التحدى الأصعب.. كيف يحاول بايدن تجاوز سياسة التنوع التقليدية للحزب في اختيار أعضاء إدارته؟.. الرئيس المنتخب يدجج إدارته بالجمهوريين لإنهاء الانقسام السياسى.. والشارع "غير المسيس" أكبر التحديات لتقويض إرث ترامب

الأربعاء، 16 ديسمبر 2020 09:41 ص
التحدى الأصعب.. كيف يحاول بايدن تجاوز سياسة التنوع التقليدية للحزب في اختيار أعضاء إدارته؟.. الرئيس المنتخب يدجج إدارته بالجمهوريين لإنهاء الانقسام السياسى.. والشارع "غير المسيس" أكبر التحديات لتقويض إرث ترامب جو بايدن يحاول إنهاء حالة الانقسام في الشارع الأمريكي
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على الرغم من انتصار جو بايدن في المعترك الرئاسى الأمريكي، أمام الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، في واحدة من أشرس الانتخابات التي شهدتها الولايات المتحدة في تاريخها، فإنه مازال لم يتجاوز التحدى الأصعب، وهو إنهاء حالة الانقسام في الشارع الأمريكي، والتي تعكس حقيقة مفادها أن خسارة ترامب لعرش البيت الأبيض، لا يعنى نهاية حقبته، في ضوء الإرث الذى تركه، سواء في النهج الذى تبناه في التعامل مع مختلف القضايا سواء في الداخل الأمريكي، أو على المستوى الدولى، أو فيما يتعلق بخطابه الشعبوى، الذى طالما وجد قبولا كبيرا في الشارع، ربما كانت الاحتجاجات الغاضبة بمثابة ترجمة دقيقة لها، منذ الإعلان عن نتائج الانتخابات الأخيرة، التي أجريت الشهر الماضى.

ولعل النهج الذى تبناه ترامب، رغم اختلافه الجذرى عن مختلف أسلافه، لاقى قبولا كبيرا في الشارع، باعتباره أعطى الأولوية القصوى للمواطن، وهو ما بدا في مسألة الهجرة، مرورا بالاقتصاد ومشكلات البطالة التي عانى منها الأمريكيون في سنوات ما قبل ترامب، خاصة في أعقاب الأزمة المالية العالمية، وانتهاءً بأزمة كورونا، والتي رفض البيت الأبيض الحلول التقليدية، القائمة على فكرة الإغلاق الكلى، في التعامل معها تفاديا لتداعياتها الاقتصادية، مما ساهم بصورة كبيرة في حالة الاستقطاب الراهنة، والتي تجلت بوضوح فى التقارب الكبير في الأصوات التي حصل عليها المرشحان للرئاسة الأمريكية، وهى الحالة التي أعرب عنها الرئيس السابق باراك أوباما، والذى يعد ألد خصوم ترامب، بقوله أنها انعكاس لـ"انقسام الأمة".

التنوع التقليدي.. الديمقراطيون يعتمدون سياسة "السبق" لتصدير التسامح العرقى

وهنا يبقى التحدى الذى يواجه بايدن هو إعادة توحيد الأمريكيين، عن طريق تحقيق أكبر قدر من التوازن في إدارته، عبر اختيار أعضائها، بما يضمن حالة من القبول في الشارع الأمريكي، وهو ما ترجمته بعض الترشيحات، ربما أبرزها نائبته كامالا هاريس، والتي تعد أول امرأة، بالإضافة إلى كونها أول شخصية ذات أصول مهاجرة، تشغل هذا المنصب، بالإضافة إلى المرشح لوزارة الدفاع لويد أوستين، ليكون كذلك أول مواطن من ذوى الأصول الإفريقية يقود وزارة الدفاع في بلاده، بل وامتدت حالة التنوع في عناصر الإدارة، لتشمل ريما دودين ذات الأصول العربية، بل كذلك بيت بوتجيج، وهو مثلى الجنس، ليكون مرشحا محتملا لمنصب السفير الأمريكي بالصين.

نائبة الرئيس المنتخب كامالا هاريس
نائبة الرئيس المنتخب كامالا هاريس

ولكن بالرغم من التنوع الكبير الذى تشهده عناصر الإدارة الجديدة، يبقى امتدادا للنهج الذى طالما تبناه الديمقراطيون، عبر السبق فى تقديم مختلف الأعراق والأجناس، في المناصب الكبرى، على غرار ترشيح باراك أوباما للرئاسة في 2008، ليكون أول أمريكى من أصول إفريقية يتولى المنصب، وكذلك تقديم هيلارى كلينتون في انتخابات 2016، لتكون أول امرأة، بل وأن النهج الديمقراطى في هذا الإطار له جذور تاريخية، حيث كانت أول نائبة سمراء بالكونجرس، وهى تشيرلى شيوليم، ديمقراطية، في انعكاس صريح لأيديولوجية الحزب القائمة على تصدير صورة "التنوع" العرقى، وربما الدينى، فى الكثير من الأحيان، بينما تبقى السياسات واحدة في نهاية المطاف في الكثير من الأحيان.

كسر الصورة النمطية.. التمرد الجمهورى ورقة بايدن لتقويض إرث ترامب

إلا أن بايدن ربما يسعى إلى كسر تلك الصورة النمطية، عبر اختيارات أكثر شمولا وتنوعا، ليضم بين أعضاء إدارته عناصر تتجاوز النطاق التقليدي، لسياسات الحزب، عبر اختيار جمهوريين، في مناصب بارزة، على غرار سيندى ماكين، زوجة السيناتور الجمهورى الراحل جون ماكين، والتي ساهمت بصورة كبيرة في فوز بايدن بولاية أريزونا، لتكون المرة الأولى لمرشح ديمقراطى يفوز بأصوات الولاية ذات التوجه الجمهورى منذ حقبة بيل كلينتون، أو الاحتفاظ بأنتونى فاوتشى، في منصب كبير مستشارى البيت الأبيض في مجال الصحة، وهو المنصب الذى يشغله حاليا خلال إدارة ترامب، كما أن الباب يبدو مفتوحا أمام قطاع أخر من الجمهوريين الذين تبنوا رؤى معارضة لترامب، على غرار عمدة أوهايو السابق جون كاسيك، أو السيناتور السابق جيف فليك وغيرهم.

ماكين وزوجته فى لقاء سابق مع بايدن
ماكين وزوجته فى لقاء سابق مع بايدن

الاعتماد على الجمهوريين المعارضين لترامب من قبل بايدن وإدارته، من شأنه أن يضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، فمن خلاله يمكنه تقديم نفسه باعتباره "رئيسا لكل الأمريكيين" بعيدا عن أية اعتبارات عرقية أو دينية أو حتى حزبية، وهو ما يمكنه أن يعيد قدرا من الوحدة للشارع السياسى في الولايات المتحدة، كما أنه في الوقت نفسه يمكنه من خلاله تقويض شعبية الرئيس المنتهية ولايته، والقضاء على إرثه السياسى، عبر وضع وجوه، لها شعبية كبيرة في الشارع الجمهورى على مقاعد السلطة، مما يساهم في حشد الشارع السياسى بأسره خلف القرارات التي تتخذها الإدارة خاصة في أشهرها الأولى، ناهيك عن زرع بذور الانقسام داخل الحزب الجمهورى، بين مؤيدى ترامب ومعارضيه.

ولكن يبقى الشارع "غير المسيس" بمثابة التحدى الأكبر الذى يواجهه بايدن، خاصة مع نجاح ترامب فى مخاطبة المواطن العادى، الذى لا يحمل توجهات سياسية، خاصة فيما يتعلق بقدرته على تطويع كافة المؤسسات لخدمة الداخل، بما فيها المؤسسات الدبلوماسية الأمريكية، وهو ما بدا في سياساته الخارجية التي انصبت في معظمها لخدمة الاقتصاد الأمريكي على حساب التحالفات التقليدية لواشنطن، بالإضافة إلى رؤيته لقضية الهجرة، والتي تعد بمثابة كابوس للأمريكيين، بسبب مزاحمة المهاجرين لهم في أرزاقهم، ناهيك عن رؤيته للدور العسكرى الأمريكي خارج الحدود، في ضوء تبنيه فكرة عودة القطاع الأكبر من الجنود إلى أراضيهم، وهو ما حظى بقبول واسع.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة