سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 25 ديسمبر 1977.. صدمة «كامل» من اقتراح «السادات» بحضور رئيس وزراء إسرائيل «بيجين» مراسم تأديته للقسم وزيرا للخارجية.. ويؤكد: «لن أحلف اليمين أمامه مهما حدث»

الجمعة، 25 ديسمبر 2020 10:01 ص
سعيد الشحات يكتب.. ذات يوم 25 ديسمبر 1977.. صدمة «كامل» من اقتراح «السادات» بحضور رئيس وزراء إسرائيل «بيجين» مراسم تأديته للقسم وزيرا للخارجية.. ويؤكد: «لن أحلف اليمين أمامه مهما حدث» السادات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كانت الساعة السابعة صباح يوم 25 ديسمبر، مثل هذا اليوم 1977، حين دق جرس باب منزل وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل، الذى عينه السادات فى منصبه يوم 24 ديسمبر 1977، «راجع ذات يوم، 24 ديسمبر 2020».
 
دخل شاب وسيم أنيق، بملابس مدنية، وقدم نفسه لوزير الخارجية بأنه النقيب عمرو حمدى من قوة حراسة الوزارات، ومكلف بحراسته ومرافقته، حسبما يذكر «كامل» فى مذكراته «السلام الضائع»، مضيفا: «نزلت فوجدت سيارة مرسيدس مزودة بالتليفون فى انتظارى، وسيارة أخرى مخصصة للحراسة بداخلها أربعة من رجال الأمن، وتوجهنا إلى مطار ألماظة الحربى، حيث قابلت حسنى مبارك نائب الرئيس، وركبنا طائرة هليكوبتر حربية توجهت بنا إلى الإسماعيلية، ووصلناها فى الساعة التاسعة والنصف صباحا».
 
كان «السادات» فى انتظار عقد جلسة مباحثات مع مناحم بيجين رئيس الحكومة الإسرائيلية، يتذكر «كامل»: «استدعيت لمقابلة السادات الذى كان ينتظرنى فى حديقة الاستراحة، جالسا يستمتع بدفء الشمس الساطعة، ورحب بى بحرارة، وذكر أنه لم يكن يعلم بوجودى، وكان يظن أنى ما زلت فى بون، عاصمة ألمانيا الغربية». 
 
عاتب «كامل» «السادات» على تعيينه وزيرا دون أخذ رأيه، وعبر عن عدم ارتياحه للاشتراك فى المباحثات مع الوفد الإسرائيلى التى ستبدأ فى غضون ساعة، دون أن تكون لديه أية خلفية عنها، أو معرفة بجدول أعمالها والمواضيع التى ستناقش، فرد «السادات»، إنه سمح لنفسه بتعيينه دون سؤاله لأنه بمثابة ابنه، حيث يكبر «السادات»  «كامل» بتسع سنوات، وأنه اختاره لأنه يريد شخصا يثق به تماما، ويتصف بالوطنية والشجاعة، وأضاف: «لو علمت عدد الذين كانوا يتهافتون على التعيين فى هذا المنصب لما أسفت».
 
يؤكد «كامل»، أن «السادات» انساب فى حديث طويل عن المتناقضات القائمة بين الدول العربية، خاصة الرئيس السورى حافظ الأسد الذى ضاق «السادات» ذرعا به، وموقف الاتحاد السوفيتى الذى يسعى لإسقاطه شخصيا، ويعمل على تخريب أى جهد للخروج من الحلقة المفرغة التى يدور فيها النزاع العربى الإسرائيلى، وأنه لا يستطيع ربط مصر بعجلة القافلة العربية التى تشتعل فيها نيران الغيرة والغدر والمنافسات على الزعامة والمزيدات.
 
يتذكر «كامل»، أنه أثناء حديثهما، حضر حسن كامل رئيس الديوان، وأبلغ الرئيس بوصول طائرة الوفد الإسرائيلى، فخرج الرئيس لاستقباله ثم اصطحبه إلى غرفة الاستقبال بالاستراحة وتناول أعضاؤه بعض المرطبات.
 
بقى «كامل» فى الحديقة يحاول الحصول على خلفية للمحادثات من الدكتور عصمت عبدالمجيد، عضو الوفد المصرى، ووزير الخارجية فيما بعد، لكن حسن كامل رئيس الديوان حضر ليبلغ «كامل» بأن الرئيس يطلبه لحلف اليمين كوزير للخارجية، وأنه يعتزم أن يشارك مناحم بيجين وبعض أعضاء الوفد الإسرائيلى فى مراسم حلف اليمين، كتعبير عن روح الود والسلام، يصف «كامل» مشاعره حين استمع إلى هذا الكلام: «صدمت من الذهول، وطلبت من حسن كامل أن يبلغ الرئيس أن مثل هذا لم يقع فى العالم من قبل، وأن هذه عملية لا شأن للإسرائيليين بها، وعلى كل حال لن أقوم بحلف اليمين أمامهم مهما حدث».
 
يضيف كامل: «عاد حسن كامل ضاحكا وأخبرنى بأن الرئيس وافق على رأيى وعدل عن فكرته، وذهبت معه إلى غرفة الاستقبال حيث كان يجلس السادات مع بيجين وبعض معاونيه، فاستأذن منهم وتوجه إلى ركن من الغرفة، ووقف على يمينه حسنى مبارك، وعلى يساره ممدوح سالم، وقمت بحلف اليمين، ولم أكد انتهى حتى حضر بيجين وأعوانه والمصريون الحاضرون وصافحونى مهنئين، وغادرت الغرفة مع بقية الحاضرين إلى قاعة الاجتماع، وتركنا السادات وبيجين لاجتماع مغلق بينهما».
 
كان حلف اليمين هو الجولة الأولى فى الخلاف بين «السادات» و«كامل»، وبالرغم من أن الأخير كسبها، إلا أنها أنبأت بطبيعة شخصية وزير الخارجية الجديد، فهو مستقل، معتد بنفسه، ويصف حالته بعد أداء اليمين ومصافحة المهنئين له، ومنهم الوفد الإسرائيلى: «بدون سابق إنذار اعترانى شعور داخلى غريب، أحسست أنى استيقظت من كابوس ثقيل، فجأة رحل عنى شعور القلق والاضطراب الذى لازمنى فى العشرين ساعة الأخيرة، منذ أعلنت الإذاعة نبأ تعيينى وزيرا للخارجية، إلى أن حلفت اليمين أمام الرئيس السادات فى ركن غرفة صغيرة بمدينة الإسماعيلية، على مرأى ومسمع من قادة إسرائيل أعدائنا اللدودين، الذين حاربونا وحاربناهم على مدى ثلاثين عاما، والذين سنبدأ المبارزة معهم سعيا وراء حل سلمى بعد دقائق قليلة».    






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة