أكرم القصاص - علا الشافعي

أكرم القصاص

رغبات افتراضية متوحشة.. القتل والتشهير الاجتماعى بالشير واللايك!

الثلاثاء، 13 أغسطس 2019 07:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى زحام العالم الافتراضى ومثلما حل التعبير الرمزى مكان الطبيعى، وأصبح العيد والمناسبات هو نشر الصور والفيديوهات على فيس بوك وتويتر وإنستجرام، وهو يصلى العيد ويضحى، أو يحج ويعتمر، يسجل لحظاته لحظات فرحه واحتفالاته وجولاته وخروجاته ويعبر عن سعادته بـ«الشير» واللايف، انتظارًا لتفاعلات الافتراضيين وكل هذا يدخل فى سياق الحريات الفردية، لكن الأمر عندما يخرج من الفردى للعام تتداخل الأمور وتصبح الخصوصيات مجالًا للتلاعب والسخرية.
 
وفى عيد الأضحى مثل غيره من المناسبات تنتشر كل عام، بعض الصور منسوبة لكونها من صلاة العيد، أو غيرها تحمل فى الظاهر شكلًا كوميديًا، ويبدو فيها اتجاهات المصلين متعاكسة أو السيدات مع الرجال أو عكس القبلة، وبالرغم من أن أحدا لا يملك أصل هذه الصورة أو مصدرها فإنها تروج بالكثير من الشير، مع نفس التعليقات المكررة فى كل عام عن المسيخ الدجال الذى لن يجد مجهودًا فى عمله، ويعض الصور المتداولة يرجع لسنوات بعيدة وأغلبها غير معروفة المنشأ المكان والزمان، ومع هذا تجد من يقوم بإعادة النشر «شير»، من دون تفكير. ربما كنوع من المشاركة فى الاستظراف اعتقادًا بأنهم يقدمون شيئًا لافتًا ساخرًا فكاهيًا.
 
 وغالبًا ما تكون مثل هذه الصور مجهولة المصدر أو تم التقاطها مصادفة لكنها تعاد ترتيبها وتجميعها من قبل مجموعات تبحث عن اللايكات، أو مجموعات تجارية تبحث عن تسويق لنفسها، وتتجاوز فكرة السخرية البريئة إلى الإساءة، وبحسن نية أو سوئها يشارك قطعان إعادة الشير فى انتشار هذه الصور بطريقة العنعنات من دون أن يكلف أى منهم نفسه جهد إجراء، عملية بحث بسيطة لمعرفة مصدر الصورة ومكانها ووقتها، أو حتى يبحث فى مصدرها.
 
بعض من يعيدون نشر هذه البوستات يبحث عن اللايك ويساهمون بكل عنعنة فى نشر صور غير صحيحة، وبعضها يمثل فى حد ذاته جريمة، ويؤدى لمشكلات لأنه يتم بالتقاط صور ونشرها من دون استئذان أصحابها، ولا نقصد الصور الجماعية التى تنتشر فى الصحف أو المواقع، لكن الصور تلك التى يكون فيها نوع من الإهانة للمصلى أو الشخص، ومنها صورة مصل بالعيد فوق دراجة، ولا أحد يعرف ظروف التقاط الصورة لكنها تسببت فى مشكلات للرجل صاحب الصورة وأسرته، بفضل عمليات الشير والتنكيت من أشخاص لا يعرفون أنها تسببت فى مشكلات إنسانية واجتماعية.
 
 وهو ما ينقلنا لأزمة تسود من سنوات وسؤال عما إذا كان من حق أى شخص يمتلك موبايل وكاميرا أن يلتقط أى صور وينشرها من دون إذن أطرافها حتى لو كانت تسىء لهم. وبعض عمليات الشير واللايك تصبح أدوات للقتل الاجتماعى والتشهير.
 
 الإجابة بالطبع لا لكن فى الأغلب لا أحد يجد لديه الوقت والجهد لملاحقة من أساءوا إليه مع غياب موضوع الخصوصية واحترام خصوصيات الآخرين، خاصة فيما يتعلق بالأحداث والمناسبات الخاصة والتقاط صور لأشخاص، فى أوضاع خاصة من دون أن يكونوا مستعدين والنشر بهدف التنكيت انتظارًا للايكات والقهقهات، وأى واحد ممن يفعلون ذلك لا يضع نفسه مكان أصحاب هذه الصور وأسرهم.
 
هذه المظاهر تتجاوز التصرفات الفردية لتتحول إلى عدوى ومرض يتجاوز الرغبة فى الاحتفال ليسفر عن سلوك شبه جماعى بين الافتراضيين تجاه أى من القضايا الاجتماعية أو التى تتعلق بالشخصيات المعروفة حيث تنتشر بوستات وصور وشائعات، وهذه «العنعنعنات الافتراضية» تضاعف من الشك فى أدوات التواصل وتضعف من تأثيرها، ولهذا تراجعت الثقة فى هذه الأدوات اليوم عما كان قبل سنوات. خاصة بعد تضاعف حالات اختراق الخصوصية وغياب احترام هذه الخصوصية بين جمهور واسع يمارس رقصة افتراضية جماعية متوحشة.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة