأحكام قوةً لحكومات الدول الإسلامية في مقاومة الاحتكار ومواجهته، وقد ذكر مجملها بعضُ المعاصرين فيما يلي:

1- إجبار المحتكر علىٰ إخراج المادة المحتكرة المخزونة، وطرحها في السوق، ليبيعها هو بالسعر التلقائي الحر الذي كان ساريًا قبل الاحتكار، مع زيادة يتغابن الناس في مثلها عادة؛ إزالةً للظلم عن الناس، وتحقيقًا للربح المعقول للتاجر، توفيقًا وتنسيقًا بين المصلحتين؛ قال الإمام الكاساني رحمه الله: "يؤمر المحتكر بالبيع إزالة للظلم، لكن إنما يؤمر ببيع ما فضل عن قوته وقوت أهله، فإن لم يفعل، وأصر علىٰ الاحتكار، ورفع إلىٰ الإمام مرة أخرىٰ وهو مصرٌّ عليه فإن الإمام يعظه ويهدده، فإن لم يفعل ورفع إليه مرة ثالثة يحبسه ويعزره؛ زجرًا له عن سوء صنعه، ولا يجبر علىٰ البيع" اهـ.

2- البيع علىٰ المحتكر إذا تمرد:

فإذا أصر المحتكر –تعنتًا أو تمردًا – علىٰ الامتناع عن البيع بالسعر التلقائي في السوق الذي يحدده قانون العرض والطلب، تولىٰ الحاكم أو نوابه بيع سلعه نيابة عنه، وبالسعر الذي كان ساريًا قبل الاحتكار عدلًا، حتىٰ لا يُضار هو ولا الناس...، فلا يترك العدل لإرادات الناس إذا تهاونوا في تنفيذ مقتضاه؛ لأن اطراح العدل ظلم محرم شرعًا، وكل إجراء يؤدي إلىٰ تحقيق الحق والعدل فهو من الشرع.

3- حرمان المحتكر من الربح إذا تمرد، وأخذه منه عقوبة ومعاملة له بالنقيض:

وهذا ضرب من التغريم بالمال عقوبة تعزيرية علىٰ معصية الاحتكار، أما المعاملة له بالنقيض، فلأن نيته السيئة في الاستغلال، ونزعته المفرطة في الربح تقتضي ذلك، وهذه العقوبة قررها الفقهاء سياسة؛ إذ لم يرد نص بخصوصها منعًا للاستغلال المحرم، لأنه من الكبائر فهو كالربا، كسب خبيث بالانتظار والتربص.

4- مصادرة الحاكم للمال المحتكر إذا خيف الهلاك علىٰ أهل البلد، وتفريقه عليهم إذا اقتضت الضرورة ذلك، والضرورة تقدر بقدرها .

وعلىٰ ما سبق:

فإن الاحتكار جريمة دينية واقتصادية واجتماعية، وثمرة من ثمرات الانحراف عن منهج الله، وقد تنوعت صورة، وتعددت أساليبه.

وأنه لا يكون في الأقوات فحسب، وإنما يكون في كل ما يحتاج إليه الناس من مال وأعمال ومنافع؛ ذلك أنه من المقرر فقهًا أن «الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أم خاصة»، فمواقع الضرورة والحاجة الماسة مستثناة من قواعد الشرع وعموماته وإطلاقاته، فالاحتكار المحرم شامل لكل ما تحتاج إليه الأمة من الأقوات والسلع والعقارات من الأراضي والمساكن، وكذلك العمال والخبرات العلمية والمنافع لتحقق مناطه، وهو الضرر اللاحق بعامة المسلمين من جراء احتباسه وإغلاء سعره.

ولا شك أن الذي يضايق المسلمين فيما يحتاجون إليه من السلع الضرورية ويشتريها كلها من السوق ويضطر الناس إلىٰ أن يشتروها منه بثمن مرتفع يتحكم فيهم لا شك أن هذا لا يجوز، وهو منهي عنه، ويجب الأخذ علىٰ يده، ومنعه من ذلك، إذا لم يكن في السوق غير هذه السلعة التي يحتاج إليها الناس، وهو يشتريها ويحضرها عنده ليتحكم فيها فهذا أمر لا يجوز، ويجب على ولاة الأمور منعه من ذلك.

وعلى الدولة أن تتدخل لحماية الأفراد من عبث العابثين، ومصاصي دماء الشعوب، وذلك باتخاذ الإجراءات المناسبة الكفيلة بقطع دابر الاحتكار، وإعادة الثقة والطمأنينة إلىٰ نفوس المواطنين.

7- أين تصلى صلوات الجنائز فى ظل غلق المساجد حاليا

لا يُشترط لصحّة صلاة الجنازة إقامتها في المساجد، وتصحّ صلاتُها في أي موضع من الأرض طاهر؛ لعموم قول سيدنا رسول الله ﷺ: «وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا، فأيُّما رجلٍ من أُمَّتي أدرَكَتْه الصلاةُ فلْيُصلِّ» [صحيح البخاري].

بل رأى عامَّة الفقهاء أن الأصل في صلاة الجنائز أن تقام في مُصلياتٍ خارج المساجد، ومن ذلك قول الإمام السندي في صلاة الجنازة: «نعم، ينبغي أن يكون الأفضل خارج المسجد بناء على الغالب أنه ﷺ كان يصلي خارج المسجد..» [حاشية السندي على ابن ماجه (3/298)]

وإن كان كلا الأمرين جائز؛ فقد بوَّب الإمام البخاري في صحيحه (باب الصلاة على الجنائز بالمُصلَّى والمسجد)؛ مما يدل على جواز الأمرين عنده، كغيره من الفقهاء الذين رأوا جواز صلاة الجنائز في المساجد بغير كراهة، وهم كُثْر.

وعليه، وفي ظلِّ ما تشهده البلاد من إغلاق المساجد منعًا من انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)؛ فتجوز صلاة الجنائز في المُصليات خارج المساجد، وفي الخلاء، وعلى المقابر.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة