تحرك ركب الحجيج اليوم الأربعاء، من مدينة رسول الله لمصر، بعدما أتم الله عليهم نعمة أداء فريضة الحج، وزاروا الأماكن المقدسة، وطواف حول البيت العتيق ووقفوا بعرفات ورموا الجمرات، وقصروا وحلقوا الرأس وتحللوا من الإحرام.
وجوه مرسوم عليها ملامح الفرحة والسعادة، وملابس بيضاء يرتديها ضيوف الرحمن، وألسنة مازالت تصدح بالتلبية لبيك اللهم لبيك، هكذا ودع ضيوف الرحمن أطهر بقاع الأرض، على أمل أن يعودوا مرات أخرى لهذا المكان.
الحجاج
ومن ناحيته، قال اللواء عمرو لطفي الرئيس التنفيذي لبعثة الحج، أنه تم تفويج أول دفعة من حجاج القرعة من مدينة رسول الله للقاهرة اليوم الأربعاء، على أن تستمر رحلات التفويج من الأراضي المقدسة لمصر تباعاً حتى تفويج نحو 25 ألف من حجاجنا.
وأضاف "لطفي" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، ننقل الحجاج بواسطة أتوبيسيات مكيفة من مقار إقامتهم للمطار، ويساعد الضباط ضيوف الرحمن في شحن الحقائب.
وحرص "لطفي" على تقديم التهنئة لضيوف الرحمن والمباركة لهم على أداء الفريضة، ناقلاً لهم تحيات اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، الذي تابع على مدار فترة موسم الحج البعثة، وكرر توجيهاته بتقديم التيسيرات اللازمة لضيوف الرحمن.
ومن جانبه، قال أيمن عبد الموجود، رئيس بعثة حج التضامن الاجتماعى، عاد 902 حاجا من ضيوف الرحمن من حجيج الجمعيات الأهلية من محافظات الاسكندرية والجيزة والشرقية والقليوبية للبلاد اليوم الأربعاء، حيث تم التفويج من مطار جدة إلى مطار القاهرة، مشيرا إلى تواصل عمليات التفويج حتى 30 أغسطس الجارى لتفويج 12 ألف حاج من أعضاء الجمعيات الأهلية لهذا العام، إضافة إلى استمرار التفويجات الداخلية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة حيث تم تفويج 573 حاجا من مكة إلى المدينة لزيارة مسجد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومسجد قباء وجبل أحد وغيرها من المزارات الشريفة.
ونوه رئيس بعثة حج وزارة التضامن الاجتماعى إلى أنه هناك متابعة مستمرة وزيارة للحالات المحجوزة بالمستشفيات لتلقى الرعاية الطبية والتأكد من تلقيها كافة الخدمات وأن حالات الغسيل الكلوى تغسل بانتظام.
دعاء الحجاج
وحرص الحجاج قبل مغادرتهم المدينة المنورة، على استغلال أوقاتهم بزيارة المساجد والمآثر الإسلامية وأداء الصلاة في بعضها واستذكار الأجواء الروحانية والسيرة المباركة لعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الميامين رضوان الله عليهم أجمعين .
وزار الحجاج مسجد قباء الذي يعد أول مسجد أسس على التقوى مهوى لضيوف الرحمن الذي يحرصون على زيارته وأداء ركعتي السنة , وهو يبعد عن المسجد النبوي زهاء نصف ساعة مشيا بالأقدام .
وشارك الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في بنائه ، ثم جـدده الخليفة الثالث عثمـان بن عفـان - رضي الله عنه - وزاد فيـه، ولمـا اعتـراه الخـراب جـدده من بعـده الخليـفة الـراشد عمـر بن عبد العـزيـز عندما كـان أمـيراً على المدينـة المنـورة, وأقـام له مئـذنـة عام 87 / 93 هـ .
وتوالت التوسعات على المسجد وصولاً للعهد السعودي الذي تمت فيه أكبر توسعة لمسجد قباء ليستوعب عشرين ألف مصل، وخصص الجزء الشمالي منه ليكون مصلى للنساء بطاقة استيعابية تصل إلى 7000 مصلية.
وفضل بعض الحجاج زيارة مسجد الجمعة الشهير ، الذي سمّي بذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم ،صلى فيه أول جمعة حين أقبل من قرية قباء متجهاً إلى المدينة، وأطلق عليه ''مسجد بني سالم'' لوقوعه في حي بني سالم بن عوف من الأنصار، وقيل عنه ''مسجد الوادي'' و مسجد ''عاتكة''، وهو يقع بين الطريق الرابط بين قباء ووسط المدينة المنورة المسمى طريق قباء .
ونال مسجد القبلتين اهتمام الحجاج، حيث يعد أحد أبرز المعالم في طيبة الطيبة، وسمي بذلك لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم، أمر بتحول القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة أثناء الصلاة فيه, ويطلق عليه مسمى مسجد بني سلمة لوقوعه في قرية بني سلمة، ويقع المسجد على هضبة مرتفعة من حرة الوبرة في طرفها الشمالي الغربي بالنسبة للمدينة، ويشرف على عرصتي وادي العقيق بمساحة 3920 متراً مربعاً.
وزار الحجاج مسجد الغمامة أو مسجد المصلى الواقع بالقرب من المسجد النبوي عند الجنوب الغربي منه من أبرز مساجد المدينة المنورة ، ويبعد نصف كيلو متر من باب السلام في المسجد النبوي، ونحو 305 أمتار من التوسعة السعودية الثانية للمسجد النبوي، وكانت تصلى فيه صلاة العيدين حتى أواخر القرن التاسع، ثم نقلت إلى المسجد النبوي.
وعلى بعد 385 مترًا شمالي مقبرة بقيع الغرقد يقع مسجد الإجابة الذي لا يَبعد كذلك عن المَسجد النّبويّ بعد توسعته إلا بضعة أمتار فقط من الجهة الشمالية الشرقية له ، واشتهر هذا المسجد بهذا الاسم - يعني الإجابة - لحادثة رواها مسلم في صحيحه حيث قال: روي أن رسول الله أقبل ذات يوم من العالية حتى مرّ بمسجد بني معاوية ودخل فركع فيه ركعتين، وصلينا معه، ودعا ربّه طويلاً، ثم انصرف إلينا، فقال: سألت ربّي ثلاثاً، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألته أن لا يهلك أمتي بالسّنة ( الجدب، وهو انقطاع المطر) فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالفرق (الفزع ) فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها .
ومن أهم المعالم التي زارها ضيوف الرحمن المساجد السبعة التي هي وفقًا للروايات ستة مساجد وليست سبعة ولكنها اشتهرت بهذا الاسم وتقع في الجهة الغربية من جبل سلع عند جزء من الخندق الذي حفره المسلمون في عهد النبوة للدفاع عن المدينة المنورة عندما زحفت إليها قريش والقبائل المتحالفة معها سنة 5 للهجرة.ويروى أنها كانت مواقع مرابطة ومراقبة في تلك الغزوة وسمي كل مسجد باسم من رابط فيه، عدا مسجد الفتح الذي بني في موقع قبة ضربت لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما مسجد الفتح فهو أكبر تلك المساجد وسمي بهذا الاسم لأنه مصلى رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام ، وتلك الغزوة كانت في نتائجها فتحاً على المسلمين.
ومن المساجد السبعة مسجد الصحابي الجليل سلمان الفارسي الذي يقع جنوبي مسجد الفتح مباشرة على بعد 20 متراً منه فقط في قاعدة جبل سلع، وسمي باسم سلمان الفارسي لأنه صاحب فكرة حفر الخندق لتحصين المدينة من غزوة الأحزاب وهو يتكون من رواق واحد طوله وعرضه 7 أمتار ودرجة صغيرة عرضها متران , إلى جانب مسجد أبي بكر الصديق الذي يقع جنوب غربي مسجد سلمان على بعد 15 متراً منه وبني وجدد مع المسجدين السابقين وقد هدم الآن ليعاد بناؤه وتوسيع مساحته , ويليه مسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه جنوباً على بعد 10 أمتار منه فقط، وهو على شكل رواق مستطيل وله رحبة غير مسقوفة على صورته، يرتفع عن الأرض ثماني درجات، وطريقة بنائه تطابق بناء مسجد الفتح، وربما يكون قد بني وجدد معه.
دعوات الحجاج بالأراضي المقدسة
ومن هذه المساجد السبعة مسجد الإمام على بن أبى طالب ويقع شرقى مسجد فاطمة على رابية مرتفعة مستطيلة الشكل طوله 8.5 أمتار وعرضه 6.5 أمتار وله درجة صغيرة، وبنى هذا المسجد وجدد على الأرجح مع مسجد الفتح.
وآخر هذه المساجد السبعة مسجد فاطمة الزهراء الذى يسمى فى المصادر التاريخية مسجد سعد بن معاذ، وهو أصغر مساجد هذه المجموعة مساحته تقريبا 12 متراً مربعاً وله درجة صغيرة، وآخر بناء له على نمط أبنية المجموعة نفسها.
وقد رممت هذه المساجد جميعها فى الوقت الحاضر مع المحافظة على شكلها التراثى، كما قامت أمانة المدينة المنورة بتحسين المنطقة وتشجيرها فغدت كأنها حديقة واسعة تتخللها مبان صغيرة.
ويعد مسجد العنبرية من مساجد المدينة الأثرية، وبناه السلطان العثمانى عبد الحميد الثانى عام 1326هـ 1908م، ليكون جزءاً من مشروع محطة قطار الحجاز الذى يربط بين المدينة ودمشق،إلى جانب مسجد السقيا بباب العنبرية فى المدينة المنورة، وهو مسجد صغير تعلوه 3 قباب، ويقع على مساحة 56 مترًا، بلا مئذنة، وتصميم بنائه عثمانى، وأعيد ترميم المسجد فى العهد السعودى سنة 1423 - 1424 هـ، وترجع تسمية المسجد لوقوعه قرب " بئر السقيا " الذى كان ملكًاً للصحابى سعد بن أبى وقاص، وقد توضأ وشرب منها الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان يستسقى له منها.
وفى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أعيد بناء وتجـديـد وفرش جميع تلك المساجد مع الحفـاظ على الطـراز المعمـارى الإسـلامى الخـاص بها، لتظل شاهداً على حرص قيادة هذه البلاد منذ توحيدها على رعاية بيوت الله والعناية بها.
وحرص الحجاج أيضا على زيارة بقيع الغرقد الذى يقع شرقى المنطقة المحيطة بالمسجد النبوى وهو مدفن أهل المدينة من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى الآن، وقد دفن به أكثر من عشرة آلاف من الصحابة والتابعين وأهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم وبناته وعماته وزوجاته عدا خديجة وميمونة - رضوان الله عليهم.
وكانت تحيط به المزارع من الشمال والجنوب والشرق أما من الغرب فكان يفصلها عن المسجد النبوى مساكن ودور ومدارس حارة الأغوات، وأصبح البقيع حالياً بعد تنفيذ مشروع خادم الحرمين الشريفين لتوسعة وعمارة المسجد النبوى ملاصقا لساحات المسجد النبوى لا يفصلهما أى مبانى أو منشآت، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم كثير التردد على البقيع والدعاء لأهل البقيع.
كما حرص ضيوف الرحمن وقاصدو طيبة الطيبة على زيارة الأماكن التاريخية والدينية من بينها موقع حى شهداء أحد، الذى له مكانة عظيمة فى نفوس المسلمين حيث يشرف عليه جبل أحـــد وفيه كانت معركة أحد المشهورة ويضم ثراه أكثر من سبعين شهيداً، منهم حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله (سيد الشهداء) ومصعب بن عمير أول داعية بعثه النبى عليه أفضل الصلاة والسلام، وحنظلة بن عامر (غسيل الملائكة) وعبد الله بن جحش وشماس بن عثمان وعقيل أبن أبى أمية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة