ارتدى ثوب الرجولة مبكرًا، وقرر النزول لسوق العمل، بحثًا عن لقمة عيش، حتى يساعد والده الذي بلغ من العمر أرذله، لكنه لم يدر أنه في "رحلة الشقا" سيقابله من لا يرحم، فيقتله ويحرم أسرته منه، في مشهد قاسي وصادم وسط الشارع بالإسكندرية، ليتم القبض على المتهم.
"عبد الرحمن" لم يكن طفلًا عاديًا، فقد تحمل المسئولية منذ نعومة أظافره، فهو الطفل الملتزم الهادىء المطيع، الذي استحوذ على حب الأبوين مبكرًا، بسبب رزانته وعقله الذي تفوق كثيرًا على سنه.
والدة الضحية
الطفل الصغير الذي نشأ في أسرة بسيطة مكونة من أب وأم وطفلين آخرين، قرر مشاركة والده رحلة "البحث عن لقمة العيش"، فاقترح على والدته شراء "توك توك" للعمل عليه ومساعدة والده في "مصروفات المنزل".
اعترضت الأسرة على فكرة الطفل، خوفًا عليه، لكن أمام إلحاحه وحاجة الأسرة للمال نزلوا على رغبته، فاشتروا له "توك توك"، حيث شعر الطفل بالمسئولية، وبدأت ملامح رجولته تطغى عليه مبكرًا، حيث يذهب صباحًا للمدرسة، وعندما ينتهي يومه الدراسي يعمل على "التوك توك" فينفق على نفسه وأسرته.
لم تتخيل الأسرة البسيطة يومًا من الأيام، أن الطفل الصغير، صاحب الأيادي الناعمة، سيكون مصدر رزق الجميع، لكن قلق الأم على ابنها لم يهدأ يومًا من الأيام، خوفًا عليه من الشارع وقسوته.
المجني عليه
تمر الأيام والسنوات، ويكبر "عبد الرحمن" سنة تلو الأخرى، وتكبر معه "حصيلة الإيرادات"، فيعم الخير على الجميع، وتبدأ الأسرة تفكر في تجهيز الابن للزواج رغم صغر سنه، أملًا في دخول الفرحة منزلهم مبكرًا، لكن يأتي الموت فجأة، فبدلًا من أن يدخل دنيا يذهب للأخرة، وبدلًا من أن تسير الأسرة في زفته يسيرون خلف جنازته.
والدة القتيل
بصوت ممزوج بالآسى والحسرة روت الأم تفاصيل الجريمة البشعة التي دارت فصولها في الإسكندرية، قائلة :"قتل بلطجي ابني وحرمني منه، وسأظل العمر كله أبكيه، فقد كان الشاب الخجول المحب للجميع بشوش الوجه، كنت أنتظره عريسًا، فحملوه إلي جثة هامدة، فمات بموته كل شيء ..الفرح والسعادة ..فلن يعوضني أحدًا عنه".
"لا شيء يبرد نيران القلوب سوى القصاص العاجل بإعدام القاتل، الذي حرمني فلذة كبدي" ـ والدة القتيل تكمل حديثها لـ"اليوم السابع" ـ "فسوف أعيش عمري كله في حزن شديد حتى أذهب إليه في دار الحق".
شاهد عيان
التقط شاهد عيان أطراف الحديث من الأم، قائلًا:" يوم الحادث كنت في الموقف مع عبد الرحمن ننتظر الزبائن، وجاء القاتل وطلب منه توصيله لمكان ما، لكن عبد الرحمن رفض، مؤكدًا له أنه لديه زبون آخر، ودارت بينهما مشادات، فوجئنا بعدها بالمتهم يستل سكينًا من طيات ملابسه ويمزق بها جسد الضحية ثم يذبحه، وسط حالة من الذهول والصدمة التي أصابت الجميع، رحم الله عبد الرحمن فقد كان محبوبًا للجميع".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة