محمد ثروت

التطرف على الانترنت من السيادة للبيض إلى داعش

الأربعاء، 14 أكتوبر 2020 04:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
معظم المقابلات الإعلامية أو التحقيقات مع عناصر أوروبية متطرفة من تنظيم داعش الإرهابي وخصوصا من الفتيات، تحدثن عن تجنيدهن عبر الانترنت من خلال منتديات وصفحات وجروبات خاصة، شديدة السرية على شبكة المعلومات الدولية وباستخدام برامج مثل تليجرام وواتساب، ومواقع دردشة اجتماعية شبابية، يظهر فيها الإرهابي الجديد بشكل مودرن حليق الذقن يرتدي ملابس أنيقة ويتحدث بلغة عصرية عن الجنة الموعودة في دولة الخلافة، لتفاجأ الضحية التي تم عمل غسيل مخ لها، بأن الجنة الموعودة تحولت إلى حروب وعنف شديد ودماء وخراب.    
 
وفي رصد علمي لظاهرة التطرف على الانترنت صدر كتاب عن مكتبة الإسكندرية بعنوان" التطرف على الانترنت: قراءة في الأدبيات 2006-2016"، قام بتأليفه كلا من ألكسندر ميلياغرو هيتشنز ونيك كادربهاي وقام بترجمته محمد عوض يوسف. 
 
يشير الكتاب إلى بداية مبكرة للتطرف على الانترنت لم تقم بها جماعات الجهاد العالمية وإنما أكبر جماعات يمينية متطرفة وهي النازيون الجدد في الولايات المتحدة 1983 وحركة "سيادة الجنس الأبيض الأمريكية" white power.
 
  حيث صرح ديفيد ديوك زعيم الحركة عام 1998 أن الانترنت سيساعد على تسهيل ثورة عالمية في وعي الرجل الأبيض، مع مساعدة الحركة في الوصول إلى جمهورها مباشرة، بدلا من وسائل الإعلام التقليدية". وفي عام 2004 أي بعد تصريحات ديوك بـ 6 سنوات، كتب أبو بكر ناجي" اسم حركي" لأحد منظري تنظيم القاعدة والذي اعتمد تنظيم داعش على مؤلفاته وخاصة كتابه" إدارة التوحّش: أخطر مرحلة ستمرّ بها الأمّة": "أنه سعيا للنجاح كان على حركة الجهاد العالمية أن تضاعف جهودها لخلق مصادر بديلة لوسائل الإعلام التقليدية، وهذا لن يسمح فقط للحركة أن تقدم نفسها على نطاق واسع، بل يمكن أن يكافح الصورة التي رسمها الغرب لنفسه من خلال وسائل الإعلام التقليدية وتقويضها، ككيان لا يقهر ولا يمكن اختراقه". 
 
من بين الأدبيات المبكرة أيضا للتأسيس لتوظيف الانترنت في خدمة الحركات المتطرفة، ما كتبه الجهادي العالمي أبو مصعب السوري عام 2006 حول استراتيجية جديدة للتوعية والتجنيد" إن المقاومة المعلوماتية ضد الحرب الغربية على الإسلام، يجب أن تتم من خلال استخدام التكنولوجيا الحديثة بجميع أشكالها، وخاصة الأقمار الصناعية والانترنت، لتعزيز المقاومة وحث الناس على العمل". 
 
إذا من خلال قراءة تلك الأدبيات للجماعات المتطرفة يتضح أن الهدف الأول من توظيف شبكة الانترنت ثم وسائل التواصل الاجتماعي فيما بعد، كان جذب المتعاطفين وتجنيدهم وإطلاق إشارة البدء بعمليات إرهابية فردية. 
تدور إشكالية الدراسة حول هل الانترنت أداة اتصال فقط أم ميسر مباشر ومحرض على التطرف؟ وخلاصة ذلك أن شبكة الانترنت ليست بريئة أو مجرد قناة اتصال فقط، فقد وفرت للجماعات الجهادية التكفيرية طرقا مختلفة للدعاية لأفكارها، وجمع الأموال والتدريب السري والرمزي، وتوفير مجموعة من قنوات الأصل مفتوحة المصدر، سهلت التخطيط والتنفيذ لعدد من العمليات الإرهابية. وإذا كانت مجلة" صوت الجهاد الإلكترونية" التي صدرت عام 2004 تمثل بدايات، فقد سبقتها شركة مثل السحاب للإنتاج الإعلامي وهي شركة وهمية، ابتكرها تنظيم القاعدة عام 2001 لإصدار أفلام وثائقية ومواد مرئية وصوتية. كما أصدر تنظيم داعش الإرهابي مجلة بعنوان" دابق" باللغتين العربية والإنجليزي منذ عام 2014. وسواء كانت شبكة الانترنت وسائل التواصل الاجتماعي مجرد أداة تواصل أم شريك، فإن الدراسة تشير إلى وجود نقاط ضعف لدى الفرد ذاته، واستعداده لتقبل الأفكار الجديدة ولو كانت متطرفة. 
 
تكشف الدراسة أيضا في تحليلها لعمليات إرهابية قامت بها منظمات السيادة للبيض، عن دور العزلة الإلكترونية للفرد والألعاب الإلكترونية والتحرر معرفيا وتكنولوجيا في زيادة سخطه ونقمته على المجتمع، مما يسهل تجنيده وتوظيفه للانخراط في عمليات قتل جماعي.  نتيجة لتطور استخدام الانترنت من قبل الجماعات الجهادية ظهر مصطلح " المجال الجهادي" Jihaisphere . ينقسم فيه الأفراد إلى ثلاثة مجموعات الأولى خاملين يميلون لاستهلاك المواد المتطرفة فقط، والثانية منتجي هذه المواد، بينما يطلق على المجموعة الثالثة في الفضاء الجهادي اسم" الجهوبيين" الذين يستثمرون الانترنت والدعاية في سبيل تعزيز قضيتهم، ويصبح العنف في حد ذاته غاية وحقيقية". 
 
إن هذه الدراسة مهمة توضح أهمية تكاتف علماء الجريمة ورجال الأمن مع خبراء علم النفس والاجتماع والمعلوماتية والإعلام الجديد وتوحيد جهودهم لمكافحة التطرف على الانترنت.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة