زكى القاضى

" توافق" لا " اتفاق"..إيران و "ترامب" صراع حقيقى

الأربعاء، 08 يناير 2020 07:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رفقا بكل معانى " المغالاة" فى " الطرح السطحى" للقضايا التى تهم الأوطان، وتؤثر فى حياة الشعوب، ورفقا أيضا بكل " أكلشيهات" الماضى، وإعادة طرح ماهو مطروح منذ عشرات السنوات، دون التدقيق والنظر فى تطورات الأوضاع والسياسات والأشخاص،وما نحب التنويه له حول ما يحدث فى المنطقة من تداخل فى الصراعات ومناطق النفوذ، يجب أن يبتعد كليا عن " أكلشيهات" الماضى، وعن فرضيات "مسرحية" لا تدخل فى عمق السرد الصحفى والإعلامى السليم، فلا يعقل أن نطرح بعد مقتل شخصية فى حجم " قاسم سليمانى"، بأن تلك أمور متفق عليها، وأن ذلك اتفاق بين أطراف، حتى وإن كانت قراءات ذلك لها منطقية، إلا أن الطرح يجب أن نضعه فى سياق عام واضح، وهو أن الموائمات بين الدول، قد يظن منها أنها اتفاق مسبق، بل أن التخلص من أشخاص يمثلون عبئا على الأنظمة فى أى دولة، قد يحدث عبر "خلخلة" حول هؤلاء الأشخاص وغض الطرف عن تربص العدو به، وهنا يكون أيضا التخلص ليس باتفاقات مسبقا، ولكن بموائمات حدثت قبل الاستهداف، أو حتى تفتيت التفاعل عقب عمليات التخلص.
 
ما سبق يدفعنا للقول بأن من المنطقي أن نطلق على كل من يحمل السلاح خارج إطار الدولة، لقب "ميليشيا مسلحة"، لكن هذا المنطق يتماشى مع وضع مصر الخاص، الذى توجد به مؤسسات وطنية واضحة وقائمة ضمن اطار الدولة التى تعلم تماما دور كل مؤسسة وأهدافها، إلا أن تلك الرؤية لا يجوز عمليا سحبها فى الحكم على تجارب دول أخرى، له شئونها الداخلية وكذلك سياستها الخارجية، ومنطق الطرح فى ذلك، أن ربما هناك شخصيات تحسب على دولة بعينها، وتعمل لصالحها مع دول أخرى وبشكل علنى، وهو ما حدث مع قاسم سليمانى، الذى كان أحد أدوات إيران فى دعم الجيش العراقى، وكذلك الجيش السورى، ودعم حزب الله فى لبنان.
 
ويمكن وفق الرؤية المصرية أن نقول على الأشخاص والكيانات التى تخرج عنها، وتتبنى منهج العنف، أنها جماعات إرهابية، إلا أن تعامل سليمانى كان فى اطار الدولة الإيرانية، وتعامله كان مع مؤسسات واضحة وصريحة فى العراق وسوريا ولبنان، وهنا لا ندافع عن أهداف ما يفعله، ولكن نتحدث عن واقع التحركات لقاسم سليمانى، مع التسليم بأن إيران كدولة توسعية، تسعى دائما لفرض نفوذها ومشروعها على المنطقة، وذلك عبر دعم وكلاء محليين مثل الحوثيين فى اليمن، وحزب الله فى لبنان، وتدعم جيوش الدول الوطنية، ذات المرجعية الشيعية فى سوريا والعراق، فإنه يجب الانتباه إلى أن الولايات المتحدة لم تتحرك ظاهريا ضد سليمانى، إلا بعد معلومات استخباراتية عن نيته استهداف القوات الأمريكية فى العراق، ولم يكن تحركها انسانيا أو تحركا داعما للدول، أو أى من الأهداف التى نرددها حول دور إيران وتدخلها فى كثير من الدول العربية، لذلك فالمنطقية هنا تقول أنه إذا كان الشعور انسانيا فى المقام الأول، فإذا يجب أن نرفض كل ماهو عنف وهنا يتساوى الرفض للتوسع الإيرانى بجانب رفض التمدد الأمريكى، فلا يكون هناك تأييد لما فعلته الولايات المتحدة، تحت دواع أن قاسم سليمانى يمثل إيران، ولا رفض لما فعل فيه، تحت دواع أنه شهيد إسلامي، فالطرح من وجهة نظر واحدة يحتاج منا لإعادة صياغة.
 
وفى ذكر الضربات الإيرانية لقاعدة عين الأسد الأمريكية فى العراق، وربطها بكثير من التحركات للعاملين الأمريكيين فى القاعدة قبل الضرب مباشرة، وأكليشهات بأن " الاتفاق" حدث قبل ضرب القاعدة، بحيث سمح للأمريكيين بالاختباء، إلا أن الحقيقة تؤكد أن كل الأهداف الأمريكية فى العراق منذ اللحظة الأولى لاغتيال سليمانى، هى تعرف يقينا أنها مستهدفة، أيضا هناك كثير من الجهات الأمريكية، والتى استطاعت الوصول لمكان سليمانى قبل مقتله، قادرة على الحصول على معلومات عن كثير من العمليات الإيرانية قبل تنفيذها، ويزداد الأمر وضوحا، حينما أعلن ترامب نفسه، أنه يتوقع رد "مناسب" من الإيرانيين بعد مقتل سليمانى، لذلك فهنا " الموائمة" أوضح من " الاتفاق"، وهو ما يحدث دائما فى كل وقت، ونفسره نحن بأنه "مسلسل" و" فنكوش" وخلافه، مع أن المتتبع لما يحدث سيرى أن هناك قوات تحركت وتعسكرت فى الكويت وغيرها، وأن البرلمان العراقى أصدر قرار بانسحاب القوات الأجنبية، وإيران تحدثت عن الولايات المتحدة، بشكل لا يليق مع أى " أكلشيهات" نطرحها حول "مسلسل الاتفاق بينهما".






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة