وتمكنت وزيرة المالية الكينية، أمينة شواهير محمد جبريل، من البقاء في السباق إلى جانب الشخصية النيجيرية البارزة، نجوزي أوكونجو إيوالا، وزيرة المالية السابقة والخبيرة في صندوق النقد الدولي، كما تم خلال التصويت الأول الذي عقد في 16 سبتمبر الماضي، تصعيد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي السابق، محمد مزيد التويجري، إضافة إلى مرشحين آخرين هما وزير الدولة للتجارة الدولية الأسبق، ليام فوكس من بريطانيا، ووزيرة التجارة الكورية الجنوبية الحالية، يو ميونج-هي، أول امرأة تتولى حقيبة وزارة التجارة في كوريا الجنوبية. 


ومن بين ثمانية مرشحين، تمكن المتنافسون الخمسة، الذين يمثلون 3 قارات (أفريقيا، وآسيا، وأوروبا)، من حصد الدعم والأصوات اللازمة التي تؤهلهم للدخول في جلسة التصويت الثانية التي ستعقد غداً.


وحسب قواعد الترشيح لمنصب مدير "منظمة التجارة العالمية"، من المقرر تصفية المرشحين الخمسة الفائزين في التصويت الأول إلى متنافسين اثنين، على أن يتم المفاضلة بينهما في جلسة تصويت ثالثة وأخيرة حُدد لها موعد السابع من نوفمبر المقبل على أقصى تقدير. 


وفتح موعد "السابع من نوفمبر" شهية العديد من المراقبين والمقربين من منظومة العمل في "منظمة التجارة العالمية" إلى الربط بينها وبين الانتخابات الأميركية التي من المقرر أن تعقد في 3 نوفمبر المقبل، ما لم تطرأ تغييرات مفاجئة في ضوء التطورات الأخيرة بإصابة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفيروس كوفيد- 19، وبروز أصوات في الداخل الأميركي تنادي بتأجيل الانتخابات. 


وفي تقرير نشرته صحيفة "نيرا ميتريكس" النيجيرية، يقول الصحفي شيكي أوليساه، إن مراقبين كثرا أبدوا تخوفهم من "تسييس عملية التصويت" داخل المنظمة، التي وصفوها بأنها "مكبلة" نظراً لاعتمادها على الإجماع في اتخاذ قراراتها، فضلا عن خضوعها لسيطرة الدول الكبرى صاحبة السطوة والغلبة، علاوة على أنها باتت فريسة للنزاعات التجارية الطاحنة التي نشبت أخيراً بين الولايات المتحدة والصين، أول وثاني أكبر اقتصادين بالعالم في ضوء تضارب مصالحهما. 


واستشهد التقرير بتصريحات سابقة أدلى بها ستة مسؤولين وخبراء سابقين في "منظمة التجارة العالمية" قالوا فيها إن الأمر لن يعتمد على الكفاءات والخبرات التي يعكسها المرشحون، بل إن عملية الاختيار برمتها تعد من القرارات المسيسة، وألمحوا إلى اختيار المدير الجديد مرهونة بمن سيتربع على عرش البيت الأبيض في الولايات المتحدة سواء كان دونالد ترامب الجمهوري أم جو بايدن الديمقراطى. وبرهنوا على ذلك بأن موعد جلسة التصويت الثالثة والأخيرة حُدد لها موعد السابع من نوفمبر المقبل بعد أربعة أيام من الانتخابات الأميركية. 


ويرى مسؤولو المنظمة السابقون إن منظومة التسييس بداخل مقر المنظمة في جنيف تبدو امامنا كما لو كنا "نطارد أوزة برية"، ما دامت التطورات المصيرية التي ترسم مستقبل المنظمة "المكبلة" مرهونة بنتائج ما سيحدث في 3 نوفمبر، معربين عن اعتقادهم بأن إدارة ترامب ليس من المرجح أن تسارع بـ"قبلة حياة" لإنقاذ المنظمة التي هددها قبل أشهر بالانسحاب منها. وكان ترامب شن حرباً تجارية ضارية ضد الصين، وفرض تعريفات جمركية على حلفائه من الدول، ودمر قدرات المنظمة على التدخل في النزاعات التجارية من خلال رفض تشكيل وتعيين أعضاء "هيئة الاستئناف" التابعة للمنظمة. 


كان المستشار السابق لمدير المنظمة، دافيد تينلين، قال "أجد صعوبة في تصور أن إدارة ترامب سوف تحول مسارها وتقوم بعمل إيجابي تجاه المنظومة (في المنظمة). 


ومن جانبه، أفصح الممثل التجاري السابق للولايات المتحدة، روبرت لايتهيزر، عن نوايا إدارة ترامب في هذا الخصوص، قائلاً أمام مشرعين في الكونجرس الأميركي في يونيو الماضي، "إن منظمة التجارة العالمية WTO بحاجة إلى قائد إصلاحي، وإنه سيستخدم حق الفيتو ضد أي مرشح يشتم فيه رائحة مناهضة لأمريكا." 


وكان عضو سابق في منظمة التجارة العالمية، بيتر فان دين بوش، طرح مساراً آخر قائلاً "يمكننا أن نلعب مباراة الانتظار، غير أن ذلك قد يدفع القرار (الاختيار) إلى شهر فبراير أو مارس من عام 2021 على الأقل"، غير أن المنظمة ستبقى حتى هذا الوقت بحاجة إلى قائد قوي يمكنه تسهيل عملية اتخاذ القرار، ولملمة الدول الـ164 الأعضاء للالتفاف حولها، وهو احتياج حتمي لإنعاش المنظمة العالمية المحاصرة والمكبلة بصورة حرجة. 


ويعتبر المسؤولون السابقون في المنظمة أن النزاع الاقتصاد الاقتصادي الأميركي- الصيني يمثل عامل انقسام إضافي، في ضوء أن كلتا الدولتين من المرجح أن ترفض أي مرشح تدعمه الدولة الأخرى. 


ورغم أن دعوات عدة تعالت في السنوات الأخيرة بضرورة أن تتولى شخصية أفريقية رئاسة منظمة التجارة العالمية WTO، التي أدارها ثلاثة مدراء من أوروبا، ومدير من كل من قارة أوقيانوسيا (أستراليا ونيوزيلندا)، وقارة آسيا، وقارة أميركا الجنوبية، فإن هناك تخوفاً من أن تصاعد عملية "تسييس القرارات" بالمنظمة قد يحبط تلك الدعوات ويحرف التصويت إلى اختيار شخصية من قارة أخرى، لتخرج أفريقيا من السباق صفر اليدين.