دينا شرف الدين

"يا عوازل فلفلوا "

الجمعة، 17 يناير 2020 03:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يحكي أن :

في عام  1950  قد تم إنتاج فيلم سينمائي من بطولة فريد الأطرش و سامية جمال باسم  ( آخر كدبة )،

و كانت ضمن أغنيات هذا  الفيلم الغنائي الإستعراضي الخفيف أغنية بعنوان

 ( يا عوازل فلفلوا ) ، و التي اعترضت عليها الإذاعة المصرية آنذاك و رفضت إذاعتها لما تحتوي عليه من عبارات هابطة لا تليق 

( فلفلوا) و التي تحمل معني إتغاظوا !!!

 

و يقال أن النحاس باشا رئيس وزراء مصر وقتها و زعيم حزب الوفد عندما قابل فريد الأطرش بإحدي الندوات الثقافية قام بتوبيخه و تذكيره بواجب الفنان في الحفاظ علي الذوق العام و الإرتقاء به !

 

و بهذه القصة القصيرة ما فيه الكفاية لنتأمل و ندرك جيداً أين كنا  و إين نحن الآن !

 

فالمنحني بحق شديد الإنحدار  ، و التطور الطبيعي للزمن الذي بات سريعاً جداً بفعل التقدم العلمي و التطور التكنولوجي بكل أسف بات فقط للأسوء .

 

هل نحلم بالإقتراب حتي من مثل هذا المستوي الراقي الذي كنا عليه في كافة المجالات و علي كل المستويات بداية من الذوق و الأخلاق و الدين و التعليم  و الفنون و الآداب و الثقافة و الإعلام ؟

 

أعلم جيداً أن الهوة شديدة الإتساع  و طرق العودة قد تم إغلاقها  بأقفال حديدية لا يمتلك مفاتيحها إلا هؤلاء الذين يسعدهم  بقاء الحال علي ما هو عليه !

 

و أن هناك أجيال من الضحايا الذين شبوا علي مجتمع و ثقافة و شكل و مضمون غير الذي كان ، فلم يجدوا بالمدارس التعليم و لا التهذيب و لم يجدوا  بالبيوت التربية السليمة فقد عجزت الكثير من الأسر عن حماية أولادهم من مستجدات العصر بكل سلبياتها التي باتت أقوي بكثير من قدرتهم علي مواجهتها ،

 

فاستسلم الكثيرون  و انزلقت أقدامهم  و انخفضت رؤوسهم  للأمواج العالية ، و من لم يستسلم و كان لديه من الإصرار ما يؤهله للتصدي إلي هذا الطوفان المستحدث الذي أطاح بكافة أشكال القيم  و الأخلاقيات ،

ربما يعجز عن حماية أهله ، و غالباً ما  يتحول إلي غريب بعالم مستغرب لم يعهده من قبل و لم يستطع التعايش  معه !

 

أما الفنون بكافة أشكالها :

و التي لها الأثر الأكبر في الارتقاء بالنفس و تهذيبها و تطهيرها من أدرانها من خلال تلك الشحنات الفنية الصادقة القوية التي يستقبلها المتذوق لأي عمل فني راقي ،

للأسف لم يعد لها وجود بعدما تصدرت الرداءة و الركاكة عناوين غالبية الأعمال الفنية و تحول هذا التأثير الإيجابي إلي آخر شديد السلبية و الخطورة !

 

فهؤلاء الذين يشعرون بالغربة بديارهم  عادة ما يبحثون عن القيمة المفقودة بذكريات الماضي ، فنجد مثلاً أعمالاً فنية قد مرت عليها عشرات السنوات و ربما حفظ المشاهد جمل مشاهدها نظراً  لتكرار المشاهدة ،

و مع ذلك يبحث عنها بين القنوات التي باتت لا حصر لها  لمتابعتها من جديد و اكترار ذكريات هذا الماضي السعيد  بكل قيمه و قيمته و شحناته التي تعتمل بالنفس بعد مرور السنوات دون أن يضعف تأثيرها .

 

في حين نجد مئات الأعمال الفنية الحالية و التي ربما يتابع الجمهور بعضها في عرضه الأول أملاً في مفاجأة قد تكون سارة و بحثاً عن قيمة غائبة ،  لكن سرعان ما  تتطاير أحداث هذا العمل سواء كان مسلسل او فيلم أو أغنية بعد الإنتهاء منه دون بقاء أي أثر من أي نوع بالنفس ،

و عادة لا يعاود المتلقي مشاهدة أو سماع هذا المنتج  إذا ما تمت إعادته ، لأنه أشبه بالنكتة المحروقة !

 

و ما زالت الأزمة  مستمرة  و المحاولات غير مجدية ، و لن يكون هناك طريقاً للإصلاح  إلا بتعمد العمل علي استعادة قيمنا و انتمائنا و ديننا و خلقنا ووطنيتنا من خلال هذه الأعمال الفنية لتعود مجدداً  ذات هدف إن أصاب ففي إصابته فوز كبير .







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة