سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 13 فبراير 1959.. الشيخ الباقورى فى منزل عبدالناصر ويستقيل من الوزارة بعد تسجيل لجلسة حضرها ويحيى حقى تسب «أم الرئيس»

الخميس، 13 فبراير 2020 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 13 فبراير 1959.. الشيخ الباقورى فى منزل عبدالناصر ويستقيل من الوزارة بعد تسجيل لجلسة حضرها ويحيى حقى تسب «أم الرئيس» الشيخ الباقورى
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الليلة شديدة البرودة والشيخ أحمد حسن الباقورى، وزير الأوقاف، فى طريقه إلى منزل الرئيس جمال عبدالناصر يوم 13 فبراير، مثل هذا اليوم، 1959.. كان الباقورى وزيرا منذ 7 سبتمبر 1952، وفصلته جماعة الإخوان لقبوله المنصب.. ويوم استدعاه عبدالناصر، كان الأخير له فى الوزارة، ففى صباح 14 فبراير 1959 نشرت الصحف خبر استقالته، وبعد سنوات طويلة كشف أسبابها الحقيقية فى كتاب «الباقورى ثائر تحت العمامة» للكاتبة الصحفية نعم الباز، وهو عبارة عن حوار مطول أجرته معه.
يتذكر الباقورى، أنه حين ذهب إلى بيت عبدالناصر، توقفت السيارة التى تقله قبل مدخل البيت بمائة متر.. يؤكد: «كانت هذه هى المرة الأولى التى تقف فيها سيارتى بعيدا، فكان تمهيدا جعلنى أشعر أن هناك أمرا جللا، إننى لا أنسى هذه الليلة ما حييت.. دخلت البيت، ثم دخلت إلى مكتبه، وكان واقفا فحيانى بيده مسلما، وبعد أن جلس ووجهه تعلوه صفرة وحزن فائض لم أره من قبل، قال بكلامات ناطقة بكل الألم وبقمة الألم: أنا أتحدث إليك حديثا هو أصعب حديث، وأصعب موقف مر فى حياتى ياشيخ أحمد، ثم مد يده وأدار مفتاح جهاز تسجيل، فإذا صوت وقح يتهم جمال عبدالناصر بأوقح اتهام يتهم به إنسان.. إنه يسبه فى عرض أمه.. يسبه فى أقداس ما يعتز به إنسان».
يؤكد الباقورى، أنه شعر بما يشبه الإغماء.. يضيف: «جاء صوته يسألنى: هل عرفت صاحب الصوت؟.. قلت: نعم عرفته.. قال عبدالناصر والدموع تغرق وجهه ونبرات البكاء تختلط بالكلمات: هل كنت موجودا فى هذه الجلسة ياشيخ أحمد؟ قلت، وأنا لا أدرى كيف أتكلم: نعم.. أنا آسف.. نعم كنت موجودا.. قال: عاوز تقول حاجة؟..قلت: أنا عاوز ورقة.. قال: ليه؟.. قلت: لأكتب استقالتى».
يضيف الباقورى: «هنا رفع الرجل رأسه ومسح دموعه وبدا الزعيم فى محياه وقال: إنت عارف أنى باقبل استقالات؟ هو حد استقال قبل كده؟.. قلت: على كل حال إذا بلغك شىء عنى، فأنت تملك قوى لا يملكها أحد غيرك، تملك أن تسأل فى كل مكان ذهبت إليه من الصعيد إلى مراكش وفى الجزائر وفى البلاد العربية.. ولى رجاء أن تقبله.. قال: وما هو.. قلت: منذ 15 يوما وقعنا قانون محاكمة الوزراء، فإذا ثبت على شىء مما بلغك عنى فحاكمنى، واترك لى فرصة الدفاع عن نفسى فإذا اقتنعت بغير هذا فالعدل الذى أرجوه منك وأعتقده فيك أن تخرجنى من بيتك كما أدخلتنى فيه، قال: على كل حال ربنا يسهل.. يؤكد الباقورى: أصر عبدالناصر أن يوصلنى إلى الباب، وجاءت العربة إلى الباب وركبتها».
ينفى الباقورى كل ما قيل عن أنه سقط مغشيا عليه أوأصابه المرض، وهو فى مجلس عبدالناصر ، ويؤكد أنه فى اليوم الثانى «14 فبراير»، وفور نشر الصحف خبر الاستقالة، ذهب الكاتب الصحفى بجريدة أخبار اليوم عبدالوارث الدسوقى إليه فى منزله وكانت تربطهما علاقة وثيقة، وسأله عما حدث، فأجاب: استدعانى عبدالناصر، وأسمعنى تسجيلا لأحد أصدقائى المقربين والتسجيل بصوته يتحدث مع الأستاذ يحيى حقى، ويسب فيه عبدالناصر فى عرضه، وحينما استنكر يحيى حقى هذا الأسلوب منه، قال له الصديق: «جبان وخايف من عبدالناصر.. الشيخ الباقورى جنبى أهو وسامع الكلام».. وكنت أصلى، ولما فرغت من صلاتى كانت المكالمة انتهت، فقلت له يا أخى ذلك عيب ولايصح، ولكن التسجيل كان انتهى».
أضاف الباقورى لعبدالوارث: «أنت تعرف علاقتى الوثيقة بعبدالناصر الذى كان يأتمنى على أسرار بيته.. لقد أبكانى حينما حكى لى أنه عاد من الأجازة الصيفية التى كان يقضيها فى منزل عمه، فوجد أمه ماتت وتزوج أبوه من أخرى، وكيف أن والده قال له: «أمك راحت فى التراب» فذهب الطفل الصغير يمرغ وجهه فى التراب بحثا عن أمه.. قال لى عبدالناصر إنك الوحيد الذى تعرف كل شىء عنى وعن أمى، فهل أُسَب هكذا أمامك يا شيخ أحمد؟».. يؤكد الباقورى: «بكيت مع عبدالناصر».
يؤكد عبد الوارث، أنه بعد أن تبين لعبدالناصر بعد ذلك أن الباقورى لم يخطئ فى حقه، أراد أن يرجعه إلى جناح الثورة، وقال له المشير عبدالحكيم عامر: «اتكل على سوف أذهب إلى الشيخ أحمد وأرجعه»، ولكن المشير كان غير صادق ولم يذهب إلى الشيخ.
بقى الباقورى فى بيته خمس سنوات وخمسة شهور وخمسة أيام، وينتقد نفسه بصراحة شيخ جليل قائلا: «هل يطيق إنسان كريم فى منصب رئيس الجمهورية أن يرى أحد وزرائه فى مجلس تسب فيه أمه على هذا المستوى السوقى؟.. ويكشف، أن العلاقة عادت بينه وبين عبدالناصر بعد سنوات.. يتذكر أنه تلقى تليفونا من محمد أحمد السكرتير الخاص للرئيس، قائلا: «معالى الوزير، الرئيس بيجوز هدى بنته.. فهل إذا جاءتك دعوة تحضر الحفل؟ رد: هدى ابنتى، وعبدالناصر مهما كانت الظروف هو أخى وزعيمى ورئيس الحكومة التى كنت أعمل بها، وأنا أسعد بهذه الدعوة».
ذهب الباقورى وحرمه إلى فرح هدى فى يوليو 1964..يتذكر: «استقبلنى عبدالناصر، ومعه حرمه بصوت عال مجلجل: أهلا.. أهلا ياشيخ أحمد».. يضيف: «فى 14 يوليو 1964نشرت الأهرام خبرا فى صفحتها الأولى «الباقورى مديرا لجامعة الأزهر». 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة