محمد أحمد طنطاوى

المواطن والصراف الآلي.. حب من طرف واحد

الثلاثاء، 07 يناير 2020 11:19 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

حالة عشق من نوع خاص بين المواطن وماكينة الصراف الآلي، وإن شئت قل "حب من طرف واحد"، فالكل يتعامل معها باعتبارها تسمع وترى وتتكلم، فهناك من يتمتم ويهمس لها: "فين الفلوس"، والبعض يعتبرها ملكية خاصة وجزء من تركة الأسرة، فينفعل ويضرب بيده على خزانتها وكأنها السبب في كل قرارات الإدارة المالية لمصنعه أو شركته أو مصلحته الحكومية.

المواطن يضع بطاقته فى ماكينة الصراف الآلى، ثم يستعلم عن رصيد حسابه، ليجري بعدها عملية ويطلب إيصالا، ثم سرعان ما يخرج من جيبه بطاقة جديدة، ليستكمل ما بدأه مرة أخرى، ويمر بنفس الإجراءات ونفس الدورة السابقة مرات ومرات، وهذا أمر يدعو إلى الدراسة والتأمل حول طريقة تعامل المواطن مع هذه الماكينات، فالعملية التى تحتاج إلى دقيقة أو دقيقتين على أقصى تقدير، قد تستمر لعشر دقائق أو ربع ساعة، الأمر، لنجد في أغلب الأحيان طوابير طويلة وزحام يذكرنا بطوابير العيش، قبل نحو 10 سنوات.

المشكلة تصبح أكثر تعقيدا عندما تكون الماكينات مخصصة للسحب والإيداع فى نفس الوقت، فقد تقبل كل الأوراق النقدية دون واحدة أو اثنين، الأمر الذي يكلف صاحبها عشرات المحاولات، التى يتم ترجمتها فى النهاية إلى ضياع الوقت، بما يدفع البعض إلى التطوع أحيانا للمساعدة وتقديم العون، ليتحول المكان أمام الصراف الآلى إلى ساحة جدل ونقاش.

التعامل مع ماكينة الصراف الآلي لا يخل من اختراق للخصوصية، فأنت تقوم بالعملية وكل من حولك ينتظرون، يتابعون كل التفاصيل التي تقوم بها، بداية من إدخال الرقم السري، مرورا بقيمة السحب، حتى رصيد الحساب والإيصال الخاص بإتمام العملية، وهذا يضعنا إلى حالة خاصة جدا لا تحدث في أي دولة بالعالم، وتدعونا لمزيد من التأمل والتفكير حول ثقافة الخصوصية، والعادات الخاطئة، التى نرتكبها بين الحين والآخر بقصد أو بدون.

تعامل المواطن مع ماكينات الصراف الآلي يحتاج فعليا إلى دراسة سلوكية، ويمكن للبنوك العاملة فى مصر أن تمول هذه الدراسة حرصا على تيسير إجراءات السحب والإيداع للعملاء، خاصة أن الوقت الراهن أصبحت هذه الماكينات السبيل الأقرب للحصول على الكاش، بعد تراجع دور الصراف التقليدي، وتحويل أغلب مرتبات قطاعات الدولة عبر البنوك، ويجب أن تصل الدراسة إلى  حلول واضحة للتعامل مع ماكينات الصراف الآلى، حتى نتمكن من خلق وعى عام حول هذه الظاهرة، التى تصيبنا جميعا بحالة ضيق مؤقت، إلا أننا فى الغالب لا نشتكى أو نتحرك، باعتبار الأمر بات عادة مصرية أصيلة.

مع الحلول الخاصة بالمتعاملين مع ماكينات الصراف الآلى يجب أن تكون هناك خطة للتوسع وزيادة أعداد هذه الماكينات على مستوى الجمهورية، خاصة فى القرى والريف والأماكن النائية، فموظف المدرسة الذي كان يحصل على راتبه من الصراف فى المكتب المجاور له بالقرية الصغيرة، بات يستخدم المواصلات ويتحمل عبء الانتظار أمام ماكينة البنك ليحصل على راتبه!










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة