دائما ما يقدم الفلاح المصرى نموذجاً للتعاون، هذا ما تجده وتلمسه فى العديد من قرى محافظة كفر الشيخ، لمحافظتهم على العادات والتقاليد، التى اندثرت بعد أن طغى الجانب المادى، وظهرت أخلاقيات اتسم بها البعض لم تكن فى مجتمعنا من قبل .
وهناك عدد من القرى التابعة لمحافظة كفر الشيخ، تعد مثالا ونموذجا مشرفا للقرية المصرية، ومنها قرية "أم سن"، الذى يتجلى التعاون بين الأهالى من المزارعين فى مساعدة بعضهم البعض، ومازال الرجال والسيدات والفتيات يتواجدون لدى جيرانهم وأقاربهم لمساعدتهم فى جنى المحاصيل، وتمسكوا بتلك العادة حتى لا يتكلف الفلاح نفقات زيادة، خاصة أن إنتاج الأراضى من المحاصيل لا يكفى نفقات الأسرة .
وحول هذا الأمر، قالت مريم محمد علي، ربة منزل، تعودنا منذ صغرنا على مساعدة الجيران وأهالى القرية والأقارب، فننتظر وقت حصاد المحصول، لنتشارك معاً فى حصاده، ويساعد كل منا الأخر حتى لا يتكلف الفلاح نفقات أجرة العامل والتى تجاوزت ال100 جنيه ولا يعمل طول النهار بل ساعات لا تتعدى ال6 أو 7 ساعات فقط .
فيما أضافت هبة محمد سعيد، مزارعة، لـ"اليوم السابع"، نشعر بالسعادة عندما نتواجد فى أرض جيراننا لنساعدهم فى جمع المحصول أو زراعته، ونزداد سعادة عندما تجد كل جيرانها معها فى أرضها لمساعدتها فى الزراعة وجنى أو تقليع المحصول، ومؤكدة، نحن فى موسم تقليع البنجر من الأرض وتحميله على جرارات، ونقله على الطريق، وننتظر وصول سيارة مصنع السكر بالحامول لتحميله، ويحصل كل مزارع على ثمن محصوله من الشركة .
وأكد محمود عبدالله محمد، فلاح، نجد السعادة فى مساعدة الجيران، وهناك العديد من المزارعين وأهالى القرى متمسكين بتلك العادات التى تبرز التعاون والمحبة، مشيراً إلى أن تواجد الجيران فى الحقول، للمساعدة والتعاون يزيد العلاقة بينهم قوة ومتانة، ويشعر كل منهم أنه ليس وحده وفى أى وقت من الأوقات يجد العون والسند والنصح .
كما أضاف عبدالله عامر محمد، مزارع، كل منا يحدد يوم لجنى المحصول أو الزراعة، ونتفق على التواجد بالأراضى لمساعدة بعضنا بعضاً، وفى ظل المسامرة بالكلام وبالأغانى، ونقضى وقتاً ممتعاً، وننهى مهمتنا فى أقصر وقت، خاصة أن العمل يتم إنجازه بسرعة فى جو من الحب والود والألفة، فلا نشعر بمروره إلا وقد أنهينا مهمتنا، لنفكر فى الغد من ما سنساعده فى أرضه.
فيما قالت ياسمين عبد العاطى، مزارعة، 13 سنة، نتبع نظام المزاملة، وهو نظام نتبعه فى قريتنا، ونزامل بعضنا بعضاً، ونساعد بعضنا بعضاً فى زراعة الأرض، وجنى المحصول، ومعظم القرية يتبعون ذلك النظام، نشعر معه بالراحة والسعادة، مؤكدة أن كل منا يقوم بأداء مهام معينة فى الأرض، فمنا من يقلع البنجر من باطن الأرض، ومنا من يقوم بتنظيف البنجر بالمنجل بقطع الجزء الأخضر من البنجراية، ومنا من يحمل البنجر على الجرار بإلقائه عالياً فى المقطورة، ونتواجد فى الأرض فى الصباح الباكر، وعندما يحين وقت الظهيرة نتناول الغداء، فمن الفتيات والسيدات من تساعد صاحبة الأرض أو زوجة الفلاح فى إعداد الطعام، لنأكل معاُ، وبعد الانتهاء من طعامنا نعود للعمل حتى أذان العصر، ويعود كل منا لمنزله، لتؤدى كل سيدة أو فتاة أعمالها فى منزلها، وننتظر الصباح لنعيد الكرة فى أرض أخرى من أراضى جيراننا وأقاربنا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة