أكرم القصاص

تداعيات طائرة أوكرانيا ومظاهرات بغداد على النفوذ الإيرانى

الأحد، 12 يناير 2020 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عالم السياسية هناك فرق بين الخطاب العلنى والسلوك الفعلى خلف الكواليس، وفى سياق النتائج، فإن النتائج والتداعيات النهائية تظهر بعد فترة، وأحيانا تأتى أفعال فرعية تمثل واجهة للحدث، وأبرز مثال على هذا هو اغتيال قاسم سليمانى من قبل الولايات المتحدة ورد الفعل الإيرانى، وفى الوقت الذى بدا فيه الخطاب الإيرانى بعد الاغتيال مزدحما بالتهديدات من إيران وأذرعها، لم تأت الردود على نفس مستوى التهديدات، وفى حصيلة النتائج النهائية لم تحقق إيران نتائج سياسية ظاهرة، وربما تكون قد خسرت ماديا، خاصة بعد اعتراف الإيرانيين بقصف طائرة الركاب الأوكرانية وعلى متنها 170 راكبا.
 
فى أعقاب الاغتيال، صعدت إيران من تهديداتها الرسمية، وأيضا من خلال حزب الله فى لبنان والعراق والحوثيين فى اليمن، لكن هذه التهديدات تراجعت بعد الإعلان عن إطلاق صواريخ على قاعدة أمريكية من دون قتل أى أمريكى فى القصف، وبدت التصريحات الإيرانية مكتفية بهذا القصف، فيما تراجعت الأطراف التابعة لإيران. 
 
وجاء الاعتراف الإيرانى بقصف الطائرة الأوكرانية عن طريق الخطأ ليفتح بابا جديدا من الانتقادات على إيران، خاصة أن الصاروخ تم إطلاقه على الطائرة وهو ليس أحد الصواريخ الباليستية التى أطلقتها إيران طلبا لثأر سليمانى، لكنه صاروخ تم إطلاقه يدويا، ظنا أن الطائرة الأوكرانية صاروخ أمريكى، وهو ما يكشف عن حالة من الاستعجال وعدم انتظار نتائج الرادارات العادية التى يمكنها تمييز الطائرات بشكل حاسم، حسب أبسط قواعد الدفاع الجوى.
 
اعتراف إيران يجعلها فى مرمى المطالبات الدولية بسداد التعويضات للضحايا وشركة الطيران، فضلا عن تصنيف إيران كدولة خطرة على الطيران المدنى، وبالفعل أعلنت بعض شركات الطيران حذف إيران من خطوطها الجوية، وكل هذا يمثل خسارة مادية وخسارة فى سمعة إيران، فضلا عن ثغرات فى نظامها الدفاعى بشكل كبير.
 
وفيما يتعلق بالتوترات فى الخليج بين الولايات المتحدة وإيران، فقد بلغت التهديدات أقصاها فى أعقاب اغتيال قاسم سليمانى قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى، لكن التهديدات انتهت إلى إطلاق عدة صواريخ على قواعد أمريكية مع بعض المناوشات تجاه المنطقة الخضراء فى بغداد، كل هذا مع رسائل تنطلق من الطرفين الأمريكى والإيرانى تعرب عن رغبة فى استئناف التفاوض. أعلن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن رغبة أمريكية فى عدم التصعيد، فيما أعلنت إيران عن استعدادها للتفاوض، حال انتهت العقوبات الاقتصادية الأمريكية.
 
وفى العراق، كانت هناك تحليلات تتوقع أن يخفت ضغط المظاهرات العراقية الرافضة للوجود الإيرانى فى ظل الانشغال بمظاهرات شيعية ضد أمريكا، وبدا رد الفعل من الأحزاب والسياسيين التابعين لإيران مختلفا عن غيرهم، فقد دعا رئيس الوزراء العراقى المستقيل، عادل عبد المهدى، وزير الخارجية الأمريكى، مايك بومبيو، لإرسال مندوبين لتطبيق قرار مجلس النواب العراقى بانسحاب القوات الأمريكية، وفى نفس الوقت، أعلن عبدالمهدى رفض بلاده لكل العمليات التى تنتهك سيادته، بما فيها استهداف إيران لقاعدة أمريكية فى العراق بالقصف الصاروخى، وقبلها تنفيذ عملية اغتيال قاسم سليمانى بصاروخ من طائرة أمريكية من دون طيار، وبالتالى فقد بدا أن العراقيين ضحوا بأن تظل بلدهم مكانا للحرب بالوكالة والمواجهة بين الولايات المتحدة، وإيران.
 
ومن ناحية الشعب العراقى، تجددت المظاهرات الشعبية العراقية وخرج عشرات الآلاف من العراقيين إلى ساحة التحرير وسط العاصمة العراقية بغداد، يوم الجمعة، ورفعوا العلم العراقى بحجم كبير، وهتفوا ضد التدخلات الأمريكية والإيرانية فى البلاد، وهى مظاهرات ضمت عراقيين من كل الفئات والاتجاهات، عابرين عن الانتماءات الطائفية والعرقية، بعد أن توقع محللون أن تنتهى بعد اغتيال قاسم سليمانى وسيطة الشيعة الموالين لإيران على المظاهرات، لكن العراقيين دعوا إلى المظاهرات المليونية، ويتوقع أن تتواصل المظاهرات رفضا للطبقات السياسية والفساد الذى يحمل العراقيون مسؤوليته للولايات المتحدة وإيران، الأمر الذى من شأنه أن يتفاعل ليمثل ضغطا على السياسة الإيرانية ونفوذ طهران فى العراق وربما فى المنطقة. 






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة