في ديسمبر 2011 تلقيت اتصالا تليفونا من الدبلوماسي المصري المخضرم، السفير دكتور محمد نعمان جلال مساعد وزير الخارجية الأسبق، وكان وقتها مستشارا سياسيا بوزارة الخارجية البحرينية ومجلس التعاون الخليجي، وبعد السؤال عن العائلة وتبادل الأحاديث الودية، حيث تعود علاقتنا لسنوات من الاحترام والزيارات المتبادلة في أجازته بالقاهرة هو وزوجته الفنانة التشكيلية كوثر الشريف.. فاجأني السفير نعمان بأنه رشحني لوظيفة شاغرة في مجلس النواب البحريني وهي مستشار رئيس المجلس للشؤون الإعلامية، وأن هناك لجنة ستصل لامتحان المرشحين لهذا المنصب أي أنا وغيري.
كان نعمان جلال معروفا بنزاهته وصرامته في آن واحد، وهو من أكفأ الدبلوماسيين الذين أسهموا في ترسيخ العلاقات المصرية الصينية، ولذلك كان على الاستعداد والمذاكرة ومراجعة المعلومات المتوفرة عن مملكة البحرين، تاريخها ودستورها وأهم الصحف فيها وأبرز الكتاب والقضايا الشائكة هناك.
وصلت لجنة تضم الأمين العام لمجلس النواب محمد حسن غريب وكان ينتمي لجمعية الأصالة التي تمثل التيار السلفي، وكان بدرجة وكيل أول وزارة والأمين العام بدرجة وزير، وكان معه رئيس هيئة المستشارين القانونيين للمجلس الدكتور صالح الغثيث وهو بحريني من أصل عراقي وعدد من كبار الموظفين بالمجلس.
اتصل بي الدكتور صالح الغثيث عند وصولهم للقاهرة، وأعطاني موعدا للقاء اللجنة في أحد فنادق القاهرة، وقد وصلت عند الموعد المحدد وكان منتظرا قبلي المرحوم الدكتور عبد المحسن ريان (توفي 2019) أستاذ القانون العام بجامعة أسيوط، وكانت مصادفة أن تم اختياره مستشارا قانونيا للمجلس، وقد استمرت علاقتنا حتى توفاه الله نوفمبر الماضي.
سألتني اللجنة عن معلوماتي عن مملكة البحرين ونظامها الأساسي وماذا لو كتبت بيانا عن واقعة معينة دون المساس بالطوائف والمذاهب والانتماءات المختلفة وماذا لو طلب مني تقديم تقرير عن القوانين المثارة في وسائل الإعلام.
انتهى الامتحان وسافرت اللجنة عائدة إلى المنامة، وانتظرت شهورا حتى فوجئت باتصال هاتفي من السيد محمد حسن غريب، يبلغني باختياري مستشارا لرئيس المجلس، وأنه سوف يرسل العقد على البريد الإلكتروني طالبا مني الاستعداد للسفر بعد أيام قلائل.
وصلت البحرين في المساء وكان في استقبالي غازي عبد المحسن " بو نزار" مدير عام العلاقات العامة بالمجلس والدكتور علي عبد الفتاح نائب رئيس هيئة المستشارين وموظف لتسهيل الإجراءات، وذهبنا من المطار إلى الفندق، ثم تناولنا العشاء بمطعم سمك بمنطقة البديع التي يقطنها خليط من السنة والشيعة.
في صباح اليوم التالي حضر غازي عبد المحسن أبو نزار إلى الفندق لاصطحابي للقاء رئيس مجلس النواب الشيخ خليفة بن أحمد الظهراني، وفي أثناء رحلتنا الطويلة من منطقة الجفير حيث أسكن إلى البر وهو مكان في الصحراء للشواء والتريض، دار حديث ودي بيني وبين بو نزار عن عمله مذيعا بإذاعة البحرين فترة طويلة ودراسة زوجته الإعلامية المعروفة إيمان مرهون بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وقد صرنا منذ ذلك اليوم أصدقاء لا نفترق يوميا داخل المجلس أو خارجه.
دخلت على رئيس مجلس النواب الشيخ خليفة الظهراني في خيمة بالبر بمنطقة الصخير جنوب البحرين القريبة من القصر الملكي، حيث موسم التخييم والشواء والمهرجانات في الصحراء، قدمني بو نزار للشيخ خليفة "بو محمد"، فقال لي تفضل سعادة المستشار، وجلسنا على مائدة عامرة من شتى أنواع الطعام والمشروبات. وكانت تجربة جديدة تختلف عما رأيته في شرم الشيخ جنوب سيناء وبين قبائل مرسى مطروح.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة