لا شك أنه فى إطار تزايد عدد حالات الوفاة والمصابين جراء فيروس كورونا سواء فى الصين دولة اكتشاف المرض، أو فى مختلف الدول الأخرى التى انتقل إليها المرض، وتداعيات ذلك فى إغلاق الآلاف من المصانع الصينية سواء داخل الصين أو المنتشرة فى كافة أنحاء العالم كأحد أشكال الإغراق الصينى لكافة الاقتصاديات العالمية على مختلف تصنيفاتها، فإنه يبدو أن فيروس كورونا يتجه بالفعل إلى التأثير فى وتيرة الاقتصاد العالمي. ويأتى تأثير هذا الفيروس فى الوقت الراهن، الذى يشهد فيه الاقتصاد العالمى وضعاً هشاً للغاية، بسبب الحرب التجارية المتبادلة بين الصين والولايات الأمريكية المتحدة العام الماضى، التى لجأ فيها كل جانب إلى فرض رسوم جمركية على سلع الطرف الآخر بقيمة مئات المليارات من الدولارات، حيث تسبب ذلك فى انخفاض معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى الصينى، المتأرجح فعلاً، إلى 6% فى عام 2019، ما أدى بالتالى إلى انخفاض وتيرة النمو العالمى، الذى انخفض من 3.6% عام 2018 إلى 3% العام الماضي. ومن المتوقع أن ينخفض معدل النمو السنوى فى الصين إلى أقل من 5%، من يناير إلى مارس 2020، وهى النسبة ربع السنوية للنمو فى الصين.
ويعد هذا تباطؤاً حاداً مقارنةً بنمو بنسبة 6% سجلته البلاد فى الربع الأول من العام، كما من المتوقع أن يؤدى فيروس كورونا سريع الانتشار إلى انخفاض بمعدل 0.4 نقطة مئوية من النمو السنوى فى الولايات المتحدة، خلال الربع الأول من عام 2020، حيث سيؤدى انتشار الفيروس إلى تذبذب انسياب السياحة الصينية إلى الولايات المتحدة، وتتأثر صادرات السلع الأمريكية إلى الصين، على الرغم من توقع حدوث انتعاش جزئى للنمو الأمريكى فى الربع الثانى لعام 2020.
وحتى الآن فإنه لا يمكننا التنبؤ بحجم الضرر الاقتصادى المتوقع على الاقتصاد العالمى بشكل عام، والاقتصاد الصينى بشكل خاص، ألا أننا من الممكن أن نسترجع بالزمن التأثير السلبى على الاقتصاد العالمى من انتشار مرض "سارس" فى عام 2002 فى 37 دولة، ما تسبب فى حالة من الذعر العالمي، حيث أصاب أكثر من 8000 شخص وقتل نحو 750 آخرين.
مع احتجاز عشرات الملايين من الصينيين فى الحجر الصحى داخل مدنهم، وإغلاق الآلاف من المصانع، يبدو أن فيروس كورونا يتجه بالفعل إلى التأثير فى وتيرة الاقتصاد العالمي.
ويأتى تأثير هذا الفيروس فى الوقت الراهن، الذى يشهد فيه الاقتصاد العالمى وضعاً هشاً للغاية، بسبب الحرب التجارية المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية العام الماضي، التى لجأ فيها كل جانب إلى فرض رسوم جمركية على سلع الطرف الآخر بقيمة مئات المليارات من الدولارات، حيث تسبب ذلك فى انخفاض معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى الصيني، المتأرجح فعلاً، إلى 6% فى عام 2019، ما أدى بالتالى إلى انخفاض وتيرة النمو العالمي، الذى انخفض من 3.6 % عام 2018 إلى 3 % العام الماضي.
وحذر مسؤول صيني، الأسبوع الماضي، من أن انتشار الفيروس من مدينة ووهان، الذى تسبب فى سقوط 100 ألف ضحية بجميع أنحاء البلاد، سيزيد من الأضرار الناجمة عن الحرب التجارية، وربما يتسبب فى أضرار اقتصادية أكبر مما تسبب فيه وباء «سارس»، الذى اندلع منذ ما يقرب من عقدين من الزمن. ومع وجود ثمانى مناطق رئيسة ومدينتين فى الصين عرضة للإغلاق، بسبب توقف الأعمال فيها، حتى التاسع من فبراير على الأقل، فإن الوضع يعتبر خطيراً بما لا يدع مجالاً للشك.
وتوقع الاقتصادى فى الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، تشانج مينج، التى تمثل جزءاً من مجلس الدولة فى بكين، أن ينخفض معدل النمو السنوى فى الصين إلى أقل من 5%، من يناير إلى مارس 2020، وهى النسبة ربع السنوية للنمو فى الصين. ويعد هذا تباطؤاً حاداً مقارنةً بنمو بنسبة 6% سجلته البلاد فى الربع الأول من العام السابق. وتعتقد مؤسسة «جولدمان ساكس» أن فيروس كورونا سريع الانتشار سيؤدى إلى انخفاض بمعدل 0.4 نقطة مئوية من النمو السنوى فى الولايات المتحدة، خلال الربع الأول من عام 2020، حيث سيؤدى انتشار الفيروس إلى تذبذب انسياب السياحة الصينية إلى الولايات المتحدة، وتتأثر صادرات السلع الأمريكية إلى الصين، على الرغم من توقع حدوث انتعاش جزئى للنمو الأمريكى فى الربع الثانى، لكن المخاطر «لاتزال ماثلة بشكل أكبر».
تفادى المخاطرة
وتلاحظ جولدمان أن «اتجاهات تدفق الأخبار يمكن أن تؤدى إلى اتخاذ الناس سلوكاً معيناً لتفادى المخاطرة، أو التشدد المستمر فى شؤونهم المالية، حيث إن تفشى الفيروس فى الولايات المتحدة، أو الخوف منه، قد يؤدى إلى انخفاض فى وتيرة السفر المحلى والتنقل والتسوق».
فى عام 2002، انتشر مرض «سارس» فى 37 دولة، ما تسبب فى حالة من الذعر العالمي، حيث أصاب أكثر من 8000 شخص وقتل نحو 750 آخرين، ولاشك انة ليس من السهل تقدير مدى الضرر الاقتصادى المحتمل أن يسببه كورونا على الاقتصاد العالمى، لكن من الممكن استخدام وباء «سارس» مقياساً، حيث إن "سارس" خفّض معدل النمو الفصلى فى الصين إلى 1.8%، من أبريل إلى يونيو 2003، من متوسط قدرة 2.8%. وكذلك التأثير غير المباشر على الناتج المحلى الإجمالى العالمى، حيث انخفض عام 2003 بين 30 مليار دولار و100 مليار دولار، ما يعادل بين 0.08 % و0.25 % من الناتج المحلى الإجمالى العالمى. ويتوقع مجتمع الأعمال الدولى أن أسوأ تقدير لتأثيرات فيروس كورونا هو ستة أضعاف التأثير الذى ألحقه سارس بالاقتصاد الصيني، نظراً إلى أن الاقتصاد الصينى الآن أكبر بنحو أربعة أضعاف من وضعة عام 2002 بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، وهذا أيضاً سيترك تأثيراً سلبياً على الناتج المحلى الإجمالى العالمي، يراوح بين 1.8% و6% استناداً إلى التقديرات بأثر رجعى لتأثير فيروس (سارس)»، كما أنه مع نمو الناتج المحلى الإجمالى العالمى بنسبة 2.9% هذا العام، قبل أن يصبح تأثير فيروس كورونا واضحاً، يتضح أنه ما لم يتم العثور على علاج وتطعيم سريع، فإن الانتعاش الهش الذى شهدة الاقتصاد العالمى خلال بداية العام 2020 سيكون فى خطر، وبالإضافة إلى ذلك سيكون التأثير الاقتصادى محسوساً للغاية فى جنوب شرق آسيا، حيث لا تعد الصين شريكاً تجارياً رئيساً فحسب، وإنما مصدر إيرادات حيوية بالنسبة للسياحة، فعلى سبيل المثال فى دولة تايلاند انخفضت قيمة العملة المحلية بنسبة 3.7% مقابل الدولار فى يناير، مقارنة بارتفاع بنسبة 8.6% العام الماضى. وتشكل السياحة خُمس الاقتصاد التايلاندى، ويمثل زائرو الصين وحدها نحو ربع إجمالى الإيرادات السياحية. كما إن الانخفاض الحاد فى الإنفاق السياحى سيؤدى إلى تراجع كبير فى فائض الحساب الجارى فى تايلاند.
وعلى صعيد آخر، بدأت الشركات الدولية فى إيجاد طرق للالتفاف على الشركات الصينية للحصول على قطع غيار إلكترونيات، على الرغم من أن وزير التجارة الأمريكي، ويلبر روس، أوضح أنه يعتقد أن معظم الشركات من غير المحتمل أن تشكك فى العلاقات التجارية الاستراتيجية نتيجة لاندلاع المرض. ومع ذلك، علقت «أبل»، و«جنرال موتوز»، و«ايكيا»، و«ستاربكس»، العديد من عملياتها الصينية، وكذلك العديد من الشركات الأجنبية الأخرى، وفى إطار اخر فإن الالتزامات لشراء ما قيمته 33.4 مليار دولار من الصادرات الزراعية الأمريكية هذا العام، التى تعهدت بها بكين، جزءاً من تهدئة الحرب التجارية بينهما، قد يكون من الصعب الوفاء بها.
وفى سياق كل ما سبق، تشير كافة التوقعات الاقتصادية أن السيناريو الأقرب للحدوث هو أن نشهد هبوطا حادّا ثم انتعاشا سريعا للأنشطة الاقتصادية، حيث إن السيناريو المرجّح هو أن نرى تغيّرا على شكل حرف V أى هبوط حاد فى الأنشطة الاقتصادية فى الصين يعقبة انتعاش سريع واحتواء تأثير الهبوط على الاقتصاد الصينى وبالتالى على الاقتصاد العالمى ككل."
ولا شك أن الأثر السلبى الأكبر لفيروس كورونا على الاقتصاد الصينى أولا والاقتصاد العالمى ثانيا يكمن فى مقاطعة "هوبى" التى تقع بها مدينة ووهان، وهى المدينة المسئولة عن أغلب الصادرات الصينية من تكنولوجيا المعلومات، هذا بالاضافة إلى أن حالة الاضطراب التى يشهدها الاقتصاد العالمى هى سيطرة الصين لسنوات طويلة على العديد من مصادر الاقتصاد العالمى.
وعلى صعيد الاقتصاد المصرى وتأثرة بانتشار كورونا، حيث أنة من المتوقع أن 20% من الدواء المصرى سيتعرض للنقص فى الأسواق فى حالة استمرار أزمة الصين وتوقف المصانع بها، بعد انتشار فيروس كورونا، حيث أن حجم المخزون من الدواء فى مصر يتراوح من 3 إلى 6 أشهر بحد أقصى، وتعتبر الصين قاطرة الدول المصدرة لمدخلات انتاج الدواء من المواد الخام والآلات إلى مصر، حيث أن الصين تمثل 40% من مدخلات انتاج الصناعة ولابد من وضع بدائل من دول أخرى مثل الهند وكوريا وفيتنام للتعاقد على الاستيراد منها فى حالة استمرار أزمة الصين إلى 6 أشهر، حيث أن المخزون فى مصر من الممكن أن يتحمل 6 شهور فى الطلب على الدواء، وبعدها سيحدث نقص فى المعروض من أنواع الدواء المختلفة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة