بعد أن اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، ونيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، واللواء أركان حرب إيهاب الفار رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، حول ملف إنشاء المجمعات الصناعية الجديدة، نطرح تساؤلا مهما وهو لماذا الاهتمام الحكومى الكبير بملف المجمعات؟، وكيف نفهم هذا التوجه حالياً، وهل سينعكس على معدلات الإنتاج مع تسليم هذه المصانع للمستثمرين.
ملف الصناعة الوطنية حاضر بقوة على مائدة الحكومة، إذ تسابق الدولة الزمن للانتهاء من أكثر 4 آلاف مصنع جديد بعدد من محافظات الجمهورية، والهدف هنا توطين الصناعات الصغيرة والمتوسطة لتكون مكملة للمصانع الكبيرة، وتجميعها في مدن صناعية مخصصة لها على أحدث النظم العالمية مثل مدينة الروبيكي للجلود، وكذلك مجمع مرغم 1 ومرغم 2، ومدينة الأثاث بدمياط، وهذا التوجه تعمل عليه الحكومة قبل عدة سنوات، املا في دعم الصناعات الصغيرة بكافة قطاعاتها، وتوفير مناخ ملائم لها.
الأهم في ملف إنشاء المجمعات الصناعية الجديدة هو ربط تخصيص هذه المصانع بملف الواردات، بمعني أن تخصيص هذه المجمعات لن يتم بصورة عشوائية، إذ سيتم تخصيص هذه المصانع وفق النشاط الذى يحتاجه السوق فعلياً، فمثلا نشاط تصنيع الاكياس البلاستيكية منتشر وبقوة في محافظات عدة، وهنا لن يتم تخصيص المصانع لنشاط منتشر والسوق متشبع منه، وسيكون التخصيص للأنشطة الصناعية التي تكون بديلا لمنتج مستورد، أو مكملا للصناعات الكبيرة.
اهتمام الدولة بهذا الملف جاء واضحاً بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بتقديم كافة التسهيلات الممكنة الخاصة بإجراءات التعاقد للحصول على وحدات "المجمعات الصناعية"، بما في ذلك قيام وزارة التجارة والصناعة بإنهاء كافة التراخيص والإجراءات الإدارية، وإصدار السجل التجاري للمتعاقدين، فضلاً عن تقديم التسهيلات الائتمانية للتمويل ولشراء الآلات والمعدات، وذلك بهدف دعم شباب المستثمرين في مجال الصناعات المتوسطة والصغيرة، ولاتاحة مسار جديد يعزز من عملية التنمية الصناعية في مصر من خلال تعميق الإنتاج المحلي في مختلف المحافظات داخل إطار تلك المجمعات الصناعية الجديدة التي توفر كل الخدمات الرئيسية اللازمة.
ويجرى حالياً إتاحة كراسات شروط 1657 مصنع جديد للمستثمرين بعدد 7 محافظات، على أن يكون آخر موعد لسحب كراسات الشروط هو الإثنين 2 نوفمبر، وتم خفض سعر الكراسة من ألفين جنيه إلي 300 جنيها فقط و500 لبعض المجمعات الصناعية الأخري، وبمجرد التخصيص سيتمكن المستثمر من بدء الإنتاج الفورى لأن هذه المصانع كاملة التجهيز بالمرافق والخدمات، وكل ما سيقوم به الحاصل على الوحدة، هو تركيب ماكينات الإنتاج والتشغيل الفورى، مما سينعكس على الناتج المحلي الإجمالي.
وتستهدف الحكومة توطنين الصناعات الصغيرة والمتوسطة، فى مجمعات جديدة على طراز ومستوى عالمى، لدمج هذه الصناعات لتعمل فى بيئة ملائمة، وذلك عبر ضخ استثمارات حكومية يمكنها أن تقود القطاع الخاص نحو إجراء توسعات جديدة في الاستثمارات القائمة، إضافة إلي تدشين استثمارات جديدة، وتخصيص المصانع لبدء الإنتاج فورا وبوتيرة سريعة.
ويجرى حالياً الانتهاء من تنفيذ 13 مجمعا، بـ 12 محافظة، 9 منها فى صعيد مصر، وسوف يتم الانتهاء منها مع نهاية العام الجاري، وقد تم الانتهاء من 80% منها، وتضم أكثر من 4 آلاف مصنعا، وفق خطة وزارة لصناعة لتعميق الصناعة ستسهم فى ارتفاع معدلات الناتج الصناعي، خاصة فى ظل توجه كثير من المصانع لتعميق الصناعة.
ويؤكد القطاع الخاص الصناعى في مصر، أن مصر قادرة على تحقيق قفزة صناعية واقتصادية كبرى خلال الفترة المقبلة، فى ظل ما تتمتع به من ميزات كبيرة توفر مناخا صناعيا واستثماريا جيدا، يساعد على النمو، وفى ظل الإجراءات التى تتخذها الدولة وتحوذ بها ثقة المؤسسات والحكومات الأجنبية فى الاقتصاد المصرى.
ونجحت وزارة الصناعة خلال الـ 6 سنوات الماضية فى إنشاء 17 مجمعا صناعيا بـ 15 محافظة على مستوى الجمهورية بتكلفة استثمارية اجمالية بلغت حوالى 10 مليار جنيه، كما تم إنشاء 3 مدن صناعية جديدة شملت مدينة الجلود بالروبيكى على مساحة 511 فدان (تم الانتهاء من المرحلة الاولى) ومدينة الأثاث الجديدة بدمياط على مساحة 331 فدان (تم افتتاحها) بالإضافة إلى مدينة النسيج الجديدة بالسادات على مساحة 3 مليون متر (جارى الانشاء)، وفق تقرير انجازات وزارة الصناعة.
ومن ضمن العوائد الضخمة التي تعود على الاقتصاد المصرى، من مشروعات إنشاء 13 مجمعا صناعيا فى محافظات متفرقة، لعل أهمها توفير 43 ألف فرصة عمل مباشرة جديدة للشباب، الأمر الذى يساهم فى خفض البطالة، إضافة إلى إتاحة وتوفير منتجات جديدة للسوق الداخلى ومن ثم تقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة، وتقليل الضغط على العملة الصعبة، كما تعتبر المجمعات الجديدة أحد وسائل القطاع الصناعى، لتعميق المكون المحلى فى الصناعات، وعدم الاعتماد على مكونات ومدخلات إنتاجية من الخارج من خلال إيجاد البدائل المحلية لها.
وتنتشر المجمعات الجديدة فى محافظات «الغربية، والبحيرة، والإسكندرية، والفيوم، وبنى سويف، والمنيا، وأسيوط، والبحر الأحمر، وسوهاج، وقنا، والأقصر، وأسوان»، لعدد من المجالات على رأسها المفروشات والملابس الجاهزة، والصناعات البلاستيكية، والغذائية، والهندسية والكيماوية البسيطة، ومواد البناء، وعدد آخر من القطاعات التى تسعى الحكومة لزيادة إنتاجها فى السوق المحلية وتوجيه الفائض نحو التصدير، وتقليص وارداتها بهدف توفير العملة الصعبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة