قصة ميلاد المسيح فى الأناجيل.. "لوقا ومتى" يذكران التفاصيل دون ذكر اليوم.. والمؤرخون اختلفوا فى تحديده.. وبابا كنيسة روما طلب بحثا حوله عام 524م.. ومؤرخ قبطى: لم يذكر التاريخ الاحتفال بالعيد حتى القرن الرابع

الأربعاء، 16 ديسمبر 2020 07:00 م
قصة ميلاد المسيح فى الأناجيل.. "لوقا ومتى" يذكران التفاصيل دون ذكر اليوم.. والمؤرخون اختلفوا فى تحديده.. وبابا كنيسة روما طلب بحثا حوله عام 524م.. ومؤرخ قبطى: لم يذكر التاريخ الاحتفال بالعيد حتى القرن الرابع أيقونة عيد الميلاد
كتب مايكل فارس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تحتفل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعيد الميلاد المجيد 7 يناير المقبل، فيما تحتفل كنائس الروم الأرثوذكس والكاثوليك والكنيسة الأسقفية يوم 25 ديسمبر الجارى.

 

وميلاد السيد المسيح، مذكورة فى الأناجيل الأربعة المعتمدة فى الكنائس، وذكرت بتفاصيل فى إنجيلى لوقا ومتى من زاويتين مختلفتين، فى وقت يرى فى المؤرخين أن كلا من الإنجيلين كتبا بين سنوات 75- 85 ميلادية، وعلى الرغم من أنه من الممكن أن تكون إحدى روايتى الميلاد مبنيًة على الأخرى، أو أن الاثنين يشتركان فى مصدر مشترك، فإن استنتاج الأغلبية هو أن روايتى ميلاد يسوع فى الإنجيلين هما مستقلتان عن بعضهما البعض.

 

قصة الميلاد

ويعتبر حادث ميلاد المسيح، أحد أهم أركان الإيمان المسيحى، وقد ولد حسب الأناجيل القانونية فى بيت لحم، من السيدة عذراء، فى مكان مقفر إذ لم يجدا مكانًا فى النزل، بينما ظهرت ملائكة للرعاة، وحضر المجوس الثلاثة، فى حين حاول هيرودس الملك قتله، فهربت العائلة إلى مصر.

 

وقصة ميلاد يسوع المسيح هى أساس مناسبة عيد الميلاد المسيحية فى 25 ديسمبر وفق التقويم الغربى و7 يناير وفق التقويم القبطى، وتلعب دورًا رئيسيًا فى السنة الليتورجية - العبادات والصلوات- المسيحية، ويعرض العديد من المسيحيين تقليديًا مشاهد صغيرة للمذود تصور الميلاد فى منازلهم، أو يحضرون مسرحيات المهد أو مسابقات عيد الميلاد التى تركز على قصة ميلاد يسوع فى الكتاب المقدس.

 

 وفى الدول الأوروبية، كان تصوير مشاهد ولادة يسوع تقليدًا خلال موسم عيد الميلاد، يُمثل تذكار ميلاد يسوع وذلك بدءًا من ليلة 24 ديسمبر ونهار 25 ديسمبر فى التقويمين الغريغورى واليوليانى غير أنه وبنتيجة اختلاف التقويمين ثلاث عشر يومًا يقع العيد لدى الكنائس المسيحية الشرقية التى تتبع التقويم القبطى عشية 6 يناير ونهار 7 يناير، وكان التصوير الفنى للميلاد موضوعًا مهمًا للفنانين المسيحيين منذ القرن الرابع.

 

ويختلف الاحتفال بعيد الميلاد بين التقويم الشرقى الذى تتبعه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والتقويم الغربى الذى تتبعه الكنائس الكاثوليكية، بحسب الراهب كاراس المحرقى فى كتابه "زمن ميلاد المسيح"، الذى يؤكد أنه يصعب على الباحث فى التاريخ الكنسى الوصول إلى جدول دقيق، سُجلت فيه حوادث المسيحية الهامة فى القرن الأول الميلادي.

 

تاريخ الاحتفال بعيد الميلاد

طلب بابا روما بونيفاشيوس، فى القرن السادس الميلادى تحديدا فى 524م، من راهب يُدعى " ديونيسيوس أكسيجون " المُلقب بالصغير أو السكّيثى، الذى كان متولّيًّا نظارة السجلات البابوية فى روما، أن يحسب بدقة تاريخ ميلاد المسيح، فبحث وانتهت حساباته إلى سنة (753 من إنشاء مدينة روما).

 

وقد بنى ديونيسيوس حساباته على المعطيات الآتية، وفقا للأناجيل وهى قول تلميذ المسيح لوقا الذى قال فى الإنجيل: " َفِى السَّنَةِ الْخَامِسَةِ عَشْرَةَ مِنْ سَلْطَنَةِ طِيبَارِيُوسَ قَيْصَرَ كَانَتْ كَلِمَةُ اللهِ عَلَى يُوحَنَّا بْنِ زَكَرِيَّا فِى الْبَرِّيَّةِ " (لو1:3، 2)، وقد بدأ المسيح رسالته بعد ذلك بقليل، ولأنَّ بعض مصادر التاريخ الرومانى، تذكر أن " طيباريوس قيصر" خلف الامبراطور " أُغسطس قيصر" عام (767 من إنشاء مدينة روما)، فالمسيح إذن- كما رأى- يكون قد بدأ رسالته عام (782 من إنشاء مدينة روما) أى (767 + 15 = 782).

 

وقد فهم ديونيسيوس ما جاء فى (لو23:3) " كَانَ لَهُ نَحْوُ ثَلاَثِينَ سَنَةً "، على أن المسيح كان عمره ما يقرب من (30 سنة)، أى (29 سنة)، وهكذا حدد ديونيسيوس ميلاد المسيح فى عام: (753 من إنشاء مدينة روما) (782 – 29 = 753)، ولكن هذه النتيجة لا تتفق مع مُعطيات الإنجيل الثابتة، التى تذكر بوضوح أن ميلاد المسيح حدث فى أيام هيرودس الملك (مت1:2)، ومن الأكيد أن الميلاد كان قبل وفاة هيرودس ببضعة أشهر على الأقل، كما يتضح من أخبار: زيارة المجوس، وقتل أطفال بيت لحم، والهروب إلى مصر، ثم العودة إلى الناصرة (مت2).

 

عيد الميلاد فى التاريخ

يقول الراهب كاراس المحرقى فى كتابه "زمن ميلاد المسيح"، أن كل من يرجع للتاريخ القديم، لا يجد أى أثر للاحتفال بعيد ميلاد المسيح فى فجر المسيحية، ويرجع ذلك لعدة أسباب، كان الاحتفال بعيد القيامة يستقطب كل شيء، وقد استمر يوم الأحد بمثابة عيد فصح أُسبوعى، ثم ظهرت بعد ذلك رغبة شديدة، فى الاحتفال بواحد من آحاد السنة بطريقة مُميَّزة كونه عيدًا للقيامة.

 

وكانت الكنيسة ترى أن الاحتفال بأعياد الميلاد هى عادة وثنية يجب نبذها، وقد صرّح أوريجانوس فى أوائل القرن الثالث بأن الكنيسة لا تنظر بعين الرضى إلى مثل هذه العوائد، وأشار إلى أن الكتاب المُقدَّس لم يذكر إلاَّ عيد ميلاد فرعون وهيرودس، فأحدهما فى نظره وثنى والثانى كافر.

 

أما السبب الثالث فهو روحى فقد رأت الكنيسة، أن عيد ميلاد القديس الحقيقى يوم نياحته ودخوله السماء، ولهذا عندما بدأت تُكرم الشهداء والقديسين فى (ق3م)، صارت تحتفل بذكراهم فى يوم استشهادهم، لذا لم تهتم الكنيسة فى القرون الأولى بالبحث عن تاريخ ميلاد المسيح والاحتفال به.

 

لماذا اختارت الكنيسة القبطية يوم 6 يناير

يقول الراهب كاراس، أن "باسيليدس" أحد رؤساء جماعات الغنوسيين، أو العارفين بالله كما يُترجم اسمهم، وهو المؤسس الأول للمدرسة الغنوسيّة فى مصر سنة (130م)، وقد انحرفوا فى معتقدات كثيرة أخطرها بدعتهم أن المسيح إنسان كسائر البشر، ثم أصبح ابن الله فى عماده، عندما حل عليه الروح القدس على هيئة حمامة، وتبناه الآب بقوله: " هَذَا هُوَ ابْنِى الْحَبِيبُ الَّذِى بِهِ سُرِرْتُ " (مت17:3).

 

واختارت الكنيسة القبطية يوم " 6 يناير " تحديدا، يرجع إلى اعتقاد كان سائدًا لدى سكان مصر، يُوحى بأنَّ مياه النيل تنال فى هذا اليوم قوة عجائبية خاصة، تمنح الشفاء لكل من يستخدمها بسبب إلقاء جسد الإله أوزوريس فيها، كما كانت الإسكندرية تحتفل فى نفس اليوم بعيد ميلاد إله المدينة " إيون " وهو حسب اعتقادهم ابن العذراء " كورى " وهى على وجه الترجيح " إيزيس "، وقد أمن بذلك أتباع صاحب بدعة يدعى "باسيليدس"، ولكن الكنيسة رفضت المعتقدات الوثنية ولكنها ظلت تحتفل بعيد ظهور "ابن الله" ولكن ليس حسب مفهومهم الخاطئ، فكانت تُقيم عيد الميلاد فى (5 يناير) مساءً، وتحتفل بالعماد فى صباح اليوم التالى أى (6 يناير).

 

وهكذا بقيت الكنيسة تُقيم العيدين معًا فترة من الزمن، ثم فصلت أحدهما عن الآخر، فبقى عيد الغطاس كما هو فى (6يناير)، وتم نقل عيد الميلاد إلى (25 ديسمبر)، بحسب كاراس المحرقى الذى تابع، ولا ندرى متى تم هذا الفصل بالتحديد، فالأرجح أن كنيسة روما هى التى قامت بهذه الخطوة فى عهد البابا يوليوس الأول، فى الفترة ما بين (336 – 352م)، ولا تزال القضية بين يدى علماء التاريخ.

 

استبدال عيد الشمس فى الغرب بعيد الميلاد

"نستطيع أن نقول: أن روما هى أصل نشأة عيد الميلاد، كما أن الإسكندرية أصل نشأة عيد الغطاس، ولكن عيد الغطاس متقدّم فى الزمن عن عيد الميلاد الذى لم يظهر إلاَّ فى وقت متأخر نسبيًا"، هكذا يقول الراهب كاراس المحرقى، الذى تابع فى كتابه فى مطلع القرن الثالث لم يكن عيد الميلاد معروفًا، لكن فى هذا الوقت ظهرت محاولات مختلفة لتحديد تاريخ عيد ميلاد المسيح، ويؤكد هذا ما جاء فى كتاب " حساب الفصح " المنسوب للقديس " كبريانوس " أسقف قرطاجنة (200- 258م)، والذى يضع ميلاد المسيح فى (28 مارس)، أمَّا فى منتصف القرن الرابع كانت روما تحتفل بعيد الميلاد فى (25 ديسمبر).

 

ويعود السبب لاحتفال الكنيسة الغربية بعيد الميلاد يوم 25 ديسمبر بحسب المؤرخين لأمرين، الأول لاهوتى فمن المعروف أن مجمع نيقية سنة (325م)، قد أعلن أُلوهيّة المسيح منذ ميلاده، فكان ولابد من رفع الالتباس الناتج عن الاحتفال مع أتباع باسيليدس بعيد الظهور الإلهى، ثم تقييم ذكرى الميلاد وكشف رموز هذا السر العظيم وإظهار معانيه، وهذا يعنى ضرورة فصل العيدين، فبقى عيد الغطاس فى (6يناير= 11 طوبة)، ونُقل عيد الميلاد إلى (25 ديسمبر).

 

وكانت فى روما تقام احتفالات عظيمة للإله ميثرا والشمس، فى يوم 25 يناير، وقد انقاد المسيحيون الذين لم يكن إيمانهم قد كمُل للتيار الوثنى، وراحوا يكرمون هم أيضًا الشمس! فلمَّا أرادت الكنيسة أن تحمى وتُبعد أبناءها عن هذه المعتقدات الوثنية الفاسدة، نقلت عيد الميلاد إلى هذا اليوم، وبهذا المنهج فى فهم سيكولوجية الشعوب، نجح الغرب فى استبدال عيد الشمس بعيد ميلاد المسيح، وقد ساعد على ذلك أن المسيحية قد صارت الديانة الرسمية فى الإمبراطورية الرومانية، فى عهد قسطنطين الملك فى القرن الرابع.

 

الكنيسة القبطية تستبدل عيد الميلاد لـ 6 يناير

فى كتابه "زمن ميلاد المسيح" يقول الراهب كاراس المحرقى، نرى الآن كنيستنا تحتفل بعيد الميلاد فى يوم فما هو سبب الانتقال من (25 ديسمبر) إلى (7 يناير)؟ أن الأسباب فلكية محضة، ولا علاقة لها بالعقيدة أو اللاهوت أو الروحيات، فكنيسة الإسكندرية تسير على التقويم المصرى القديم الذى يبدأ بشهر توت، وقد حددوا رأس السنة (1 توت) فى يوم قران الشمس مع ظهور نجم الشعرى اليمانية، وهو ألمع النجوم فى السماء ويُسمى باليونانية " سيروس وبالمصرية " سبدت وبموجب هذا التقويم يبلغ طول السنة: (365 يوم + 6 ساعات)، وعمل الأقباط بعد دخول المسيحية مصر بهذا التقويم، أمَّا الغرب فكان يسير حتى عام (1582م) على التقويم اليوليانى، الذى يحسب طول السنة مثلنا تمامًا، فمن المعروف أن يوليوس قيصر قد كلّف العالم الفلكى السكندرى بضبط التقويم الرومانى القديم، فوضع تقويمًا جديدًا فى عام (45 ق.م)، عُرف باسم التقويم اليوليانى نسبة إلى يوليوس قيصر.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة