لم يعد شعار "السجن إصلاح وتهذيب" حقيقيا، على الأقل، فى سجون أوروبا التى تحولت إلى مراكز لتجنيد إرهابيين، ولم يمنع الانتشار الأمنى الكثيف داخل منشآت الاحتجاز بعض السجناء من تنفيذ اعتداءات إرهابية داخل السجون نفسها واستهداف مسئوليها فى المقام الأول.
صحيفة "التايمز" البريطانية أكدت الخطر المتنامى داخل السجون، بتقرير نشرته عن قاتل مدان فى سجن بريطانى وليس لديه تاريخ من التطرف قد شن محاولة إرهابية ضد أحد العاملين بالسجن خلال الأيام الماضية.
وأشارت الصحيفة إلى أن السجين العنيف قد زيف محاولة انتحار لجذب الضباط إلى زنزانته فى وحدة العزل فى وينشيستر قبل مهاجمتهم بسلاح بدائى كان يخفيه تحت ذراعه. وعلى الرغم من أنه ليس موجودا فى سجن مخصص لمرتكبى الجرائم الإرهابية، إلا أنه أخبر الضباط على الفور بعد الحادث أنه كان يحاول شن هجوم باسم الدين.
تأتى تفاصيل الاعتداء فى الوقت الذى يواجه فيه كبار المسئولين بوكالات الأمن وخدمات السجون ببريطانيا مطالب متزايدة من داوننج ستريت لمواجهة تهديد التطرف فى السجون. فبعد أن تم إطلاق سراح إرهابى مبكرا قام بطعن شخصين فى جنوب لندن فى وقت سابق هذا الشهر، وقالت مصادر أمنية إن داوننج ستريت طالب بدراسة عميقة للتطرف داخل السجون ويدرس إجراء إصلاحات بعيدة المدى.
وتطرقت لمناقشات إلى أوامر احتجاز بعد الحكم، مشابهة لتلك المستخدمة فى استراليا، والتى يمكن بموجبها الاستمرار فى احتجاز السجناء بعد قضاء فترتهم لو أن التقييمات الاستخباراتية لا تزال تصنفهم كتهديد إرهابى.
وتابعت الصحيفة قائلة إن السجناء الإرهابيين الذين ينصبون أنفسهم أمراء السجن يجبرون السجناء الآخرين على التحول لأفكارهم عن الإسلام، ويطبقون ما يسمى بمحاكم الشريعة، ويرهبون أئمة السجن الرسميين، ويطبقون أحكام بالضرب. ومن المتوقع أن يؤدى الهجوم الأخير الذى وقع فى الساعات الأولى من صباح يوم الخميس الماضى إلى زيادة الاهتمام بالقضية.
وكان منفذ الهجوم ويدعى زينيرال إميورو، ويبلغ من العمر 20 عاما، قد سجن فى عام 2018 بعد أن أصبح أول شخص يدان بالقتل بهجوم بسائل حمضى، وسبق ان هاجم مسؤولين فى سجن آخر.
ولا يقتصر الأمر على بريطانيا فقط، بل هناك وضع مماثل فى أسبانيا تحدث عنه معهد إلكانو للدراسات الأمنية فى تقرير صادر فى ديسمبر الماضى، حيث قال إن السجون تعد أحد واحات انتشار الفكر المتطرف فى الآونة الأخيرة، مشيراً إلى السجناء المدانين بالإرهاب خطرهم لا ينتهى فى مراكز الاحتجاز، وإنما يشكلون تهديداً آخر ألا وهو نشر أفكارهم بين المدانين بجرائم جنائية أو جرائم غير إرهابية بشكل عام.
وقال المعهد فى الدراسة التى نشرتها عدة وسائل إعلام إسبانية إن 10.5% من الذين أدينوا بنوع من النشاط الإرهابى فى أسبانيا كانوا ينقلون تطرفهم إلى السجناء بجرائم عادية.
ووفقا للتقرير، أصبحت السجون أرض خصبة لنشر الإرهاب وهى حقيقة معروفة للمسئولين عن الأمن والاستخبارات فى الدول الغربية، ولكن الآن وبعد عدة سنوات من الدراسة، خرج 20 إرهابيًا من السجون الاسبانية فى الفترة بين 2015-2018، وسيخرج 52 حتى 2022، وأكثر من 70 حتى عام 2026، ولكن كل إرهابى قضى فترة العقوبة فى السجن يمثل خطورة على المسجونين الآخرين الذين يتم تحويلهم إلى إرهابيين يحملون أفكار متطرفة.
ووفقا لفيرناندو ريناريس، مدير برنامج التطرف العنيف والإرهاب العالمى فى معهد إلكانو، فإن السجون فى إسبانيا هى نقطة انطلاق للنشاط الإرهابى، مضيفا أن "نسبة التطرف فى السجون الإسبانية كبيرة لكنها أقل بكثير من ذلك المسجل فى بلدان آخرى، إلا أن الأمر يحتاج إعادة نظر، وفصل ذوو الفكر المتطرف عما دونهم من السجناء".
وشددت الباحثة الرئيسية للبرنامج، كارولا جارثيا كالفو، على أن غالبية الحالات من الرجال، ومتوسط العمر 28 عاما، وجميعهم لديهم رؤية أصولية للإسلام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة