أكرم القصاص - علا الشافعي

علي الكشوطي يكتب: Bullmastiff.. ربما ليس عليك ألا أن تكون "كلبا"

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2020 11:00 م
علي الكشوطي يكتب: Bullmastiff.. ربما ليس عليك ألا أن تكون "كلبا"  Bullmastiff

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وحدها أهوال الحرب هي التي تسكن الروح وربما لا تغادرها أبدا، إلا بـ"طلوعها" أقصد الروح بالطبع، تلك الأهوال التي لا يستطيع أحد توصيفها إلا من عاشها وعاصرها، فمهما وصف البعض شكل الحرب والمشاعر والضغوط التي يعيشها الجندي، فبكل تأكيد الأمر لا يضاهي أبدا بأي حال من الأحوال ما يشعر به الجندي نفسه على الجبهة، فمهما وصفت أو رويت عن قصص الحياة والموت، لا يشعر بالمعاناة إلا من عاشها فقط فهو من يعتصر قلبه ويضيق صدره بأهوالها.
 
 
 
58d8a7a7-44e0-469c-8165-5841998c95c7
 

 

658e5d7e-d6ca-4e9e-a786-86e214c7cc1f
 
لذا المخرجة أناستازيا بوكوفسكا نجحت في أن تقدم فيلمها القصير الأوكراني Bullmastiff أو "بولماستيف" المشارك بمهرجان الجونة بمسابقة الأفلام القصيرة، عن الحرب ولكن من منظور مختلف، منظور إنساني لا يعتمد فقط على مشاهد القتال والدماء وتناثر الجثث وإنما اعتمد على تبعات تلك الحروب ما تتركه راسخا في نفوس وقلوب المشاركين فيها، تلك الحروب التي يعود منها الأحياء موتى لا حياة فيهم سوى "أنفاس داخلة وأنفاس خارجة"، ما تتركه الحروب في نفوس من قضى شهورا من عمره على الجبهة ليس بسهل أبدا ولا ينسي فتظل ومضات مآسيها وجراحها تتناثر أمام عينك وربما لا تترك لتنام الليل أو حتي تهنأ بالنهار.
 
ما يميز فيلم بوكوفسكا هو قدرته على التعبير عن حالة الجندي العائد من الحرب للحياة المدنية الشخص الذي اعتادت أذنيه أن تسمع صوت القذائف واعتادت عينيه على لون الدماء، وربما اعتاد هو شخصه أن يفقد من حوله في غمضة عين، ذلك الشخص الذي يدعي " ميتيا" يحاول بكل الطرق التأقلم والتعايش مع حياة مدنية علي النقيض من حياته في ساحة المعركة لكنه لا يهنأ أبدا فمشاهد الحرب لا تزال عالقة في ذهنه والأشلاء تتناثر أمام عينه وكأنه لا يزال في ساحة الحرب.
 
قدمت أناستازيا بوكوفسكا فيلمها المبني علي قصة حقيقية بالاعتماد علي القليل من الحوار وفتح الكادر للكثير من الكلام الذي لا يقال، فأثناء بحث "ميتيا" عن ذاته وعن مخرج من مأذق الماضي الذي لا يستطيع التخلص منه، اختاره كلب ينتمي لفصيلة Bullmastiff، ليسير خلفه يتشمم أصابعه ليجد فيه رائحة الرفيق وكأن ميتيا والكلب كانا يبحثان عن بعضهما البعض كل منهما يريد رفقة يريد قلب رحيم عطوف كل منهما وجد في الآخر الآمان والحب والعطاء تلك الصفات التي تتمتع بها الكلاب وتمنحها لصاحبها بلا مقابل وربما تكاد تتلاشي من بعض البشر ممن شوهتهم الحياة والمادة فلا يستطيع أحد منهم أن يكون "كلبا" ولو لمرة واحدة وربما عليه أن يفعلها.
 
 
675632da-1af4-40d0-826c-ec58fde0cc0b
 
ربما ليس سهلا علي الإنسان أن يربي حيوان أليف لم يكن مستعدا لإستضافته بحياته لكن "ميتيا" استطاع أن يتألقم سريعا معه لما لديه من قدرة علي التعلم والذكاء، وبعد أن كان يحاول البحث عن صاحب ذلك الكلب قرر أن يقتينه بعدما استطاع أن يهون عليه الحياة ويكون خير الرفيق لتفاجئ بوكوفسكا مشاهدي الفيلم بأن الكلب كان لجندي آخر ذاق مرار الحرب لكنه لم يتحمل اهوالها فأصبح جسد بلا روح لكنها تمسك بعوده كلبه الذي ربما لم ينجذب لـ "ميتيا" إلا أنه وجد روحه مشوهه كصاحبه الأصلي بسبب أهوال ما شاهده في الحرب، ليقرر "ميتيا" تبني كلب جديد يدخل علي روحه الأمان والحب الذي افتقده بسبب قرارات بشر فضلت الموت عن الحياة واتخذت قرار الحرب دون التفكير ولو للحظة في الأهوال التي تأتي نتيجة تبعات تلك الحروب ولا تطيقها النفس البشرية.
 
اجادت بوكوفسكا تكثيف كل ما تريد طرحه بالفيلم دون مشاهد تدمي القلوب ربما مشاهد قليلة فقط هي ما نري فيها أهوال الحرب لتقريب الصورة للمشاهد ممن  لا يعرف الكثير عما يعانيه المشارك بها، وبرشاقة في الأداء استطاع Evgeniy Lamakh أن يعبر عن حالة الجندي العائد من الحرب.
 
b12754ff-35ee-481f-90c0-72ad8e50c9e8

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة