المظاهرات فى لبنان تستعيد زخمها على وقع الأزمة الاقتصادية الخانقة

السبت، 11 يناير 2020 07:52 م
المظاهرات فى لبنان تستعيد زخمها على وقع الأزمة الاقتصادية الخانقة مظاهرات لبنان
بيروت /أ ش أ/

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

استعادت الانتفاضة الشعبية فى لبنان والمستمرة منذ 17 أكتوبر الماضي، جانبا كبيرا من حالة الحشد والزخم القوى التى ميزتها خلال الأسابيع الستة الأولى لاندلاعها، وذلك على وقع أزمة نقص الكهرباء الحادة وتدهور الأوضاع الاقتصادية بصورة كبيرة فى الآونة الأخيرة وفقدان العملة الوطنية لنحو 60% من قيمتها مقابل الدولار ورفضا لتشكيل الحكومة الجديدة وفقا لأساليب المحاصصة المتبعة.

وكان وتيرة المظاهرات قد خفتت إلى حد كبير خلال الأسابيع القليلة الماضية، وفى ما عدا التجمع الحاشد للمتظاهرين فى ساحتى الشهداء ورياض الصلح بوسط العاصمة بيروت ليلة رأس السنة الجديدة، وبعض المسيرات المتقطعة فى محيط ساحة النجمة بالقرب من مقر المجلس النيابي، انخفضت المظاهرات طيلة الفترة السابقة بصورة لافتة.

وجابت مسيرات حاشدة منذ عصر اليوم أرجاء العاصمة بيروت، شارك فيها مواطنون من مختلف الطبقات والشرائح العمرية، رافعين أعلام لبنان واللافتات المنددة بالانهيار الاقتصادى المتسارع وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين جراء الارتفاع الكبير فى سعر صرف الدولار مقابل الليرة والذى اقترب من حدود 2500 ليرة للدولار فى السوق الموازية، فى حين أن سعر الصرف الرسمى المحدد من قبل البنك المركزى 1500 ليرة للدولار.

وندد المحتجون بتصرفات القوى والتيارات والأحزاب فى السلطة الحاكمة، مشيرين إلى أنهم يقومون بتشكيل حكومة من السياسيين ووفق ذات أساليب المحاصصة التقليدية، ويتصارعون على الحصص الوزارية والحقائب ونوعيتها، على نحو يشكل التفافا وتجاهلا تاما لمطالب الانتفاضة الشعبية "وكأنهم على كوكب آخر". على حد تعبير عدد كبير منهم.

واعتبروا أن حالة التجاهل التى أظهرها السياسيون اللبنانيون خلال الأسابيع القليلة الماضية، ودخولهم فى مناكفات وصراعات على الحصص الوزارية، مثلت استفزازا كبيرا للمواطنين اللبنانيين ودافعا لهم للنزول مجددا إلى الشوارع، لاسيما فى ظل التراجع الكبير للأحوال الاقتصادية للشعب.

وأكد عدد كبير من المتظاهرين رفضهم تكليف الدكتور حسان دياب برئاسة وتشكيل الحكومة الجديدة، معتبرين أنه يعمل على تأليف حكومة مطابقة لما لفظته الاحتجاجات وأسقطتها، فى ما دعاه آخرون إلى التنحى والاعتذار عن عدم التأليف، مشددين على التمسك بمطلب الانتفاضة بتشكيل حكومة من الاختصاصيين (تكنوقراط) المستقلين دونما تدخل من الأحزاب والقوى والتيارات والأحزاب السياسية.

وتضمنت الشعارات التى رددها المتظاهرون المطالبة باستقلال القضاء وإبعاده عن التدخلات السياسية، ومحاسبة مرتكبى جرائم الفساد والعدوان على المال العام، فى ما انطلقت دعوات من قبل البعض منهم للامتناع عن سداد الضرائب والرسوم المالية المستحقة لدى الدولة، بدعوى أنهم لا يحصلون مقابل ضرائبهم وما يسددونه من رسوم على الحد الأدنى من الخدمات التى تليق بهم كمواطنين.

وشدد المتظاهرون على أنه أصبحوا يعانون الأمرين حتى يتسنى لهم الحصول على جانب من أموالهم المودعة فى البنوك أو مرتباتهم التى تحول إلى حساباتهم المصرفية، جراء سياسات تقييد حركة رؤوس الأموال بمعرفة القطاع المصرفى منذ اندلاع الانتفاضة وتقليص سقف السحوبات المالية.

وندد المتظاهرون بالقيود التى وضعتها البنوك على سحب الأموال من الحسابات الشخصية، لاسيما بالدولار الأمريكي، مؤكدين أنها تسببت فى مواجهات يومية بين المواطنين الراغبين فى سحب أموالهم وموظفى البنوك.

وأشاروا إلى أن المواطن اللبنانى يعانى يوميا من "مهانة وإذلال" حتى يتسنى له توفير أبسط متطلبات معيشته اليومية، لافتين إلى أن أزمة انقطاع الكهرباء والتى وصلت فى بعض الأيام إلى نحو 20 ساعة فى اليوم الواحد خلال الفترة الماضية جاءت مكملة لـ "سلسلة فشل القائمين على السلطة فى توفير أدنى متطلبات الحياة للشعب اللبناني".

ونظم المتظاهرون المشاركون فى المسيرات، وقفة احتجاجية لبعض الوقت أمام مؤسسة الكهرباء العمومية (كهرباء لبنان) منددين بـ "التقنين القاسي" فى التغذية الكهربائية الذى تتعرض له معظم أنحاء المناطق اللبنانية فى ظل موسم الشتاء القارس، على نحو اضطر معه المواطنون إلى الاعتماد بشكل شبه كلى على الاشتراك فى المولدات الكهربائية المملوكة لأشخاص بما يكبد الشعب مصاريف إضافية فوق طاقته.

وبدا لافتا إغلاق العديد من مؤسسات الصرافة فى بيروت لأبوابها فى ساعات مبكرة عن ساعات العمل المعتادة، تزامنا مع المسيرة وتحركات المتظاهرين فى الشوارع، لاسيما بعدما اعتبر عدد من المحتجين أن شركات الصرافة تساهم فى ارتفاع سعر صرف الدولار وحالة الغلاء والارتفاع الكبير فى الأسعار فى سبيل تحقيق تلك المؤسسات لمكاسب.

وكان المتظاهرون فى مدينة طرابلس (شمالى لبنان) قد نزلوا بصورة حاشدة، ونظمت تجمعات كبيرة منهم وقفات احتجاجية أمام مؤسسات الصرافة، معتبرين أنهم يتحملون جانبا كبيرا من أزمة نقص الدولار فى الأسواق وما يترتب عليها من سلسلة من الأزمات المالية والاقتصادية والنقدية، وهو الأمر الذى دعا شركات الصرافة فى بيروت إلى تجنب الاحتكاك مع المتظاهرين والإغلاق فى مواعيد مبكرة.

واحتشد المتظاهرون فى ساحة النور بمدينة طرابلس بأعداد كبيرة، مؤكدين أنهم لن يقبلوا بالالتفاف على مطالب الانتفاضة الشعبية، مؤكدين إصرارهم على ضرورة تشكيل حكومة جديدة من الاختصاصيين (تكنوقراط) المستقلين بمنأى تام عن الأحزاب والقوى السياسية لإيقاف حالة التدهور والانحدار الاقتصادي.

كما تجمع المتظاهرون فى عدد من المناطق الجنوبية، لاسيما محافظة النبطية ومدينتى صور وصيدا، اعتراضا على تراجع الأوضاع المعيشية وانخفاض ساعات التغذية الكهربائية إلى أقل من 8 ساعات يوميا، فضلا عن احتجاجهم على الأوضاع البيئية جراء انتشار القمامة فى الشوارع.

ويشهد تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة عقبات كبيرة، جراء الخلافات المستعرة داخل الفريق السياسى الواحد الذى كلف الدكتور حسان دياب ترؤس وتشكيل الحكومة (فريق قوى الثامن من آذار السياسية بزعامة حزب الله) ويتعلق معظم تلك العقبات بالصراع على الحصص الوزارية ونوعية الحقائب التى سيحصل عليها كل طرف وأسماء من سيشغلون المناصب الوزارية.

ويرفض رئيس مجلس النواب رئيس حركة أمل نبيه برى المعايير التى وضعها "دياب" والمتمثلة فى تشكيل حكومة تخلو تماما من الوجوه السياسية أو النواب أو الوزراء السابقين وتتألف من 18 وزيرا من الخبراء (تكنوقراط) فقط، حيث يرى "بري" بوجوب تشكيل حكومة تضم سياسيين وتكنوقراط معا، وألا يتم وضع ممانعة على توزير أشخاص يحملون عضوية المجلس النيابي.

كما يرغب رئيس التيار الوطنى الحر جبران باسيل فى أن تضم الحصة الوزارية المشتركة للتيار ورئيس الجمهورية (الحصة المسيحية) 9 وزراء فى حكومة الـ 18 وزيرا، والحصول على نيابة رئاسة الوزراء وحقائب بعينها فى مقدمها الخارجية والدفاع والعدل والبيئة والطاقة والسياحة والاقتصاد، وهو الأمر الذى أثار حفيظة تيار المردة برئاسة الوزير السابق سليمان فرنجيه ودعاه إلى المطالبة بالحصول على حقيبتين وزاريتين بدلا من حقيبة واحدة فى حال استحواذ "باسيل" على كامل التمثيل الوزارى المسيحي.

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة