كتاب يحمل اسم «الأخلاق» كان مقررا للصف الثالث الثانوى، تأليف أحمد أمين، الأستاذ المساعد بكلية الأداب بالجامعة المصرية، حينذاك، وتم طباعته سنة 1934.. والغلاف بسيط ووقور، ينم عن محتواه القيمى الرائع.
كانت مادة الأخلاق مقررا مهما يتم تدريسه فى المدارس الثانوية، فخرج العباقرة فى كل المجالات، الطب والهندسة والعلوم، وفى الأدب والغناء وحتى الرياضة، وفى القلب منها كرة القدم، وكانت مصر رائدة، ومؤثرة فى محيطها الإقليمى، فى كل المجالات، وكانت قوتها الناعمة فى الشعر والأدب، من قيمة وقامة أحمد شوقى وحافظ إبراهيم، وطه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ، وكانت «هوليوود» الشرق سينمائيا، وقدمت قامات فى الغناء والموسيقى، وهل محمد عبدالوهاب وأم كلثوم، سوى نموذجين عظيمين، شرفا مصر.!! بينما كانت ملاعب كرة القدم تزخر بقامات من عينة مختار التتش وعائلة سليم وعائلة يحيى إمام، من الذين دشنوا لقيم الأخلاق الرفيعة، والروح الرياضية، الكثير..!!
نعم، كانت المدارس فى الماضى، تهتم بتدريس الأخلاق، جنبا إلى جنب مع ممارسة الرياضة، والاهتمام بالأدب، والفن والموسيقى والرسم، وأيضا، الاهتمام بالتدبير المنزلى، فخرج العباقرة، فى كل المجالات، وكانت قوة مصر الناعمة، لا حدود لها، وتأثيراتها بالغة الأثر الإيجابى، فى تحسين صورة مصر الكبيرة العظيمة.
وعندما تخلت المدارس عن تدريس «الأخلاق» وانهارت العملية التعليمية تحت أقدام الدروس الخصوصية، والمدارس الأجنبية، تراجعت قوة مصر الناعمة، فى الأدب والشعر والسينما والغناء والرياضة، فظهر حسن شاكوش وحمو بيكا ومجدى شطة، ورفاقهم، يدشنون للسفالة والانحطاط والقبح بين الشباب، تحت مسمى أغانى المهرجانات، ووجدنا عبدالله جمعة وشيكابالا ومحمود عبدالمنعم كهربا، ورفاقهم، يأتون من الأفعال الوقحة فى ملاعب كرة القدم، ما يندى له الجبين، وأساءوا لصورة مصر على الملاعب الإماراتية، وسط مشاهدة جميع المسؤولين عن الرياضة فى مصر، ووضعتهم على المحك، إما اتخاذ قرارات عقابية رادعة لمنع تكرار هذه التصرفات، أو تغليب المجاملات الصارخة، وتمرير الوقائع مرور الكرام.
والحالتان، ستحددان ملامح النتائج المستقبلية، إما وأد الفتنة وإعادة الضبط والربط والحسم للملاعب، أو إطلاق يد الفوضى الأخلاقية، ونشر السفالة والانحطاط، وإشعال الفتن بين الجماهير، وهنا مكمن الخطورة، إذا لم يعِ المسؤولون عن الرياضة فى مصر سواء وزير الرياضة أو الاتحادات، خاصة اللجنة الخماسية التى تدير كرة القدم المصرية، أن ارتعاش الأيدى، والخوف والرعب من الأصوات الزاعقة، وعدم تطبيق القوانين واللوائح، والسماح للفوضى الأخلاقية، بالانتشار، سيشعل نار الفتن والتعصب بين ملايين الجماهير..!!
وإذا كان المسؤولون عن الرياضة فى مصر، لا يستطيعون الحسم والمواجهة، وتطبيق القوانين على الكبير قبل الصغير، فلنجمد نشاط الكرة نهائيا و«بلاها كورة» وتسريح كل اللاعبين والمسؤولين عن الأندية، وتكتفى الجماهير العاشقة لكرة القدم، بمتابعة المباريات فى البطولات العالمية، مثل الدوريات الأوروبية، وفى القلب منها الإنجليزى والإسبانى والإيطالى والألمانى والفرنسى، وأيضا متابعة الدورى السعودى الذى صار قويا، ورائعا.
نفس الأمر، فإن على المسؤولين عن الثقافة فى مصر، دورا بارزا وجوهريا خلال هذه المرحلة، فى مواجهة العبث المنتشر، فى كل مناحى الثقافة، الأدب، والسينما والغناء، وصدر صورة سيئة عن مصر فى محيطها العربى والإقليمى، ويتساءل الجميع: ماذا حدث، وأين دور المعنيين عن الثقافة والرياضة فى مصر، وأين خططهم وبرامجهم لمواجهة العبث والارتقاء بالذوق العام..؟!
وللحديث بقية غدا إن شاء الله.. إن كان فى العمر بقية..!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة