كيف تغيرت خريطة الأرثوذكس فى العالم؟.. كنيسة أوكرانيا انفصلت عن روسيا.. روسيا قطعت علاقتها بكنيسة الإسكندرية للروم الأرثوذكس.. "القبطية المصرية" حافظت على موقعها بعيدا عن حلبة الصراع وواصلت مساعيها للوحدة

الإثنين، 03 فبراير 2020 10:30 ص
كيف تغيرت خريطة الأرثوذكس فى العالم؟.. كنيسة أوكرانيا انفصلت عن روسيا.. روسيا قطعت علاقتها بكنيسة الإسكندرية للروم الأرثوذكس.. "القبطية المصرية" حافظت على موقعها بعيدا عن حلبة الصراع وواصلت مساعيها للوحدة البابا تواضروس الثانى
كتبت سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فى الوقت الذى شهدت فيه الكنيسة الروسية حالة من التوتر بعد انفصال الكنيسة الأوكرانية عنها وقطع علاقتها بكنيسة الإسكندرية للروم الأرثوذكس، على النقيض واصلت الكنيسة القبطية المصرية حالة التقارب التى بدأتها قبل عامين مع شقيقتها الروسية عبر سلسلة لقاءات وحوارات لاهوتية متعددة وحركة تبادل دراسي.

 

الكنيسة القبطية الأرثوذكسية واصلت مساعيها تلك وشهد دير القديس الأمير تواضروس المشرقى بإيبارشية هولندا على مدار الأيام الثلاثة الفائتة فعاليات اجتماع جديد للجنة العلاقات بين الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكنيسة الروسية الأرثوذكسية.

 

ترأس الأنبا سرابيون مطران لوس أنجلوس وفد الكنيسة القبطية إذ يلعب دور رئيس لجنة العلاقات بين الكنيستين القبطية والروسية، بينما اصطحب وفدا يتألف من الأنبا أرسانى أسقف هولندا (الإيبارشية المضيفة) والأنبا كيرلس الأسقف العام بلوس أنجلوس والقمص كيرلس إبراهيم، لوس أنجلوس والقس داود الانطونى كاهن الكنيسة القبطية بموسكو، وذلك وفقا لما ذكره القس بولس حليم المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية.

 

يأتى ذلك بعدما تبادل البابا تواضروس بابا الإسكندرية القبطى، والبابا ثيؤدور بابا الإسكندرية للروم الأرثوذكس زيارات وتهانى الأعياد يومى عيد الميلاد المجيد وعيد الغطاس، وهو الأمر الذى يؤكد على رغبة الكنيسة القبطية فى البقاء بعيدة عن حالات الشقاق التى اجتاحت العالم الأرثوذكسي.

 

 

ما الذى تسبب فى تغيير خريطة العالم الأرثوذكسي؟

 

باغتت الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، بطريركية الإسكندرية للروم الأرثوذكس بقطع علاقاتها معها بعد أن اعترفت الأخيرة باستقلال الكنيسة الأوكرانية التى شكلت جزء تاريخيا من كنيسة روسيا، وذلك فى شهر ديسمبر الماضي

 

التطورات الأخيرة تبدو وكأنها ستغير خريطة العالم الأرثوذكسى، إذ تتبدل مواقع وتقطع علاقات وتنال كنيسة اعتراف أخرى وهى كلها تحركات تلعب فيها السياسة دور الضوء من الظل إذ لا تظهر فى المشهد مباشرة ولكنها تبقى محركا خلفيا لكل ما يدور، بينما يلقى التاريخ بظلاله أيضا على تلك الأحداث.

 

 

خريطة العالم الأرثوذكسى قبل انفصال كنيسة أوكرانيا عن روسيا

 

يوضح كيرلس بشرى الحاصل على ماجستير اللاهوت الأرثوذكسى من جامعة فيينا تلك الخريطة:

 

كانت نتيجة لقرارات مجمع خلقيدونية عام 451م أن انقسمت الكنيسة إلى شطرين:

 

1- الكنائس غير الخلقيدونية: وتضم الكنيسة القبطية (ومعها الحبشية)، وكنيسة أنطاكية، وكنيسة أورشليم، وكنائس آسيا الصغرى -عدا القسطنطينية- التى –كنائس آسيا الصغرى- فى طبيعة واحدة للمسيح، وحالياً الكنائس الشقيقة للكنيسة القبطية الأرثوذكسية هى الكنيسة الحبشية والإريترية والسريانية والهندية والأرمنية).

 

2- الكنائس الخلقيدونية: تضم كنيسة روما(الفاتيكان) وكنيسة القسطنطينية - اللتين اعتنقتا المعتقَد القائل بأن للمسيح طبيعتين ومشيئتين.

 

 

 

أما بالنسبة للعائلة الكنسية الأرثوذكسية فتضم فريقين الأول هو الكنائس اللاخلقدونية الأرثوذكسية وهى 6 كنائس كما أسلفنا أهمها القبطية الأرثوذكسية المصرية، بينما يضم الفريق الثانى الكنائس الخلقدونية الأرثوذكسية وفى قلبها الكنائس البيزنطية أو كرسى القسطنطينية.

 

 

كرسى القسطنطينية وتأسيسه:

 

الكنيسة البيزنطية أو البطريركية المسكونية تمثل قلب عائلة الكنائس الارثوذكسية الخلقيدونية.

 

نظرا للمكانة المدنية للقسطنطينية كعاصمة للإمبراطورية البيزنطية صار لكرسى القسطنطينية مكانة دينية خاصة فمع تأسيس القسطنطينية عام 330م تحولت كنيسة بيزنطية من جزء من ايبارشية هيراكيا من كرسى انطاكيا إلى بطريركية مثل كرسى انطاكيا وكرسى روما وكرسى الإسكندرية.

 

وفى نطاق الكنائس التى قبلت مجمع خلقيدونية تزايدت مكانة كرسى القسطنطينية ومنذ عام 520م صار بطريرك القسطنطينية يحمل لقب البطريرك المسكونى، أى بابا

 

العمل التبشيري

 

 كرسى القسطنطينية خلال الحكم البيزنطى:

 

عاشت الكنيسة البيزنطية فترة ازدهار فى العمل التبشيرى من منتصف القرن التاسع الميلادى حتى سقوط القسطنطينية سنة 1453 م حيث لم يكن مسموحا بالكرازة أثناء الحكم التركى

 

أعلنت الدولة العثمانية انها حامية للأرثوذكسية بدلا من الإمبراطورية البيزنطية، ثم منحت الدولة العثمانية للكنيسة السلطة الروحية والسلطة المدنية على الرعايا مع وضع الارثوذكس الروم فى الإمبراطورية العثمانية تحت اسم " ملة الروم " وجعل البطريرك الرئيس المدنى والروحى "لملة الروم"، وأثناء الفتوحات التركية قبل سقوط القسطنطينية سقطت أغلب إيبراشيات هذه المناطق تحت الحكم التركى وانقطعت الصلة بينها وبين كرسى القسطنطينية التى كانت تتبعه لذلك انكمشت تتدرجيا الإيبراشيات الخاضعة لكرسى القسطنطينية.

مع استمرار الفتوحات التركية فى اوربا الشرقية وخضوع بلغاريا ورومانيا وصربيا واليونان للإمبراطورية العثمانية خضعت كنائس هذه البلاد لكرسى القسطنطينية بعد أن كانت مستقلة إداريا.

الكنائس المستقلة عن القسطنطينية

مع سقوط القسطنطينية ارتفعت الاصوات فى موسكو مطالبة باستقلال كنيسة روسيا لتأخد دورها فى قيادة العالم المسيحى برعاية القياصرة الروس الارثوذكسيين، فاستقلت الكنيسة الروسية عن البطريركية المسكونية سنة 1589.

استقلت كنيسة اليونان سنة 1833 واعترفت بها الكنيسة البيزنطية سنة 1850.

استقلت كنيسة صربيا عام 1879.

استقلت كنيسة رومانيا سنة 1885.

استقلت كنيسة بلغاريا سنة 1871 واعترفت بها الكنيسة البيزانطية سنة 1845

 

 

 

كيف تغيرت هذه الخريطة باستقلال الكنيسة الأوكرانية؟

 

فى يناير 2018 أعلنت الكنيسة الأوكرانية انفصالها عن الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، الأمر الذى أثار جدلًا واسعًا فى موسك، حيث أعلن بترو بوروشينكو، الرئيس الأوكرانى، البدء فى إنشاء كنيسة أرثوذكسية أوكرانية مستقلة فى إطار إجراء تاريخى تتخذه أوكرانيا بالانفصال عن الكنيسة الروسية.

 

ورغم حظر روسيا حضور أساقفة الكنائس فى الأجزاء الموالية لها من أوكرانيا، شوهد اثنان من أساقفة هذه الكنائس أثناء حضور المجلس الخاص.

 

انعقد مجلس خاص للأساقفة فى كاتدرائية سانت صوفيا الأثرية التى تمثل أحد أهم المعالم فى العاصمة الأوكرانية كييف

 

وحضر المجلس الخاص أساقفة أرثوذكس من مختلف الطوائف الموجودة فى أوكرانيا وأجروا تصويتا أشارت نتيجته إلى انتخاب الأسقف إيبيفانى، 39 سنة، رئيسا للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المستقلة.

 

بعدها منحت بطريركية القسطنطينية المسكونية بإسطنبول الكنيسة الأوكرانية مرسوما يضمن لها استقلالها

 

وقال الرئيس الأوكرانى، أثناء خطاب ألقاه فى الساحة الخارجية للكنيسة، إنه "يوم لن ينساه التاريخ، يوم الانفصال النهائى عن روسيا. "

 

 

 

وقبيل اجتماع المجلس الخاص، دعا البطريرك كيريل، رئيس الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، القيادات الدينية وزعماء العالم إلى حماية المؤمنين ورجال الدين فى أوكرانيا من الاضطهاد.

 

 

 

تفاصيل الصراع بين كنيسة روسيا وكنيسة أوكرانيا

 

وكانت الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية تابعة للبطريركية فى موسكو لقرون عدة، لكن توترات تراكمت على مدار السنوات بين البطريركية الروسية والكنيسة الأوكرانية منذ استقلال أوكرانيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتى عام 1991.

 

 

 

وكان فى أوكرانيا قبل اجتماع المجلس الكنسى الخاص فى كييف الأحد ثلاثة فروع للكنيسة؛ هى الكنيسة الأرثوذوكسية الأوكرانية (بطريركية كييف)، والكنيسة الأرثوذوكسية (بطريركية موسكو)، والكنيسة الأرثوذوكسية المستقلة.

 

لكن الوضع تغير الآن، إذ أصبحت بطريركية كييف والكنيسة الأرثوذوكسية المستقلة عضوتين فى الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المستقلة الجديدة.

 

وكان المحرك الأقوى على الإطلاق لاستقلال الكنيسة الأرثوذوكسية الأوكرانية هو ضم روسيا إقليم القرم وسيطرة الانفصاليين الأوكرانيين الموالين لروسيا على المنطقة بأكملها شرقى أوكرانيا، وهو الذى زاد من قوة الدافع إلى الاستقلال فى 2014.

 

 

 

ونفت الكنيسة مزاعم أحاطتها بأنها أداة سياسية تستخدمها الحكومة الروسية فى الضغط على أوكرانيا، مؤكدة أنها تسعى إلى إحلال السلام فى شرق أوكرانيا.

 

 

 

وكانت بطريركية القسطنطينية المسكونية هى الجهة الأرثوذوكسية الأولى فى العالمى التى تتراجع عن قرارها الذى يعود تاريخه إلى عام 1686 بنقل تبعية بطريركية كييف الأرثوذوكسية إلى بطريركية موسكو، وأعربت الكنيسة الروسية فى موسكو عن مخاوفها حيال فقد 12 ألف رعاياها فى أوكرانيا.

 

جراء هذا الانفصال أعلن الأنبا ثيؤدوروس الثانى بطريرك الإسكندرية لكنيسة الروم الأرثوذكس اعترافه بالكنيسة الأوكرانية الأمر الذى دفع كنيسة موسكو لإعلان قطع علاقتها معه.

 

هل يؤثر قرار استقلال كنيسة أوكرانيا على علاقة الكنيسة القبطية بنظيرتها الروسية؟

 

لم يكن لهذا القرار أى أثر فى الأوساط الكنسية القبطية بالقاهرة، إذ أن كرسى الإسكندرية للأقباط الأرثوذكس بعيد كل البعد عن المناوشات التى تدور بين موسكو وكييف ولكن وسائل إعلام روسية اقحمت اسم البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فى قرار قطع العلاقات مع كنيسة الروم الأرثوذكس بدلا من الإشارة للبابا ثيؤدوروس الثانى بطريرك الروم الأرثوذكس وهو أمر يرى دكتور سليمان شفيق المتخصص فى الشئون الكنسية إنه قد حدث بشكل متعمد فمن الصعب أن تخطئ وسائل إعلام روسية فى نقل قرار اتخذته الكنيسة فى موسكو.

 

الشائعة التى تسبب فيها تشابه الأسماء بين بابا الكنيسة القبطية وبابا كنيسة الروم، ضغطت على الكنيسة المصرية لإعلان موقفها من حالة الانقسام التى تدور رحاها فى أوروبا الشرقية فاضطر القس بولس حليم المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية لنشر بيانات سابقة تشير لاتفاقية تعاون لاهوتى موقعة بين الكنيسة الروسية والكنيسة القبطية تقضى بتبادل البعثات بين الكنيستين وكأنه إعلانا ضمنيا عن موقع الكنيسة المصرية من هذا الصراع، بينما واصلت الكنيسة القبطية اجتماعات لجنة الحوار اللاهوتى مع الكنيسة الروسية قبل أن يتبادل البابا تواضروس بابا الأقباط والبابا ثيؤودورس بابا الروم الأرثوذكس زيارات التهانى أيام عيدى الغطاس والميلاد وكأنها رسائل مباشرة من الكاتدرائية المصرية تؤكد رغبتها فى الحفاظ على موقعها بعيدة عن حلبة الصراع الكنسى الذى تدور رحاه بين موسكو وأنقرة واليونان.

 
البابا تواضروس والكنيسة الروسية
البابا تواضروس والكنيسة الروسية

بابا الإسكندرية وبابا الروم الأرثوذكس
بابا الإسكندرية وبابا الروم الأرثوذكس

بابا الإسكندرية وبابا الروم الأرثوذكس_1
بابا الإسكندرية وبابا الروم الأرثوذكس_1

لجنة العلاقات الكنسية
لجنة العلاقات الكنسية
 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة