عفريت أردوغان.. صنعته أمريكا ولم تصرفه.. دراسة حديثة ترصد حقيقة الدعم الأمريكى للنموذج الأردوغانى بعد ١١ سبتمبر.. قدم نفسه كحاكم مسلم علمانى يحتاجه الغرب.. ثم اكتشفت واشنطن أنه شريك غير موثوق فيه

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2020 01:00 ص
عفريت أردوغان.. صنعته أمريكا ولم تصرفه.. دراسة حديثة ترصد حقيقة الدعم الأمريكى للنموذج الأردوغانى بعد ١١ سبتمبر.. قدم نفسه كحاكم مسلم علمانى يحتاجه الغرب.. ثم اكتشفت واشنطن أنه شريك غير موثوق فيه أمريكا صنعت أردوغان
كتب:محمد إسماعيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سلطت دراسة حديثة صادرة عن المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية الضوء على العلاقات المتداخلة بين امريكا والنموذج الاخوانى التركى ،حيث أشارت الى أن التيار الرئيسي في الغرب، لم يربط بين إخوان تركيا وإخوان الشرق الأوسط إلا منذ سنوات قليلة، وذلك بعد أن أفصح الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” عن أيديولوجيته وبدأ في تنفيذها على الأرض. 
 
وأشارت الدراسة الى انه بعد تحالف إخوان تركيا مع إخوان الشرق الأوسط، انتقل الموقف إلى ما يمكن أن نطلق عليه “مشروع عداء”.
وأوضحت الدراسة انه  في البداية، كان هناك توازٍ، ولم يكن هناك ربط، ويشير “دانيال بايبس” ، مدير “منتدى الشرق الأوسط” بواشنطن ، إلى أنه عندما وصل “أردوغان” وحزب العدالة والتنمية إلى السلطة عام 2002 وحتى عام 2016 تقريبًا، كان الجدل بين المراقبين محتدمًا، ويدور حول تساؤل مؤداه: هل لا تزال أنقرة حليفة، كما كانت من قبل؟ وقد استمر هذا النقاش لفترة طويلة رغم أنه كان واضحًا أن “تركيا لم تعد حليفة”، وتم إغلاق هذا النقاش، وتغير السؤال ليصبح، كما يقول “بايبس”: هل عداء تركيا للغرب هو انحراف مؤقت أم إنه الوضع الطبيعي الجديد القائم على المدى الطويل؟.
 
 
ذكرت الدراسة انه قد زاد الاحتياج إلى النموذج التركي بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. فبينما كانت إدارة “جورج دبليو بوش” تتابع الحرب في أفغانستان، وتخطط لغزو العراق؛ كان الغرب بحاجة لأن يفصل محاربته للإرهابيين المسلمين عن “الإسلام”، وهنا تقدم “أردوغان” ومن معه ليقدموا أنفسهم باعتبارهم الحكام المسلمين “المتدينين” الذين لا يعادون الغرب، ويحاربون الإرهاب، وهو ما فعله الإخوان في الشرق الأوسط في الوقت نفسه، عندما قدموا أنفسهم بوصفهم البديل “الإسلامي” للتنظيمات الإرهابية، فظهرت تركيا في صورة الدولة العلمانية والديمقراطية ذات الأغلبية المسلمة، بينما أظهر تيار الإخوان قبوله للديمقراطية وعدم عدائه لإسرائيل، واستعداده لتحقيق مصالح الغرب. وبالفعل، اقتنع التيار الرئيسي في الغرب بأنهم البديل الإسلامي المعتدل في الشرق الأوسط.
 
وأوضحت الدراسة انه في ديسمبر عام 2002، قال نائب وزير الدفاع الأمريكي السابق “بول وولفويتز” (Paul Wolfowitz): “تُظهر تركيا الحديثة أن النظام الديمقراطي متوافق بالفعل مع الإسلام”، وأضاف: “الأشخاص الذين يتشاركون قيم الحرية والديمقراطية التي نشأت عن الحضارة الأوروبية يرون بشكل متزايد أن هذه ليست مجرد قيم غربية أو قيم أوروبية، إنها قيم إسلامية وآسيوية أيضًا”.
 
وفي يوليو عام 2011، قالت وزيرة الخارجية “هيلاري كلينتون” إن الإدارة الأمريكية “ترحب بصعود تركيا كقائد في المنطقة وخارجها، وكحليف مهم في التحديات العالمية الأكثر إلحاحًا”. لقد كانت إدارة الرئيس “باراك أوباما” تأمل في التأكيد على التطور الديمقراطي لتركيا كنقطة مرجعية إقليمية وإضافة أساسية للتحالف المناهض لتنظيم “داعش”.
 
 
 
اشارت الدراسة الى ان هذا بالضبط ما التقطه إخوان تركيا بقيادة “أردوغان”، الذي قدم نفسه بوصفه “حلًّا” لمشكلة، أو نموذج “الحاكم المسلم العلماني الديمقراطي” الذي يحتاجه الغرب، وكان المقابل الذي حصل عليه هو الدعم الاقتصادي والسياسي، والأهم هو المساعدة في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، فقد كان “أردوغان” يدرك أن سعيه لتنفيذ شروط الحصول على عضوية الاتحاد ستحقق له هدفه بإزاحة الجيش من المجال العام، وإزاحته من دوره الدستوري في حماية “علمانية أتاتورك”، فهناك شرط عدم تدخل الجيش في السياسة. وبالفعل، ضاعف الرئيس الأمريكي “بوش” ووزير خارجيته “كولن باول” جهودهما لمساعدة تركيا في بدء محادثات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
 
 
ومن المهم الإشارة هنا إلى أنه بالتزامن مع ذلك حدث التحول ذاته مع إخوان الشرق الأوسط، وخاصة مصر، فقد حدث التحالف معهم ومع حكومات في الشرق الأوسط -مثل السعودية ومصر- للحرب ضد الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، باعتباره كافرًا وعدوًّا للإسلام. وبعد الحادي عشر من سبتمبر 2011، تقدم الإخوان المسلمون في الشرق الأوسط مثل إخوان تركيا، باعتبارهم البديل للأنظمة الحاكمة، فصوروا أنفسهم بوصفهم “نموذج المسلم المعتدل الديمقراطي”، في مواجهة “طالبان” و”القاعدة” وغيرهم من “المتطرفين والإرهابيين”. ومن هنا تم توجيه الدعم لهم لكي يحكموا دول الشرق الأوسط بعد “الربيع العربي”، مثل مصر وسوريا وليبيا.. إلخ.
 
وبحسب الدراسة فإنه كان واضحًا منذ وقت مبكر خطأ هذه الحسابات، وبدا هذا الخطأ بوضوح مع انطلاق مجموعة من المشكلات، بدأت في عام 2003 عندما ضغطت الولايات المتحدة على تركيا لاستخدام أراضيها في إسقاط نظام “صدام حسين” وغزو العراق، تمامًا كما فعلت تركيا خلال حرب الخليج عام 1991. لم يكن الدعم التركي مهمًّا فقط لمتابعة الحرب نفسها، ولكن الرسالة السياسية التي يمكن أن تساعد في إضفاء الشرعية على سياسة إدارة “جورج دبليو بوش” لأنها “بلد إسلامي”، وبالتالي فهي ليست حربًا ضد الإسلام. وعلى الرغم من أن حكومة حزب العدالة والتنمية وعدت في البداية بتقديم الدعم اللوجستي التركي؛ إلا أنها تراجعت عن القرار ردًّا على معارضة واسعة النطاق من كل من الجمهور والبرلمان.
 
وأشارت الدراسة الى انه قد اتضح بعد ذلك أن تركيا يحكمها رجل إسلامي قوي سيطر على أقوى المؤسسات في تركيا: الجيش، المخابرات، الشرطة، القضاء، البنوك، الإعلام، المجالس الانتخابية، المساجد، والنظام التعليمي.
 
ولفتت الى ان   “أردوغان” قام بتطوير جيش سري خاص “سادات”، يلاحق من يخالفه علانية، ومع تضاؤل ​​شعبيته اعتمد “أردوغان” بشكل متزايد على الاحتيال الانتخابي، وسجن زعماء المعارضة، وجعل رجاله يهاجمون مكاتب الأحزاب المتنافسة. لم يقتصر “أردوغان” وحزب العدالة والتنمية على ترسيخ وجودهما في السلطة، ولكنهما قاما بتشكيل جيل كامل يهدفان من خلاله لتغيير البلاد. لقد كان من المفيد رؤية تركيا وهي تقدم نسخة من الثورة الإسلامية الإيرانية، نحن نشهد حركة تحول بطيئة تجاه قيام إيران ثانية، أقل عنفًا ودرامية، وأكثر تعقيدًا وأكثر احتمالًا.
 
كما قمع “أردوغان” الصحافة التركية، وحطم الضوابط المؤسسية المفروضة على سلطة رئيس الوزراء. بحلول عام 2013، أدت احتجاجات “غيزي بارك” إلى الكشف عن الفساد المتفشي في الحكومة التركية، والتأكيد الصارخ على رفض حزب العدالة والتنمية للإصلاحات الديمقراطية وسيادة القانون. وبحلول عام 2014، نأت إدارة “أوباما” بنفسها عن الحكومة التركية التي كانت في وقت ما من أقرب الحلفاء الإقليميين للولايات المتحدة، وتحولت العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا إلى التعامل الذي يتسم بالصرامة.
 
اللافت هنا هو أن هذا التغيير جعل صانعي السياسة في الغرب مترددين في انتقاد تركيا، خشية أن يتم النظر إلى “نموذجهم” السابق باعتباره فاشلًا، وكل ما فعلوه هو تجنب مواجهة التعقيد التركي، والتوقف عن ترويج نموذج “الديمقراطية التركية” بتفاؤل غير مبرر. لكن الأمر ازداد سوءًا، وتبعه تحول هائل في المواقف التركية تجاه الغرب بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص. في عام 2000، قبل وقت قصير من تولي “أردوغان” منصبه، أظهرت استطلاعات الرأي أن أكثر من نصف الأتراك بقليل مؤيدون لأمريكا. لكن هذه النسبة قد انخفضت إلى 18% خلال فترة ولايته. وانتشرت معاداة أمريكا الآن في السياسة، ووسائل الإعلام، والأفلام، والكتب المدرسية، وخطب المساجد، وما بعدها.
 
لقد أصبح العداء متبادلًا، ودفع الغضب من شراء تركيا نظامَ الصواريخ الروسي (S-400) الكونجرس إلى استبعادها من برنامج (F-35). وبعد عقود من تجنب التصويت على قرار الإبادة الجماعية الأرمني بدافع القلق على الحساسيات التركية، صوت مجلس النواب في عام 2019 لصالح القرار. ليس هناك ما يدعو الآن لأن يتوقع الأمريكيون استقبالًا أكثر ودية في أنقرة بعد رحيل “أردوغان”. نعم، يبلغ من العمر ستة وستين عامًا، ويعاني من أمراض مختلفة. لكن المرشحين الذين تم اختيارهم لخلافته (مثل “سليمان سويلو”) يلتزمون منهجه. علاوة على ذلك، فإن المسارات السياسية الرئيسية الأخرى في تركيا (من القوميين واليساريين) أكثر عدائية من حزب “أردوغان”]
 
زاد تفاقم الأمر باتهام تركيا بأنها شريك غير موثوق به للولايات المتحدة والغرب في حربها ضد التطرف الإسلامي. لقد رفض “أردوغان” الانضمام إلى التحالف بقيادة الولايات المتحدة للقضاء على تنظيم “داعش” في العراق وسوريا، بل وأصبحت تركيا مركز تجنيد لمقاتلي “داعش”. لقد كان الإرهابيون يعبرون الحدود إلى سوريا بشكل منتظم، ولم تتمكن الولايات المتحدة من إقناع تركيا بمنع تنظيم “داعش” من بيع النفط في السوق السوداء التركية. ومن المفارقات أن الإدارة الأمريكية كانت -وربما لا تزال- تعتبر قطر وتركيا حليفين قويين في الحرب ضد الإرهاب
 
 









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة