يتمتع القاضى الجنائى بحرية واسعة فى تقدير أقوال الشهود فله أن يأخذ بأقوال الشاهد أو يطرحها ويرفضها بحسب اطمئنانه إليها من عدمه، ولو كان بين الشاهد والمتهم خلافات، كما أنه له أن يجزأ أقوال الشاهد، فيأخذ بما يطمئن منها ويطرح ما عداها وأن تعددت روايات الشاهد أو عدل عن شاهدته أخذ القاض بما يطمئن من هذه الروايات أو بشاهدته المعدول عنها.
وهو في كل هذه الأحوال لا يكون القاضي ملزما بذكر السبب الأخذ بتلك الشهادة أو طرحها، ولكن في بعض الأحيان تكون بين الشاهد والمتهم عداوة ويذكر الشاهد رواية ثم يعدل عنها بل أن روايته الواحدة قد يكون بينها تناقض، فهل للمحكمة عندئذ رغم كل ذلك أن تأخذ بشهادة الشاهد دون إبداء أسباب؟
هل للمحكمة أن تأخذ بأقوال شاهد بينه وبين المتهم عداوة؟
في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع" على إشكالية في منتهى الأهمية تحدث فى المحاكم بشكل دائم هل للمحكمة أن تأخذ بأقوال شاهد ولو كان بينه وبين المتهم عداوة وخصومة قائمة وتناقضت أقواله وعدل عنها دون أن تورد سببا لذلك؟ - بحسب استاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر فاروق الأمير.
فى البداية – يجب أن نعلم أن محكمة النقض المصرية سبق لها أن رسخّت لتلك المسألة في الطعن المقيد برقم 127 لسنة 77ق جلسة 2012/10/08، حيث استقر قضاؤها على أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بشهادة الشاهد كما هي أو تجزئها ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة وأن عدول الشاهد عن أقواله السابقة لا يعدو أن يكون قولاً جديداً متضمنا عدولاً عن اتهامه للمحكمة عدم الأخذ بها دون أن تورد سبباً.
وقالت محكمة النقض تطبيقا لذلك بأنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ولها أن تأخذ بقول الشاهد ولو كان بينه وبين المتهم خصومة قائمة، وأن تجزئ أقواله وتأخذ منها بما تراه وتطرح ما عداه طالما لم تمسخ الشهادة أو تحيلها عن معناها – وفقا لـ"الأمير".
كما إن عدول الشاهد عن أقواله السابقة لا ينفى وجودها إذ لا يعدو ذلك أن يكون قولاً جديداً من الشاهد يتضمن عدولاً عن اتهامه، وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ولا تلتزم في حالة عدم أخذها به أن تورد سبباً لذلك إذ الأخذ بأدلة الثبوت التى ساقتها يؤدى دلالة إلى اطراح ما تضمنه هذا الإقرار، ذلك أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه بغير معقب، وهى متى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت كافة الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ به.
ضرورة إبداء القاضي أسباب الأخذ بشهادة صاحب العداوة
هذا القضاء محل نظر – الكلام لـ"الأمير" - إذ أن محكمة النقض وسعت من الصلاحيات مع قضاة الموضوع لدرجة باتت فيها حقوق المتهمين في خطر شديد إذ سلطة القاض الجنائي في تقدير أدلة الدعوى النابعة من قضاء القاض بحسب اقتناعه الذاتى لا تعنى تحكم القضاة وصدم حاسة العدالة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة