المصريون يتحركون للحفاظ على بحيراتهم ويقدمون مثلا مضيئا للعالم

الإثنين، 19 أغسطس 2019 10:27 ص
المصريون يتحركون للحفاظ على بحيراتهم ويقدمون مثلا مضيئا للعالم بحيرة المنزلة
أ ش أ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يتحرك المصريون بكل العزم والجد للحفاظ على بحيراتهم وحمايتها من التعديات، ليقدموا مثلا جديدا ومضيئا للعالم الذى يئن من إشكاليات التدهور البيئى للبحيرات فى أماكن متعددة بالكوكب الأرضى.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسى قد أكد حرص الدولة على الاهتمام بالبحيرات المصرية وإزالة كافة التعديات عليها، مشددا خلال افتتاحه مشروع الصوب الزراعية، السبت، أن بحيرات مصر ستعود كما كانت، وفضلا عن ثروتها السمكية تشكل البحيرات فى مصر مكونا مهما ضمن مقومات السياحة الشاملة، فيما تدخل البحيرات ضمن المخططات الاستراتيجية المعلنة لمدن مصرية جديدة كما يتجلى فى "مدينة العلمين الجديدة".

المنطقة الشاطئية فى مدينة العلمين الجديدة التى تمتد بطول 14 كيلو مترا على شاطىء المتوسط تتميز بوجود بحيرات طبيعية على مساحة 350 فدانا وتتصل بالبحر المتوسط عبر 4 فتحات ويحكمها بوغاز لتجديد مياه البحيرات بما يشكل علامة من علامات متعددة للجمال فى تلك المدينة المصرية الجديدة التى مفخرة "لمدن الجيل الرابع".

والبحيرات التى يجرى حماية جوانبها وتشكيل الجزر تعد جزءا مهما من المشهد الحضارى المبهر لمدينة العلمين الجديدة التى تبلغ مساحتها وفقا لمخططها الاستراتيجى المعلن 48 ألفا و917 فدانا وتضم "مدينة للثقافة والفنون على مساحة 190 فدانا" لتحتضن المسرح الرومانى المكشوف وقاعة للأوبرا بالإضافة إلى مجمع للاستديوهات وآخر لدور السينما مع منطقة استثمارية ترفيهية ومتحف.

وتعد بحيرة ناصر التى ظهرت مع بناء السد العالى بين عامى 1958 و1970 من أكبر البحيرات التى صنعها الإنسان فى العالم وتشكل بمناظرها الرائعة مقصدا مثاليا لرحلات البحيرات، فيما يطل عليها معبد أبو سمبل وتمثال رمسيس الثاني، وتفيد دراسات منشورة بأن بمقدور هذه البحيرة أن تنتج 50 ألف طن من الأسماك سنويا.

أما بحيرة المنزلة التى تطل عليها محافظات الدقهلية والشرقية ودمياط وبورسعيد فالجهود تمضى على قدم وساق لإزالة التعديات على تلك البحيرة التى تشكل بدورها مصدرا مهما للثروة السمكية، كما باتت "بركة غليون" فى محافظة كفر الشيخ مصدرا مهما للثروة السمكية.

وحظت بحيرة البرلس فى محافظة كفر الشيخ بكثير من الاهتمام لحمايتها من التعديات التى طالت بحيرة ادكو بدورها وباتت موضع اهتمام لإزالتها بعد أن تقلصت مساحة تلك البحيرة الواقعة فى محافظة البحيرة إلى حد كبير وهى التى كانت مساحتها فى مطلع القرن العشرين تصل إلى 35 ألف فدان.

وتمتد "بحيرة قارون" فى محافظة الفيوم على مساحة 55 ألف فدان لتكون من أشهر المعالم السياحية فى هذه المحافظة التى تضم أيضا "بحيرة الريان" وتشكل ككل "أكبر واحة طبيعية فى مصر"، أما فى "وادى النطرون" الذى يمتد على منتصف الطريق الصحراوى بين القاهرة والإسكندرية فتشكل بحيرات مثل "بحيرة الحمراء والجعار" مكونا مهما من المقومات السياحية الطبيعية لتلك المنطقة التى تجمع ما بين مقومات السياحة الطبيعية والتاريخية.

وإذ تضم الواحات ومن أشهرها "واحة سيوة" التى تقع على مساحة 80 كم جنوب غرب مرسى مطروح العديد من البحيرات ومن بينها "بحيرة سيوة" الجاذبة للسائحين الذين يرددون أيضا أسماء بحيرات فى سيوة تقع على مشارف "واحة آمون" مثل "المراقى واغورمى والزيتونة" حيث برع بعض أبناء المنطقة فى نحت الملح البلورى فى تصميمات وأشكال جمالية يشكل بعضها قطعا فنية نادرة.

والعريش عاصمة محافظة شمال سيناء تتنوع بيئتها الجغرافية لتضم معالم سياحية مثل محمية الزرانيق الواقعة فى الجزء الشرقى من بحيرة البردويل وهى البحيرة التى يبلغ طولها نحو 130 كيلو مترا وتعد من المصادر المهمة للثروة السمكية، فيما تشكل أحد أجمل الملامح الطبيعية على ساحل شمال سيناء.

وإذ تتنوع البحيرات فى مصر ما بين "بحيرات عذبة وبحيرات مالحة" فإن هذه البحيرات تدخل فى دراسات ثقافية وأدب الرحلات كما فعل الكاتب المصرى الراحل صبرى موسى عندما أصدر كتابا بعنوان "فى البحيرات" عام 1965.

ومن يتأمل أعمال هذا المبدع المصرى وابن محافظة دمياط الذى قضى فى مطلع العام الماضى سيلحظ دون عناء شغفا بالبحيرات فى عديد من مجموعاته القصصية ورواياته وكتبه ومن بينها رائعة "فساد الأمكنة"، بينما يركز كتابه "فى البحيرات" على تاريخ نشأة بحيرات مصر وتطورها.

كان الكاتب والروائى إبراهيم عبد المجيد قد ربط بين ارتفاع أسعار بعض الأسماك وتجفيف وردم بحيرات فى الماضى مثل بحيرة مريوط، فيما أبدى هذا الكاتب الذى ارتبط الكثير من إبداعه الروائى بالإسكندرية شعورا بالأسى لأن الكثير من بحيرات مصر والتى تعد جزءا لايتجزأ من طبيعتها الجميلة فقدت الكثير من مساحتها.

وفيما يظهر اسم البحيرات المصرية القديمة "قمور" عند برزخ السويس فى الكتابات التاريخية التى تناولت رحلة المغامر المصرى القديم سنوحى إلى "جبيل" فى لبنان فهناك بالفعل اهتمام ملحوظ بين الأجيال الجديدة من الشباب المصرى بالبحيرات ضمن سياحة الرحلات فى ربوع مصر الثرية والسخية بالتنوع فى الطبيعة ما بين الجبال والصحراء والسهول والوديان والنهر والبحار والبحيرات التى تتضمن أيضا "بحيرات توشكي" وبحيرة "المفيد" بالفرافرة فى الوادى الجديد.

يأتى التوجه المصرى للحفاظ على البحيرات وحمايتها من التعديات بصورها المتعددة فى وقت تتعرض فيه بحيرات كبرى وشهيرة فى العالم لمخاطر بيئية لتتحول إلى قضية تفرض نفسها على اهتمامات نجوم من مشاهير الفن ومثقفين، فضلا عن الصحف ووسائل الإعلام.

وفى هذا السياق، ناشدت جماعات روسية لحماية البيئة مؤخرا الممثل الأمريكى الشهير ليوناردو دى كابريو لمساندة حملة لإنقاذ بحيرة بايكال فى سيبيريا والمهددة بمخاطر التلوث جراء مشاريع صناعية لا تراعى الاشتراطات البيئية، فضلا عن أنشطة الصيد الجائر.

والنجم الهوليوودى ليوناردو دى كابريو البالغ من العمر 44 عاما من مشاهير الناشطين البيئيين فى العالم، وتبرع بملايين الدولارات لتمويل أنشطة لحماية البيئة عبر مؤسسته الخيرية التى أسسها عام 1998 ويستخدم حسابه على "موقع انستجرام للتواصل الاجتماعى" لإطلاق نداءات "لحماية البيئة وكوكبنا الأرضي" واختارته الأمم المتحدة فى عام 2014 "كمبعوث أممى لمكافحة التغير المناخي".

ومن هنا اختار نشطاء البيئة الروس صفحته على موقع انستجرام لتوجيه نداءات تحث "النجم المتوج بجائزة الأوسكار" على دعم حملة لإنقاذ بحيرة بايكال التى توصف بأنها "لؤلؤة سيبيريا" وتعد "أعمق بحيرة مياه عذبة فى العالم" وأدرجت منذ عام 1996 على لائحة التراث العالمى لمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة.

ومع أن هذا النجم الهوليوودى الذى ولد فى لوس انجلوس كان بعض أجداده من أصل روسى ويصف نفسه بأنه "نصف روسي" فالطريف كما لاحظت جريدة الجارديان البريطانية أن بعض هذه النداءات التى وجهت لليوناردو دى كابريو على صفحته فى موقع انستجرام كتبت أصلا "باللغة السيريلية" التى لن يفهمها بسهولة وأن كان هناك من تطوع بترجمتها للإنجليزية.

وبحيرة بايكال الواقعة جنوب سيبيريا ذاع صيتها بمناظرها الخلابة ويبلغ عمقها 1642 مترا وطولها 395 ميلا ومتوسط عرضها 3 أميال ويصب فيها 336 نهرا وتحوى نحو خمس المياه العذبة فى العالم، بينما تأتى بحيرة افريقية كثانى أكبر بحيرة للمياه العذبة على مستوى العالم وهى "بحيرة تنجانيقا" التى تتشارك فيها 4 دول أفريقية هى تنزانيا وزامبيا وبوروندى والكونغو الديمقراطية وتصب فى نهر الكونغو.

ومصر التى تعد "دولة نيلية بامتياز" تربطها علاقة تاريخية حميمة بالبحيرات الاستوائية التى تشكل ضلعا من الضلاع الكبرى لحوض النيل وخاصة "بحيرة فيكتوريا" التى تضم نحو 3 آلاف جزيرة هى إحدى البحيرات العظمى الأفريقية.

وجزيرة فيكتوريا تطل عليها 3 دول هى تنزانيا وأوغندا وكينيا، وتشكل مقصدا سياحيا عالميا..فيما يطمح المصريون مع الأشقاء الأفارقة لتنفيذ مشروع ملاحى رائد يربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط وهو مشروع يحقق مكاسب أفريقية متعددة من بينها زيادة معدلات التنمية وتعزيز التواصل الإنسانى والثقافى وفتح أسواق لصادرات دول حوض النيل لأوروبا.

وينبع من هذه البحيرة "نهر النيل الأبيض" وحسب كتابات تاريخية فقد أشار لها الرحالة العربى "الادريسي" عام 1160 الميلادي، غير أن الإنجليزى جون هانينج سبيك الذى كان أول رحالة أوروبى يصل لتلك البحيرة فى عام 1858 أطلق عليها اسم "فيكتوريا" ملكة بريطانيا حينئذ.

وجون هانينج سبيك كان يحلم بأن يكون المستكشف الذى حل لغزا لم يحله من قبل أى مستكشف جغرافى آخر، فيما حرصت عائلته بعد وفاته على إضافة فرس النهر أو "سيد قشطة" لشعار النبالة وسجل شرف العائلة التى ينتمى لها رجل خاض أهوالا مدفوعا بقوة حلمه الكبير للوصول لمنابع النيل.

وإذا كان المستكشف الإنجليزى صمويل بيكر الذى قضى فى نهاية عام 1893 وكان ضمن أصحاب المحاولات الأوروبية المبكرة للوصول لمنابع النيل قد نجح فى اكتشاف بحيرة أفريقية أطلق عليها اسم "بحيرة البرت" فإن القارة الأفريقية تحتضن أيضا بحيرات شهيرة كبحيرة مالاوى التى تعد ثالث أكبر بحيرة فى أفريقيا وتتوزع بمياهها الصافية مابين مالاوى وموزمبيق وتنزانيا وبحيرة "ريتبا" التى تقع فى السنغال وتعرف أيضا باسم "البحيرة الوردية".

أما بحيرة "كاريبا" فتتوزع على الحدود مابين زامبيا وزيمبابوي، بينما تتوزع بحيرة "كيفو" مابين رواندا والكونغو وتحتضن أوغندا بحيرة "بونيوني" التى تضم 29 جزيرة وتحيطها تلال خضراء ليحق لأفريقيا أن تزهو بجمال بحيراتها فى وقت يتصاعد فيه القلق العالمى بشأن تأثيرات التغيرات المناخية على البحيرات فى العالم كما هو الحال فى جزيرة بايكال.

وهذا القلق العالمى حاضر فيما يتعلق ببحيرات تدخل ضمن أكبر بحيرات فى العالم سواء كانت عذبة أو مالحة مثل بحيرة "جريت سليف" فى أمريكا الشمالية التى تضم أيضا فى كندا "بحيرة الدب العظيم"، بينما تقع بحيرة "ميشيجين" فى الولايات المتحدة وتتوزع بحيرة "هورون" الأمريكية الشمالية ما بين هاتين الدولتين.

وأن لم يجانب ليوناردو دى كابريو جادة الصواب عندما حذر من خطورة ظواهر التغير المناخي، معتبرا أنها أكبر مشكلة تواجه الأجيال الصاعدة فمن الطبيعى أن تتوالى الآن طروحات لمثقفين تحمل صيحات تحذير من العدوان على البيئة التى تفضى لظواهر مناخية خطرة كالاحتباس الحرارى وارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بصورة غير مسبوقة.

وهى ظواهر تتبدى انعكاساتها على الإنسان المعاصر فى الصيف على وجه الخصوص كما يتحدث علماء عن تأثيرها السلبى على الأنهار والبحيرات والبحار والمحيطات.

وفى كتابها "الانقراض السادس..تاريخ لا طبيعي" تتحدث الكاتبة الأمريكية اليزابيث كولبرت عن "الموت الشامل الذى يتعرض له التنوع الحيوي"، فيما تتهم الإنسان المعاصر بأنه مصدر الخطر على هذا التنوع الحيوي.

والبحيرات جزء من هذا التنوع والمحيط الحيوى الذى يتغير فيزيائيا وكيميائيا بفعل التكنولوجيا المعاصرة كما يوضح هذا الكتاب الذى صدر مؤخرا مترجما للعربية عن المجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب فى الكويت ونقله للعربية أحمد السماحى وفتح الله الشيخ.

ومن الصور الصحفية اللافتة هذا العام والتى عرضت فى شهر أبريل الماضى بمعرض فى مدينة أمستردام بهولندا صورة التقطها ماركو جوالازينى لطفل فى بلدة عند "بحيرة تشاد" التى كانت من أكبر البحيرات الأفريقية ومصدر رزق لكثير من البشر لكنها تعانى الآن من التصحر بصورة خطيرة وانحسرت مساحتها بمقدار تسعة أعشار جراء التغير المناخي.

ومن الطبيعى أيضا أن تتجه العيون للبحيرات حول العالم فى ذروة هذا الصيف الساخن وإذا كانت الصحافة الغربية تحدثت من قبل عن الكاتبة جيسيكا لى التى مضت تسبح بين بحيرات برلين كأفضل وصفة فى اعتقادها لعلاج الاكتئاب فثمة تقارير صحفية تحدثت فى هذا الصيف عن بحيرات شهيرة فى العالم تجذب أعدادا متزايدة من البشر كلما تزايد حر الصيف ومن بينها بحيرة "فالخن" الألمانية التى تحظى بشعبية كبيرة بين هواة التزلج على الماء.

وفى جبال "الروكي" الكندية تقع "بحيرة لويس المتجمدة" والتى يتعين على روادها من عشاق المناظر الطبيعية الخلابة تحمل درجات الحرارة المنخفضة للغاية حتى فى ذروة الصيف بينما توصف "بحيرة كوما" السويسرية ذات المياه الفيروزية بأنها "لؤلؤة جبال الألب" كما تعد "بحيرة أيك كيل" من أشهر المقاصد السياحية فى المكسيك.

وهاهى مصر بعبقرية موقعها الجغرافى وعظمة تاريخها وإنجازات عملاقة فى حاضرها تمضى قدما لحماية بحيراتها المتعددة والمتنوعة لتقدم للعالم مثلا مضيئا نبيلا فى حماية التنوع الحيوى والإصغاء لصوت الطبيعة ومنابع الجمال.

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة