أكرم القصاص - علا الشافعي

مخطوطة نادرة تكشف: أبوالقاسم الزهراوى جراح عربى قبل 1000 عام.. «اليوم السابع» تطلع على كنوز دار الكتب والوثائق القومية.. و«التصريف لمن عجز عن التأليف» تؤكد: الطبيب الزهراوى عالج انقلاب الرحم واخترع إبرة الجراحة

الخميس، 05 سبتمبر 2019 11:30 ص
مخطوطة نادرة تكشف: أبوالقاسم الزهراوى جراح عربى قبل 1000 عام.. «اليوم السابع» تطلع على كنوز دار الكتب والوثائق القومية.. و«التصريف لمن عجز عن التأليف» تؤكد: الطبيب الزهراوى عالج انقلاب الرحم واخترع إبرة الجراحة
كتبت - بسنت جميل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تاريخ أمة لا يزال يبوح بأسراره ويكشف عن بعضها حينا بعد الآخر، إذا ما وجد من يبحث عن هذه الأسرار، وينقب عنها، ويسعى وراءها، ليتكشف لنا أنه فى حين كانت أوروبا تطحنها الحروب وتفرقها الفتن وتغرق فى ظلام الجهل فى العصور الوسطى، كان المسلمون فى أوج مجدهم، يتخذون من العلم سبيلا لتحقيق أهدافهم، وكانت مصر والشام وبلاد العراق والأندلس هى حواضر الأمة باستقبالها للعلماء واتاحتها مواطن العلم ومكتباتها المهمة، ومعاملها التى كشفت مبكرا كثيرا من أسرار العلم فى مختلف ساحاته، وهى أسرار يثب يوما بعد الآخر أن العرب كانوا سباقين فى الوصول إليها.

 
القاهرة كانت واحدة من أهم حواضر العلم وقبلة للعلماء، وهو ما تكشف عنه مخطوطاتها وكنوزها التراثية التى غيرت مجرى التاريخ وساعدت البشرية فى مجال كالطب على التغلب على الأمراض والشفاء.
 
«اليوم السابع» خاضت جولة للإطلاع على واحد من هذه الكنوز، حيث ذهبنا إلى مبنى دار الكتب والوثائق القومية الذى يقع على كورنيش النيل، والتقينا بمصطفى عبدالسميع، مدير عام الإدارة العامة للمخطوطات والبرديات الذى قام بستهيل كل الإجراءات للاطلاع على مخطوطة نادرة تحمل عنوان «التصريف لمن عجز عن التأليف» لأبو القاسم خلف بن عباس الزهراوى «المتوفى بعد سنة 400 هـ/1013 م»، وهو طبيب عربى مسلم عاش فى الأندلس، ويعد من أعظم الجراحين الذين ظهروا فى العالم الإسلامى، ووصفه الكثيرون بأبى الجراحة الحديثة، ويعرف بأنه طبيب فاضل، خبير بالأدوية المفردة والمركبة، وله تصانيف مشهورة فى صناعة الطب. 
 
ويقع كتاب «التصريف لمن عجز عن التأليف» فى 30 جزءا، وقد ترجم مبكراً إلى اللاتينية والعبرية واللغة البروفنسية «لغة جنوب فرنسا»، ونال شهرة واسعة فى البلاد الغربية. 
 
لم ينشر هذا الكتاب بأكمله، فأول جزء ظهر منه هو الجزء الخاص بالعقاقير وقد نقل إلى اللاتينية بالبندقية سنة 1471، ثم جزء جراحى أسند إلى جى دى شولياك ثم الجزء الباطنى وجزء أمراض النساء. 
 
الزهراوى-يجرى-عملية-جراحية
الزهراوى يجرى عملية جراحية
 
عناصر الكتاب تضم الأجزاء الثلاثين من كتاب «التصريف» وتوضح أنه موسوعة طبية حول طرق تحضير الأدوية بالتقطير والتسامى وأهم جزء منه هو الجزء الجراحى الذى يقع فى ثلاث أجزاء. 
 
ملامسة مخطوطة تاريخية نادرة كهذه، تحوى جزء مهما من أسرار البشرية، تحمل معها الكثير من المشاعر المتناقضة، ما بين الرهبة والفرحة، ثم السعى لقراءة سطور المخطوطة التى لم تكن سهلة بالمرة ، فالكلمات والجمل متداخلة إلى حد كبير المخطوطة غير مسطرة وليست بها عناوين. 
 
فى الجزء الذى يحمل رقم 137 طب تيمور، ضمن الزهراوى فصولا من الأمزجة والأغذية وتركيب الأدوية وعيونا من التشريح، وما أشبه ذلك جعلها مدخلا للكتاب، وفى المقالة الأولى بهذا الجزء، قال الزهراوى، حفظ الصحة على الأصحاء، وردها على المرضى بقدر طاقة الإنسان، ومن مقولاته أيضا لا تشرع بعمل أى شىء إلا إذا كنت واثقا أنه سيعود على المريض بنتيجة طيبة. 
 
وأوضح الزهراوى فى المخطوطة، أن الطب ينقسم إلى علم وعمل، والعلم ينقسم ثلاثة أقسام: علم بالأمور الطبيعية، وعلم بالأسباب، وعلم بالدلائل، وأخد كل علم على حدة حيث قال: إن الأمور الطبيعية تنقسم إلى سبعة أقسام، الأركان والأمزجة، والأخلاط، والقوى، والأعضاء، والأفعال، والأرواح.

الفرق بين الدواء والغذاء

تضم المخطوطة فصلا فى الفارق بين الدواء والغذاء، حيث قال الزهراوى: اعلم أن فعل الغذاء فى الأبدان بخلاف فعل الدواء؛ لأن الغذاء يستحيل إلى المغتذى ويتشبع به ويلبث معه وينمو من أجله، والدواء بخلاف ذلك لا يغتذى به البدن، فلا ينمو بل ينقصه، والغذاء أيضا يمر من باطن البدن إلى ظاهره وجميع أقطاره، والدواء يجذب الأخلاط من جميع أقطار البدن إلى باطنه.
 
0001

أمراض المقعدة 

أمراض المقعدة اثنا عشر مرضا، يحددها الزهراوى، وهى: استرخاؤها، وخروجها، والبواسير والنواصير، خروج الدم، خروج القيح، الوجع، الشقاق، القروح، والحكة، والديدان الصغار، والداء الخفى، وخروج البراز عند الجماع.

مخطوطة-التصريف-لمن-عجز-عن-التأليف-(1)

أمراض البواسير وعلاجها 

البواسير هى الثآليل، وهى فضول تدفعها الطبيعة إلى المقعدة وإلى مخرج كل رطوبة فى البدن بالأنف والأذنين وأشفار العينين والشفتين، وتكون على دربين: تكون ناتئة وهى الأولى أن تسمى بالثآليل، ومنها غائرة غير ناتئة، والناتئة تكون منها صلبة، ويكون منها رطبة على لون البدن لا يرشح منها دم ولا قيح، ويكون منها أرجوانيا تشبه الثوب فى شكلها ولونها، ويكون منها مائلات إلى السواد، مترهلة، وكلاهما يرشح منها الدم والقيح، مزمنة، عسيرة البرء، وحدّدها الأطباء بانتفاخ العروق، ويقول الزهراوى: قد قلنا إنها عسرة البرء، فإن رأيت منها ما ينقاد للعلاج فاقصد أولا إلى حسم المادة وتنظيف البدن إن لم تكن هناك أعراض صعبة يخاف منها التلف بأن يسهله بالأدوية التى فيها القبض كالأهليلج الأصفر والكائلى والهندى والبلبلج والأملج، وما أشبه ذلك، ويجتنب الإسهال بالأدوية الحارة كالصبر والسقمونيا والفرينون والمازريون وشحم الحنظل والشرم ونحوها.
مخطوطة-التصريف-لمن-عجز-عن-التأليف-(2)
 

مرض النواصير

منها نافذ يخرج منها الريح، ومنها غير نافذة ولا يخرج منها ريح ولا نجو، وعلامة الناصور ورم صعب صغير كالشعيرة ينبعث من تحت العصعص ويخرج فى الفضاء أو فى حلقة المقعدة فينتفخ ويصير له فم صغير كعين الإبرة يسيل معه الدم والقيح دائما لا وجع له منه إذا انفتح وبدأ يسيل، وعلاجها كعلاج البواسير.

أمراض أرحام النساء 

انتقلنا من الجزء الذى يحمل عنوان «طب تيمور» إلى جزء «3059» ليبدأ هذا المخطوط بـ«أمراض أرحام النساء»، وهى ستة وأربعون مرضًا: سوء المزاج، والورم الحار، وحشا الرحم، والورم المتحجر، والسرطان، ونتوء الرحم، وانقلابها، وميلانها، والنفح، والقروح، والدبيلة، والأكلة، والبواسير.. والثآليل، وسيلان الرطوبة، والرائحة الكريهة، والاسترخاء.. إلخ.
 
مخطوطة-التصريف-لمن-عجز-عن-التأليف-(3)
 
 أما انقلاب الرحم فيكون إما من جرح تقدم أو من روم حار قد صلب وتحجر، وعلاجه «1»: أن تجلس المرأة فى ماء قد طبخ فيه حلباء وخطمى وإكليل الملك والبابونج، أو فى الماء والزيت المضروبين، ويضمد الرحم بالفرازج الملينة، فإن أدمنت هذه العلة فينبغى أن تنجز بالرحى العطرية من أسفل ويتحمل فى القبل صوفة قد غمست فى الزوفاء الرطب، والنطرون وعلل البطم.
 
وعلاجه أيضًا: أن تجلس المرأة فى ماء الأدوية الملينة، ويدخل فى الرحم من مرهم الشحوم، ثم يُدْخِل «الطبيب» الإصبع ورده عن الجهة التى مال إليها. 
وكذلك علاجه أن يضع محجمة بنار حدا «عند» الميلان فإنك تجدها، ثم تجلس المرأة فى شراب قد طبخ فيه أدوية قابضة.
 
وتضمن المخطوط علاجا للإسهال، فقال: وعلاج الإسهال من قِبل انصباب المِرَّة السوداء إلى المعدة فصدُ الباسليق إن لم يمنع مانع وكان الامتلاء ظاهرا، ووضع المحاجم بالنار على الطحال، ومداومة سفوف الأفتيمون، ثم الإسهال بطبيخ الأفتيمون، والمبادرة إلى حشو شىء دسم لتقاوم به الحموضة.
 
مخطوطة-التصريف-لمن-عجز-عن-التأليف-(4)
 
ما لا تعرفه عن الزهراوى، أنه لم يكن يجرى أى عمل جراحى إلا تحت الإنارة الجيدة لوضوح الرؤية فى ساحة العمل الجراحى ، وكان يوصى باستخدام ضوء الشمس المباشر، ومن ذلك قوله فى الفصل الثامن عشر من الباب الثانى: وليكن عملك نصف النهار بإزاء الشمس، وكذلك فى الفصل الخامس والثلاثين، العمل فبه أن تفتح فم العليل بإزاء الشمس، جاء ذلك بحسب ما ذكر كتاب. الزهراوى فى الطب لعمل الجراحين، تحقيق الدكتور محمد ياسر زكور. 
 
0004

علاج ورم ثدى الرجال الذى يشبه ثدى النساء 

قد ينتفخ ثدى بعض الناس عند مبلغ الحلم حتى يشبه ثدى النساء، فيبقى وراما قبيحا، فمن كره ذلك فينبغى أن يشق على الثدى بشق هلالى، ثم اسلخ الشحم كله ثم املأ الجرح من الدواء الملحم، ثم اجمع شفتى الجرح بالخياطة وعالجه حتى يبرأ، فإن مال الثدى إلى أسفل واسترخى لعظمه، كما يعرض للنساء، فينبغى أن تسق فى جوانبه العليا شقين يشبهان شكلال هلاليا، يتصل مل واحد منهما بالآخر عند نهايتهما. 
 
مخطوطة-التصريف-لمن-عجز-عن-التأليف-(3)

اختراعات الزهراوى 

اخترع أبو القاسم الزهراوى، المواد اللاصقة الحديثة، والضمادات التى لا تزال تستخدم فى جميع مستشفيات العالم، استخدم الخيوط للخياطة الداخلية للجروح، إضافة إلى اختراعه للملقاط لاستخراج الجنين الميت، واخترع جهاز طبى خاصا يسمى المكواة لكى الشرايين، واستعمل القطن للسيطرة على النزيف، واخترع الإبرة الجراحية. 

مخطوطة-التصريف-لمن-عجز-عن-التأليف-(2)
 

 

القيمة العلمية للكتاب

أهم ما فى كتاب «التصريف لمن عجز عن التأليف» رسومات تمثل أشكال آلات الجراحية، وقد نال الكتاب منزلة رفيعة عند الغرب فى القرون الوسطى. 
 
 
P.6
 
 

 

 

 

 
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة