محمد حسين

الروضة.. قرية أحيتها دماء الشهداء

الأربعاء، 25 نوفمبر 2020 06:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

‏بعد مرور 3 سنوات على أبشع جريمة في هذا القرن، وهي قتل أكثر من 300 مصل وهم يؤدون صلاة الجمعة في مسجد قرية الروضة بشمال سيناء، بدأت القرية في جني ما روته دماء الشهداء على أرضها بعمران عم المكان ظهر فى كل أركانها .

 

هكذا بدا لى المشهد وأنا أترجل من على مسار الطريق الدولي المار بأطراف القرية الشمالية.. في طريقي لمركز الشباب، أحدث منشأة خدمية تم تشغيلها فى المكان ويحمل اسم "شهداء الروضة‏"، ويخلد ذكراهم بلوحات على جدران مدخلة.

 

 المشهد في قرية الروضة في هذا الوقت من 3 سنوات مضت كان "بشعا"، هكذا رأيته في ذاك الوقت، عندما أزاح "أحمد"، الغطاء الأبيض عن وجه صديقي "عبد الرحمن"، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة، على وجه من كان مهموما بالسعى لخدمة الغير، "عبد الرحمن " كنت احاول الاتصال به عندما سمعت أنه تم اقتحام المسجد لأعرف الحقيقة ولا يرد.. رأيته للمرة الأخيرة وقد اخترقت رصاصات الغدر رأسه وصدره ، وحوله كثر داخل المسجد وفى محيطه فى نفس حاله ، ورأيته قبل  استشهاده وهو يهم متطوعا لإتمام وصول احتياجات اطفال يدرسون فى عشة تعلمهم فتاة متطوعة جنوب القرية،  بينما لم أرى صديقي القعيد "ماجد"، وكان كرسيه المتحرك وحيدا ينتظره قرب الباب ، "ماجد" عرفته بعد ‏تقرير،  تدخل فاعل خير لأكتبه عنه، بهدف أن يتم الالتفات  لحالته باعتباره العائل لأسرته ، "ماجد استشهد ووالده المسن"، قال لى شقيقه الأصغر لينضم لجملة من اعرفهم من الشهداء من أهل القرية وعابري سبيل توقفوا لأداء صلاة الجمعة أثناء سفرهم  ويجمعني بهم الكثير .

"الروضة"، حملت اسم الجنة، وهى لساكنيها جننتهم على الأرض،  احتضنت كل من يبحث عن الأمان من حولها،  وانشغل ما فيها بذكر الله في مدرسة تأديب وتهذيب النفس "الزاوية" وهى الساحة التى تجاور المسجد‏، وفيها يستقبل أهلها ضيوفهم من المحبين لهم، وعابري السبيل بكرم وجود أهل الصحراء الأصيل، عقيدتهم نبذ كل تطرف وتشدد وإرهاب وقتل وتخريب بأسم الدين.. وفى ماضيهم عندما تعرضت سيناء لمحنة الاحتلال الإسرائيلى، كان من بينهم أبطالا فى خندق المقاومة وعيون ساهرة لخدمة الوطن .

قوافل الشهداء، وهم يرحلون بالمئات من ساحة المسجد إلى مثواهم الأخير "مدافن مزار " على مشارف القرية الشرقية، ‏لم يترك فراغا كما كان يخشى من  فقدوهم وبكوا رحيلهم، وهم يتفقدون آخر ما تبقى من متعلقاتهم فى موقع استشهادهم داخل المسجد " سبح " " طواقى بيضاء " "عقالات سوداء"، وامام بابه احذية تركوها بعيدا احتراما لقدسية بيت الله ولَم يعودا إليها .

‏رحيل الشهداء لم يعقبه خراب لبيت الله وانطفاء نور مأذنته فوق سماء القرية، كما خطط المجرم ونفذ القاتل وصفق لهما كل خائن وعميل ومستفيد .

بعد 3 سنوات من الذكرى الأسوأ في عالم الجريمة المنظمة، والأسعد على من نال شرف الشهادة، بدأت القرية تعود لها الحياة، وبحسب وصف "الشيخ محمد رزيق "، أمام مسجد الروضة الذي نجاه من الحادث، أن اعداد الحضور في صلاة الجمعة من جديد سدت فراغ كل شبر فى المسجد، وحوله بدأت بيوت القرية أكثر جمالا مما سبق بعد أن تم رفع كفاءتها ورصف الشوارع، وشيدت منشآت خدمية قدرت تكلفتها بحسب بيانات محافظة شمال سيناء الرسمية 164 مليون جنيه.

 أهالي قرية الروضة، لهم عتاب على جهات خدمية لم تشارك جهود الدولة حملة إعمار القرية،  بينها "الاتصالات"، فهى  شبه معطلة، بعد أن قطعت كابلاتها أثناء مد مرافق خدمية وطرق، واصبح من يعمل منها متهالك وتحتاج كل الشبكة لتغيير، بينما فى الوحدة الصحية للقرية التى جهزتها الدولة بكل المرافق، غاب الطبيب وغاب  دور مديرية الصحة فى سد هذا الفراغ ، ولا يزال  حاضرا الأثر النفسى للجريمة على من عاش لحظة الموت فى المسجد ومن فقد عائله، ويحتاج لجهد أكثر بمزيد من قوافل الدعم النفسى والطبى وإتاحة فرص للأطفال والشباب برحلات ترفيهية ومشاركة أسر الشهداء الام يعيشونها وتكثيف لمراكز الترفيه داخل القرية، وإيجاد فرص تسويق منتجات هاند ميد تراثية  تبدع في تصنيعها فتيات وسيدات واخرى  من منتجات القرية كزيت الزيتون والتمور وغيرها .

حلم يتمنى تحقيقه أبناء قرية الروضة من ذوي الشهداء، أن يخصص يوم 24 نوفمبر من كل عام "يوم للشهيد المدنى" على مستوى مصر ، لتخليد ذكرى يوم وقوع أكبر مجزرة فى حق مدنيين عزل ، وأن يتم ضمهم لدائرة عمل المجلس القومى لأسر الشهداء والمصابين، ويطلق اسماء من استشهدوا فى مجزرة الروضة من ابناء المحافظات اسمائهم على منشآت وميادين وشوارع فى قراهم ومدنهم … رحم الله شهداء الروضة فهم فى  القلب.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة