خلق عدو مشترك.. كيف تحاول واشنطن استعادة حلفائها الأوروبيين عبر "فزاعة" الصين؟.. أمريكا فشلت فى إحياء الصراع مع موسكو ببرلين فسعت نحو تخويفهم من بكين فى ميونيخ.. والصراع أداة واشنطن للاحتفاظ بالصدارة الدولية

الثلاثاء، 18 فبراير 2020 02:15 م
خلق عدو مشترك.. كيف تحاول واشنطن استعادة حلفائها الأوروبيين عبر "فزاعة" الصين؟.. أمريكا فشلت فى إحياء الصراع مع موسكو ببرلين فسعت نحو تخويفهم من بكين فى ميونيخ.. والصراع أداة واشنطن للاحتفاظ بالصدارة الدولية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ونظيره الصينى
تحليل يكتبه: بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

مع الفشل الأمريكى الذريع فى مؤتمر برلين، لحشد الحلفاء الأوروبيين بعيدا عن موسكو، خلال مؤتمر برلين، فيما يتعلق بالدور الروسى فى ليبيا، خاصة وأن كافة القوى الأوروبية أصبحت أكثر ثقة في قدرة روسيا على احتواء التهديدات القادمة إثر الصراع فى ليبيا، جراء محاولات الديكتاتور التركى رجب طيب أردوغان، الدخول على خط الأزمة، تبدو محاولات واشنطن لا تنتهى، فيما يمكننا تسميته برحلة "البحث عن صراع"، يمكن من خلاله حشد حلفاء المعسكر الغربى ورائها، لتبقى الولايات المتحدة على قمة النظام الدولى، في ظل نظام عالمى جديد، ربما لا يشهد انفرادا أمريكيا بالصدارة الدولية، مع استعادة روسيا لجزء كبير من نفوذها في العديد من مناطق العالم، سواء في الشرق الأوسط أو أوروبا، وصعود الصين القوى اقتصاديا وسياسيا، مما يهدد العرش الأمريكي.

ولعل المفارقة الجديرة بالملاحظة هى أن المحاولة الأمريكية الجديدة، لحشد الحلفاء الأوروبيين، خلفها ضد خصم أخر، وهو الصين، عبر محاولة وزيرا الدفاع والخارجية في إدارة ترامب للتحذير من المخاطر التي تمثلها بكين، على أمن دول القارة العجوز، جراء التعاون مع شركة "هواوى"، جاء فى مدينة ألمانية أخرى، وهى ميونيخ، وهو الأمر الذى يمثل جزءا رئيسيا من الحرب الاقتصادية التي تشنها الولايات المتحدة، على "التنين" الصينى، والتي بدأت في إطار تجارى، عبر فرض العديد من الرسوم الجمركية على الواردات الصينية إلى الأراضى الأمريكية، وتطورت بعد ذلك عبر ملاحقة الشركة، التي تعد أحد أبرز "عمالقة" التكنولوجيا في العالم.

استعادة الزخم.. أمريكا تحاول إيجاد عدو مشترك مع أوروبا

التوجه الأمريكي نحو حشد دول المعسكر الغربى، من جديد، عبر بوابة الصين، يمثل انعكاسا صريحا لحالة اليأس لدى واشنطن لإحياء العداء التاريخى بين الغرب وموسكو، في ظل ارتباط أوروبا الغربية مع روسيا، ليس فقط بالعديد من المصالح الأمنية المتعلقة باحتواء التهديدات التي تمثلها الميليشيات التي تسعى للسيطرة على العديد من المناطق في منطقة المتوسط، وفى القلب منها ليبيا، ولكن أيضا في ضوء تطور المصالح الاقتصادية بين الجانبين في الآونة الأخيرة، جراء الاعتماد الأوروبى واسع المدى على الغاز الروسى، وهو الأمر الذى سبق وأن أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب امتعاضه تجاهه، إلى الحد الذى دفعه إلى اتهام الدول الأوروبية، وعلى رأسهم ألمانيا، بالتبعية لروسيا بسبب دعمهم لاقتصاد موسكو، عبر مد أنابيب الغاز الروسى إلى أراضيهم في السنوات الأخيرة.

بومبيو فى كلمته أمام مؤتمر ميونيخ
بومبيو فى كلمته أمام مؤتمر ميونيخ

محاولات إدارة ترامب لحشد أوروبا الغربية خلفها، عبر إيجاد أعداء مشتركين، تحمل في طياتها سعيا حثيثا نحو استعادة الهيمنة على "المعسكر الغربى"، بعدما فقدت واشنطن حالة الزخم السياسى، في منطقة تعد بمثابة عمقا مهما لها، طيلة عقود طويلة من الزمن، خاصة بعدما تخلت إدارة ترامب عن حلفائها الأوروبيين، سواء اقتصاديا عبر فرض رسوم جمركية على التجارة القادمة من القارة العجوز، أو أمنيا عبر التلويح بورقة الانسحاب من الناتو، وهو الأمر الذى أثار قلق الحلفاء، ودفعهم نحو التوجه شرقا، سواء لروسيا أو الصين، عبر تعميق التعاون الاقتصادى والسياسى، بحثا عن بديل للحليف الأمريكي.

خلق "فزاعات".. خصوم أمريكا لم يعودوا أعداءً لأوروبا

يبدو أن محاولات واشنطن لتخويف الغرب الأوروبى من روسيا، وبعدها الصين تمثل محاولة لـ"البحث عن صراع"، وذلك للاحتفاظ بمكانة واشنطن الدولية، عبر خلق "فزاعات" لحلفائها، يمكن من خلالها لأمريكا القيام بدور قيادى، في العالم، وهو ما يبدو واضحا في التحذيرات الأمريكية المتواترة من استخدام الصين لشبكة "هواوى" في أنشطة تجسس داخل دول القارة العجوز، ولكن يبقى التحدى الرئيسى متمثلا في استمرار السياسات الأمريكية، التي تراها أوروبا "عدائية" تجاهها، خاصة وأن الرئيس ترامب يخطط على فرض تعريفات جمركية على السيارات القادمة من دول القارة.

إدارة ترامب تحاول حشد الحلفاء فى أوروبا ضد الصين
إدارة ترامب تحاول حشد الحلفاء فى أوروبا ضد الصين

وهنا تصبح الرؤية مختلفة في التعامل مع خصوم أمريكا، حيث لم يعد العدو مشتركا، خاصة وأن الدول التي تراها واشنطن منافسين لها، يمكن أن يكونوا بمثابة "طوق النجاة"، من البطش الأمريكي، في ظل رغبة إدارة ترامب في استعادة التوازن الاقتصادى، بعد سنوات من الخلل بسبب سياسات الإدارات السابقة، والتي فتحت الباب أمام مزايا غير محدودة للحلفاء، مقابل ضمان تبعيتهم لها، وبالتالي فإن استمرار التبعية الأوروبية لأمريكا مرهون بعودة تلك المزايا، وهو الأمر الذى يبقى مستبعدا في ظل أولوية الاقتصاد في أجندة الرئيس الأمريكي وخطابه الشعبوى.

البحث عن صراع.. أمريكا تقود العالم عبر خلق "عدو مشترك"

ويمثل الصراع أحد أهم أدوات السياسة الأمريكية لتحقيق الهيمنة على المشهد الدولى، منذ بزوغ نجم واشنطن على الساحة الدولية، حيث بدأت دورها القيادى عبر الحرب العالمية الثانية، لتخلق من رحمها صراعا أخر، مع الاتحاد السوفيتى، والذى كان حليفا إبان الحرب، استطاعت من خلاله حشد دول أوروبا الغربية ورائها، فيما يسمى بـ"الحرب الباردة"، والتي انتهت مع بداية التسعينات من القرن الماضى، بانهيار الكتلة الشرقية، لتنفرد الولايات المتحدة بصدارة المشهد الدولى، في إطار نظام أحادى القطبية.

ولأن الصدارة الأمريكية للمشهد الدولى تبقى مسألة مرهونة باستمرار الصراعات الدولية، سعت واشنطن، عبر منظريها أولا ثم بسياساتها، نحو إيجاد صراع جديد، فيما يسمى بـ"صراع الحضارات"، والتي خرجت إلى العلن في البداية عبر نظرية أرساها المفكر الشهير صموئيل هنتنجتون في مقالة تحمل نفس العنوان نشرتها مجلة "فورين أفيرز" بعد نهاية الحرب الباردة مباشرة، ثم تحولت إلى كتاب، تقوم في الأساس على تحويل الصراع الدولى من طبيعته التقليدية بين الرأسمالية الغربية والشيوعية السوفيتية، إلى صراع جديد بين الحضارة الغربية ذات الجذور المسيحية، والحضارة الإسلامية، لتتحول سطور هنتنجتون المكتوبة إلى واقع سياسى، وصل إلى ذروته فى أعقاب أحداث 11 سبتمبر، والتي كانت بمثابة الذريعة الأمريكية لشن حروبها على الإسلام والمسلمين، عبر الربط بينهم وبين التنظيمات الإرهابية، وهو ما بدا واضحا في الخطاب الإعلامى والسياسى الأمريكي خلال حقبة الرئيس الأسبق جورج بوش، والذى حمل إساءات بالغة للدين الإسلامي، بينما شنت إدارته حروب متتالية على أفغانستان والعراق، في إطار ما أسمته "الحروب المقدسة" على الإرهاب، لإضفاء صبغة دينية عليها، بينما شاركت فيها دولا أخرى من الغرب الأوروبى، وإن كانت مشاركتها بصورة رمزية، ولكن تحمل في طياتها "مباركة" من دول القارة العجوز، ذات الجذور المسيحية للخطوات الأمريكية.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة