علاء عبد الهادى

رسائل من جنازة مبارك

الجمعة، 28 فبراير 2020 03:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

هل من اللائق أن أقول أننى كنت سعيداً بمشهد جنازة الرئيس حسنى مبارك .

أرجوك لا تتعجل الحكم على ، فأنا أحترم مثلك جلال الموت وهيبته ، فالموت علينا حق ، وكل نفس ذائقة الموت وماكتبنا الخلد على أحد ، ومبارك مات وكلنا الى زوال ، ولكن المهم كيف نرحل ، ومتى وماذا نترك للتاريخ ، وكيف سينظر إلينا، وفى أى خانة يضعنا  .

 مبعث راحتى من مشهد الجنازة ، إن شئنا الدقة ، عدة أسباب يأتى على رأسها أنه إذا كان مبارك قد ذهب ، واذا كان الآن هو فى ذمة التاريخ الذى سيقول : ماله وما عليه ، فان مصر باقية ، وسيقول التاريخ أيضا كلمته فى هذا الشعب المتحضر الذى يقف وراءه تاريخ طويل من الرقى ، والسلوك الحضارى ، سوف يكتب التاريخ فى صفحاته كيف تصرف المصريون مع مبارك بعد ان خلع عباءته كقائد عسكرى ، وكرئيس سابق كان ملء السمع والبصر ، ثم متهما خاض معركة شرسه وطويلة ومرهقة يدافع فيها عن نفسه ، وعن تاريخه  بصبر وجلد وصبر .. سيقول التاريخ : هكذا تعامل المصريون مع مبارك ، وهكذا تعامل آخرون مع حكامهم .. هنا تعلو كلمة ميزان الحضارة .

كانت فى نفسى غصة لم أتخلص منها الا باعلان مصر الحداد الرسمى على رحيل مبارك ، وباقامة جنازة عسكرية مهيبة يتقدمها رأس الدولة المصرية الرئيس عبد الفتاح السيسى ، مبعث هذه الغصة أننا كنا نقفز على أحد الصفحات الناصعة فى تاريخ العسكرية المصرية ، ونقدم لأولادنا شيئا منقوصا ، ونحن نحاول أن نقفز على ما فعله مبارك من دور رائع فى إعادة بناء القوات الجوية المصرية ، وفى الضربة الجوية التى مهدت لنصر أكتوبر ، كنت أرى دائما هذا الأمر بمثابة نقطة الحبر التى شوهت اللوحة الجميلة ناصعة البياض ، وآن الأوان أن يعود الحق لأصحابه .

 استرد الله سبحان وتعالى وديعته بعد ان برئت ساحة مبارك بشخصه وبأسرته ، وذهب الى الله من دون أن يكون هناك اتهام معلق فى رقبته .

 وكانت الجنازة العسكرية والرسمية المهيبة ، وحالة الحزن العام التى لفت مصر ، وكل العرب ، أقرب الى اعتذار لروح هذا القائد العسكرى ، عن ما ناله من سهام فى أعقاب ثورة يناير ، حيث طاشت سهامنا وطالت كل من كان فى المشهد، بالحق قليلا وبالباطل أكثر .

 كان احد أسباب حالة الراحة التى شعرت بها وأنا أتابع الجنازة هو إطمئنانى لأداء المؤسسة العسكرية المصرية التى تعرف أقدار رجالها ، وقادتها ، وتحترم القانون ، وتعزز مؤسسات الدولة وأركانها ، نحن أمام تقاليد راسخة لم تات من فراغ .. رحم الله مبارك ، وكما قال هو عما قدمه لبلاده أنه فى ذمة التاريخ ليقول قوله الفصل فيه بما له وما عليه .

 









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة