محمد أحمد طنطاوى

الاستثمار العقارى وقراءة فى دفتر الأرقام "1"

الإثنين، 28 ديسمبر 2020 10:44 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

الأرقام لغة سهلة، ندركها جميعاً ونعرف أبعادها ومدلولها، ولا نحتاج فطنة خاصة للتعامل معها، والحكمة الشائعة تقول:" لا يمكنك إدارة ما لا تستطع قياسه"، تعظيما لقيمة الأرقام، إلا أنه يجب النظر إلى الرقم بمنطق أبعد من الرصد والمعادلات الحسابية الصامتة، إلى التحليل والمقارنة الجادة، التي تخرج بنا إلى حلول لمشكلات وقضايا نعانى منها.

فى مصر ننتج آلاف بل ملايين الأرقام، ولدينا جهاز كبير "الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء"، يعمل فيه المئات من المتخصصين والخبراء، دورهم جمع وإنتاج الأرقام، لتكون دليلاً ومرشدا لصانع القرار، وموجها محايداً لما نحتاجه خلال المستقبل، وما تجاوزنا من مشكلات الماضي، إلا أن أهم ما تابعته خلال الفترة الماضية يشي بأن بيانات الجهاز يتم تهميشها فى وسائل الإعلام، لحصرها فى خبرين أساسيين، الأول حول معدلات الزواج والطلاق والعنوسة، والآخر عن  مستويات التضخم، وإن كانت مؤشرات مهمة وحيوية، إلا أن الجهاز ينتج آلاف الإحصائيات الهامة، التى نحتاج إلى تحليلها وتتبعها بصورة تكفل حُسن اتخاذ القرار، دون أهواء أو عشوائية.

الأرقام فى قطاع الإسكان والنشاط العقارى، قضية تشغل المواطن وصانع القرار على حد سواء، خاصة أن هذه السوق تُدار بطريقة متشابكة ومعقدة، فالحكومة تعمل فى مجال الإنشاء والتجهيز للوحدات السكنية، ممثلة فى وزارة الإسكان، وأيضا هيئة الأوقاف، التي تملكها وزارة الأوقاف المصرية، بالإضافة إلى عدد من الشركات العامة المملوكة للدولة، إلى جانب مئات الشركات الخاصة والمطورين العقاريين، ثم صغار المقاولين والأفراد، لذلك كان مهما أن نبحث فى أرقام جهاز الإحصاء فى قطاع الإسكان والعقارات، لنصل إلى نتيجة يمكن من خلالها رؤية مستقبل هذا القطاع بصورة أفضل.

 

واحدة من الحقائق المهمة التي كشفتها بيانات جهاز الإحصاء أن القطاع العقارى فى مصر شهد نشاطاً كبيرا فى الفترة من 2006 حتى 2017، وزادت المباني بكل أنواعها سواء سكنية أو عمل أو مراكز تجارية، بنسبة 45٪، ووصل عددها إلى 16.1 مليون مبنى، منها 14.3 مليون "سكني"، بإجمالى 42.9 مليون وحدة متنوعة الغرض، الشقق منها تحتل رقم 29.4 مليون، منهم 17.4 مليون وحدة مسكونة فعلياً، بينما أكثر من مليون وحدة مغلقة لوجود أصحابها في الخارج و2.4 مليون وحدة مغلقة لوجود سكن آخر.

 

بعد هذه المجموعة البسيطة من الأرقام يمكننا التعرف على واقع السوق العقارى فى مصر، وأهم سماته أنه يعانى تخمة كبيرة، نتيجة فائض المعروض فى ظل وجود ملايين الشقق والمنازل المغلقة، بالإضافة إلى المدن الجديدة، التي استثمرت الشركات العقارية بها المليارات دون أن يكون لديها خطة واضحة مبنية على العرض والطلب وحجم المتاح في السوق، فالكل يسعى خلف المكسب السريع، دون أن يضع أبعاد وأطر لذلك، وهذا ما ستدفع ثمنه ركودا وتراجعا خلال سنوات مقبلة.

مشكلة القطاع العقارى فى مصر متعددة الأبعاد، فالحكومة من خلال وزارة الإسكان مازالت تقوم بدور التاجر وتدفع الأسعار دائما نحو الزيادة دون قراءة الأرقام أو احتساب المخاطر المرتبطة بالفقاعة العقارية والركود الممتد نتيجة ضخامة المعروض، وكذلك الشركات الكبرى فى القطاع العقارى، التى تضع نفسها فى فئة "مطور عقارى" وتقدم وحدات سكنية تحاكى الموجودة فى أوروبا وأمريكا، وبأسعار تقترب منها، لدرجة أن بعضهم يبيع المتر المربع فى منطقة الشيخ زايد بـ 40 ألف جنيه، بينما المشترى يطمح في المتاجرة والاستثمار والبيع بسعر أعلى!







مشاركة



الموضوعات المتعلقة


لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة