يجلس وسط أغنامه في حالة من السعادة قد لا يشعر بها الكثيرون من أصحاب المهن والمناصب المهمة الذين وضعتهم الظروف بمهن لا يحبونها، ولا تستمتع قلوبهم بالقيام بها، فهو يمسك صغيرها كابنه ويقربه من ثدي أمه ويرضعه حتى يشبع ويرتوى، ويمسك مريضه ليعرف علته ويداويه بيديه وإذا اشتد البرد يشعل الحطب والقش لتدفئتهم.
إنه سالم سلامة حسين، أقدم راعى أغنام بمحافظة الفيوم يعمل بمهنته منذ 40 عامًا وأتم السبعين من عمره وما زال وسط أغنامه لم ينقص الزمن من حماسه ومحبته لهم شيئًا.
أكد سالم، أن مهنة رعاية الأغنام ورثها عن والده وجده ويعمل بها منذ أن كان طفلاً وبدأ يتقنها في نهاية العشرينيات من عمره حيث أصبح يمتلك أغنامه الخاصة وأصبح يفهم فيها وفى رعايتها جيدًا، لافتًا إلى أن مهنة رعاية الأغنام لها مواصفات خاصة ولا يستطيع ممارستها الجميع، فهي تحتاج إلى رعاية دائمة ومكان واسع ولابد المربى أن يكون صاحب خبرة ولديه فكرة جيدة عن كل التفاصيل التي تخص الأغنام.
وأشار سالم إلى أن رعاية الأغنام تعلم الراعي الصبر والرحمة حيث إنه عندما تحتاج إحدى الخراف للولادة يقوم بتوليدها بيديه بشيء من الرحمة ثم يمسك رضيعها ويقربه من ثدي أمه ويدربه على الرضاعة وفى حالة أن يكون لبن الأم قليل يرضعه من خلال مرضعة بلاستيك وبها لبن مثل أي طفل صغير كما أنه تأتى أيام شتاء صعبة لابد أن يكون الراعي رحيمًا ويقوم بتدفئة الأغنام.
وأكد سالم أنه تعلم ولادة الأغنام من والدته -رحمها الله- مشيرًا إلى أنها كانت ترعى الأغنام بحرفية وتساعد والده وكذلك زوجته وأبناؤه يساعدون حاليًا.
وأكد أنه عندما يسافر بالأغنام لمسافات بعيدة يقوم بفرزهم قبل سفره فيترك بالمنزل المريضة والتي اقتربت على الولادة وتقوم زوجته بمهام رعايتها وتوليدها مؤكدًا أن الأغنام لا يمكن حبسها لفترة طويلة وتحتاج الترحال الدائم وأصحاب الأغنام الذين يتمتعون بحالة مادية جيدة ينقلون الأغنام بالسيارات أما من لا يملكون يقومون بالترحال على أقدامهم لافتًا إلى أنهم ينتقلون إلى الجيزة ومحافظات أخرى ويبقون لفترات طويلة قد تصل إلى الشهر وفقًا لمزارع البصل وغيرها من المحاصيل التي يحصد أصحابها المحصول ثم يكون بها حشائش وقشور ويحتاجون الأغنام لأكل هذا المتبقي من المحصول وتجهيزي الأراضي لزراعة محصول جديد.
ولفت إلى أنه عندما يتغيب عن الأغنام ليوم أو يومين ثم يعود يجد الأغنام تجرى عليه مثل الأطفال الذين افتقدوا والدهم.
وأشار سالم إلى أن تربية الأغنام تحتاج دومًا إلى تربية كلاب ترافقها في رحلتها من مكان إلى مكان لأن الكلاب تمنع الثعالب من الاقتراب من الأغنام الصغيرة لالتهامها.
وأكد سالم أنه من أسباب محبته لرعاية الأغنام أنها مهنة الأنبياء لافتًا إلى أن من يرعى في الأغنام يسعى بالأرض ويتدبر في ملكوت الله.
ولفت سالم إلى أن الأغنام ثروة حقيقية لأنها تأكل أي طعام سواء حشائش أو أعلاف أو بواقي خبز أو عشب وغيرها.
وعن النظافة أكد أن الأغنام تحتاج إلى مكان جاف دائمًا لذلك على الراعي دومًا إخراج الروث ووضع التربة وكذلك قص الصوف بشكل مستمر حتى لا تجتمع فيه الحشرات والاستحمام وغسل الصوف خلال الصيف وأكد أنه بنظرة واحدة للخروف يعرف حالته الصحية.
وأكد أن سبب قلة عدد رعاة الأغنام حاليًا أن الشباب ليس لديهم صبر وهي مهنة تعتمد على الصبر والتحمل أحيانًا تحكم علينا الظروف أن نجلس يومًا كاملاً بلا طعام، مطالبًا بالتعاون مع رعاة الأغنام بتوفير أطباء الوحدات البيطرية للمرور عليهم وتوفير النصائح والإرشاد لهم.
.jpg)