سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 21 فبراير 1955.. عبدالناصر لوزير خارجية البريطانى «إيدن» فى مقر السفارة البريطانية: «مصر كانت تحكم من هذا البيت فى وقت من الأوقات»

الجمعة، 21 فبراير 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 21 فبراير 1955.. عبدالناصر لوزير خارجية البريطانى «إيدن» فى مقر السفارة البريطانية: «مصر كانت تحكم من هذا البيت فى وقت من الأوقات» جمال عبدالناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
واصل انتونى إيدن وزير خارجية بريطانيا،  حديثه فى الاجتماع مع الرئيس جمال عبدالناصر وزملائه فى أول وآخر لقاء يجمع الطرفين،  وانعقد فى مقر السفارة البريطانية فى «جاردن سيتى» بالقاهرة على جلستين،  الأولى ظهر يوم 20 فبراير 1955، والثانية مساء «راجع، ذات يوم، 20 فبراير 2020». 
 
يذكر الكاتب الصحفى محمد حسنين هيكل وقائع هذا اللقاء فى كتابه «ملفات السويس»، مشيرا فيه إلى مفارقات حدثت تتعلق بسلوك ومظهر الطرفين قبل وأثناء المحادثات.. يؤكد: «لاحظ «إيدن» أن جمال عبدالناصر يشرب عصير الليمون، فسأله: «هل يضايقك إذا كنت أنا أشرب ويسكى؟».ابتسم جمال عبدالناصر قائلا: «إن ذلك لا يضايقه على الإطلاق فكل الناس يألفون ما تعودوا عليه».. يضيف: «فى هذه اللحظة أقدم رئيس الخدم فى السفارة ليغير كأس «إيدن»، كان الثلج قد ذاب أثناء خروجه لاستقبال «جمال عبد الناصر»، ووجدها «إيدن» فرصة لإثبات تمكنه من اللغة العربية، فقال لرئيس الخدم: «ألا ترى أنى لم أفرغ منه بعد، ألم يقل لك أحد أن العجلة من الشيطان؟.. وضحك الجلوس، وكانت «كلاريسا» ترمق زوجها بفضول، ولعلها كانت تستكشف استشراقه عمليا للمرة الأولى».
 
يضيف هيكل: «لاحظ إيدن أن جمال عبدالناصر ينظر فيما حوله»، فسأله: «هل هذه أول مرة تجىء فيها إلى هذا البيت؟.. رد عبدالناصر بالإيجاب، وأضاف أنه سمع كثيرا عن هذا البيت،  فقد كانت مصر تحكم منه فى وقت من الأوقات، وقاطعه إيدن قائلا: «تقصد أنها كانت تتلقى النصيحة»..ولم يتراجع عبدالناصر، فقال «إنهم كانوا يصدرون الأوامر ولايكتفون بمجرد النصيحة»، ثم أضاف: «حادث 4 فبراير 1942 لم يكن مجرد إسداء نصيحة»..رد «إيدن» بحديث طويل عن مزايا اللورد كيلرن، وعن ذكرياته هو شخصيا مع الملك فاروق وباشوات مصر القدامى».
 
والمعروف أن حادث 4 فبراير 1942 ، تم فيه تهديد الملك فاروق من اللورد كيلرن السفير البريطانى فى القاهرة بالعزل فى لقائهما بقصر عابدين، إذا لم يسند رئاسة الحكومة إلى مصطفى النحاس باشا، وانصاع الملك تحت حصار قصر عابدين بدبابات الاحتلال الإنجليزى، حسبما يذكر كيلرن فى الجزء الثانى من مذكراته ترجمة الدكتور «عبدالرؤوف عمرو».
 
يكشف هيكل، أن الأحداث التمهيدية انتهت، ودخل «إيدن» إلى الموضوع الذى يشغله من باب السؤال عن نتائج مؤتمر رؤساء الحكومات العربية الأخيرة، وقال إنه لا يفهم سببا لانقسام العالم العربى، ورد عبد الناصر، بأن الانقسام كان بسبب الخلاف فى رؤية المستقبل العربى، وأنه كان يفضل ألا يندفع نورى السعيد رئيس الحكومة العراقية إلى الدخول فى حلف خارج العالم العربى، وسأل «إيدن» عما إذا كان الحلف هو سبب الخلاف، أم أن الخلاف يرجع إلى الصراع التقليدى بين شط النيل وشط العرب «قالها باللغة العربية، وكان يقصد أن هناك تناقضا بين مصر والعراق على النفوذ فى المنطقة»،  ثم أضاف إيدن أنه هو يظن أيضا أن العداء بين السعوديين والهاشميين لعب دوره فى هذا الخلاف».
 
يؤكد هيكل، أن إيدن انتقل إلى سؤال عبدالناصر صراحة عن الأسباب التى تدعوه إلى معارضة الأحلاف، وكيف يرى مستقبل الدفاع عن الشرق الأوسط؟.. يضيف هيكل: «كان واضحا أن إيدن يؤيد «نورى السعيد فى توقيع حلف مع تركيا، ودخل عبدالناصر فى شرح عام عن تصوره لأمن الشرق الأوسط، وقاطعه إيدن قائلا: «ولكنك يا عزيزى وقعت معنا قبل شهور قليلة اتفاقية يمكن بمقتضاها إعادة تشغيل قناة السويس فى السنوات القليلة القادمة إذا تعرضت تركيا لهجوم عسكرى مباشر.. قال جمال عبد الناصر، إن هذا صحيح وأن مفاوضات الجلاء تعثرت لهذا السبب عدة شهور، بسبب إلحاح الطرف البريطانى على ذلك، وأنه قبل التوقيع وهو يعلم أنه احتمال لن يتحقق، ولو خطر بباله أنه خطر ماثل لتردد فى التوقيع، وسأله إيدن:من أين إذن تتوقعون الخطر على الشرق الأوسط».
 
فور طرح إيدن سؤاله، قفز المارشال «هاردنج» من مكانه حسبما يذكر هيكل، وتدخل فى الحوار، فقال: «إنكم لاتتوقعون خطرا إلا من إسرائيل وحدها؟.. يعلق هيكل: «يبدو أن «إيدن» شعر أن «هاردينج» أقحم موضوع إسرائيل قبل آوانه، فالتفت إليه إيدن يقول له: «لسانك حصانك إن صنته صانك وإن خنته خانك»، وقال المثل باللغة العربية ثم راح يترجمه بالإنجليزية لـ«هاردينج».. يذكر هيكل أن الحديث عن السياسة خف على مائدة العشاء، وراحت ليدى «إيدن» تحكى عن زيارتها للمتحف المصرى فى الصباح مع قرينة السفير البريطانى، وتشعب الحديث عن الحضارة المصرية القديمة، وانتهز «إيدن» الفرصة ليسأل عبدالناصر عن مدى إحساس مصر بانتمائها للعالم العربى؟وعما إذا كانت مصر شيئا مختلفا عن بقية البلدان العربية؟
 
تشعب الحديث، حتى انتهى الاجتماع.. يذكر هيكل أنه عندما تحركت السيارة بعبد الناصر وزملائه، أبدى عبد الحكيم عامر ملاحظة على أبهة الزى العسكرى للسهرة الذى كان يرتديه المارشال «هاردينج»، فعلق «عبدالناصر» ضاحكا: «كانوا فى منتهى الأناقة وكنا فى منتهى البهدلة»، وغادر إيدن القاهرة يوم 21 فبراير، مثل هذا اليوم 1955. 
 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة