أفريقيا الذكية.. هل تنجح القارة السمراء فى اقتناص تريليونات الذكاء الاصطناعى؟

الأربعاء، 29 يناير 2020 01:51 م
أفريقيا الذكية.. هل تنجح القارة السمراء فى اقتناص تريليونات الذكاء الاصطناعى؟ ذكاء اصطناعي
أ ش أ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

فتحت التطورات الأخيرة أبواب الأمل أمام الأفارقة للحاق بـ"صاروخ الثورة الصناعية الرابعة" التى يهرول إليها العالم بخطوات لاهثة وبين يديه كلمة سر المستقبل وهى الذكاء الاصطناعى، إذ تتوقع البحوث والتقارير أنه بحلول 2030، أى بعد 10 سنوات، سيضيف "الذكاء الاصطناعي" AI وحده ما يزيد على 15,7 تريليون دولار إلى الناتج المحلى الإجمالى العالمى، بواقع 6,6 تريليون دولار فى صورة زيادة فى الإنتاجية، و 9,1 تريليون دولار كتأثيرات ناتجة من الاستهلاك.

ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل تشير دراسات صادرة عن الاتحاد الدولى للاتصالات إلى أنه علاوة على ذلك، فإن النماء التكنولوجى المرافق لتلك الظاهرة والذى سيتيح للناس والذكاء الاصطناعى العمل سوياً لتحفيز الأداء "سوف يولد 2,9 تريليون دولار من قيمة الأعمال المشغلة إضاtة إلى 6,2 مليار ساعة إنتاجية للعمال على مستوى العالم".

وتؤكد التقارير أنه فى عالم يتسم بـ"التواصل المحفز" وتطغى فيه المعلومات بقيمتها ونفوذها، فإن أفريقيا لديها فرصة فريدة وغير مسبوقة لتسخير التكنولوجيات الرقمية الجديدة لتقود القارة إلى عملية تحول هائلة وتنافسية شديدة الفعالية، مشددة على ضرورة انتهاز الفرصة، لأن "أفريقيا ليس لديها رفاهية، ولا ينبغى عليها، أن تتخلف عن هذا الركب"، حسبما حذرت دورية "افريكا ريبورت".

واستعرضت دورية "افريكا ريبورت" المجالات التكنولوجيات العشرة التى يمكن لأفريقيا استخدامها فى مسيرة الاقتصاد الرقمى وتشمل الأمن السيبرانى، الحواسب السحابية، وتحليلات المعلومات الهائلة، وسلاسل الكتل، وإنترنت الأشياء، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والتقنيات الحيوية "البيوتكنولوجي"، والروبوتات، وتخزين الطاقة، والذكاء الاصطناعى AI.

ويحظى مجال الذكاء الاصطناعى باهتمام خاص من جانب المراقبين، الذين أكدوا أنه يحمل فى طياته فرصاً هائلة ودروبا لا تحصى، بالنسبة للقطاعين العام والخاص، لتعظيم وتفعيل الحلول الناجعة لمعظم الإشكاليات والأزمات التى تواجهها القارة فى وقتنا الراهن، خصوصاً بالنسبة للصناعات المتعثرة، فعلى سبيل المثال، فى قطاع الرعاية الصحية، بوسع الذكاء الاصطناعى، فى ظل ندرة الكوادر الطبية والمنشآت والمرافق الصحية، أن يقدم خدمات هائلة باستخدام قليل من الكوادر والمرافق، وذلك من خلال الإسراع فى الإجراءات، والكشف، والتشخيص، والتجريب، ومتابعة ما بعد العلاج.


علاوة على ذلك، فإن استخدام التطبيقات الجينية الدوائية، التى تركز على الاستجابة المحتملة لفرد ما تجاه استخدام أدوية علاجية معينة استناداً إلى بعض العلامات الجينية، بما يسهل إمكانية تفصيل العلاجات للأفراد.


واخذا فى الاعتبار ذلك التنوع الجينى الهائل الذى اكتشف فى القارة الأفريقية، فإن هناك احتمالات كبيرة أن تثمر تطبيقات تلك التكنولوجيات عن حدوث تطور مهم وجوهرى فى مجالات العلاجات الطبية لتقترب من المستويات العالمية.

ورغم التفاؤل الواضح الذى تبديه المؤسسات الانمائية الدولية فى رصدها لامكانات لحاق أفريقيا بمسيرة الثورة الصناعية الرابعة، فإنها توقفت أمام عدد من التحديات الهيكلية التى يمكن أن تحد من تبنى أو تنفيذ برامج الذكاء الاصطناعى وتوكنولوجياته فى أفريقيا، وفى مقدمها نقص البنية التحتية الأساسية والرقمية، منبهة أنها قد تؤدى إلى تبديد الجهود الرامية لتفعيل خطط الذكاء الاصطناعى وحلوله لأنها تقلص من عصب التجرية المتمثل فى التواصل الجوهري، ومن العراقيل الأخرى، التى تشير إليها التقارير الدولية يأتى الافتقار إلى أنظمة تشريعية مرنة وفعالة، وهو ما يحبط مستويات النمو فى البيئة الرقمية، التى تعد لبنة أساسية لتطبيق تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي.

علاوة على ذلك توجد معوقات أخرى منها نقص المهارات الفنية المواتية، ولاسيما بين الشباب، وهو ما يعتبره المراقبون عنصراً مهدداً للتجربة بشكل متنام، إذ إن اتساع فجوة المهارات تعنى أن الكوادر والأفراد المؤهلين لكى يكونوا فى مقدمة المسيرة لبناء أنظمة ذكاء اصطناعى يهربون إلى الخارج، وهو ما يحرم القارة من الكوادر والمهارات ويعرقل إمكانات التحول التكنولوجى والصناعى الشامل.

وعلى نفس المستوى، تأتى معوقات عدم كفاية الاستثمارات فى البحوث والتنمية باعتبارها عقبة يتعين على الحكومات والمشرعين العمل على إزالتها وإيجاد الحلول لها. وتوصى المجلة بأن على أفريقيا تنمية أدوات مالية مبتكرة وشراكات عامة وخاصة من أجل تمويل تنمية رأس المال البشرى، مع التركيز على البحوث الصناعية ومنصات الابتكارات التى ترأب الصدع وتسد الفجوات بين مؤسسات التعليم العالى والقطاع الخاص لتأكيد أن منتجات الذكاء الاصطناعى تخرج من "المعامل إلى الأسواق".

ويؤكد تقرير "افريكا ريبورت" أن الذكاء الاصطناعى يعد بفرص واسعة النطاق بوسعها أن تضع القارة الأفريقية فى طليعة الثورة الصناعية الرابعة، لكن قبل الحديث عن إمكانات التحول التكنولوجى فإن هناك خطوتين مهمتين؛ أولاهما، أن القارة بحاجة ماسة إلى صياغة معايير إرشادية شاملة لإعداد استراتيجيتها الخاصة بالذكاء الاصطناعى، وذلك من خلال إشراك كافة المؤسسات عبر القارة، والأكاديميات، والقطاعين العام والخاص فى وضع مفاهيمها وملامحها.

وعلاوة على ذلك يتعين على الجهات المعنية والمختصين بتلك المجالات الاستثمار فى إنشاء منصة هوية رقمية لجموع الأفارقة مع بنوك معلومات موثوقة لتطبيقات الذكاء الصناعى وبرامجه لكى يصبح خياراً اقتصاديا فعالاُ.

أما الخطوة الثانية التى أشار اليها التقرير فتتلخص فى ضرورة تحقيق التناغم بين السياسات التشريعية المشجعة لإقامة أنظمة الذكاء الاصطناعى وأخلاقياتها لضمان تحقيق تنمية اقتصادية شاملة لقارة أفريقيا. وتؤكد أن تحقيق هاتين الخطوتين تمثل أفضل ضمانة بأن يصبح العقد المقبل بالنسبة لأفريقيا "عقداً ذكياً" تتمكن فيه من اقتناص تريليونات الذكاء الاصطناعى والثورة الصناعية الرابعة.

 

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة