أكرم القصاص - علا الشافعي

أحزان الكعبة المشرفة.. الاعتداء على بيت الله الحرام فى زمن المسلمين

الأحد، 11 أغسطس 2019 08:00 م
أحزان الكعبة المشرفة.. الاعتداء على بيت الله الحرام فى زمن المسلمين الكعبة المشرفة
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وسط الأفراح التى يعيشها المسلمون بمناسبة عيد الأضحى المبارك، نتذكر الكثير من  الأحزان التى تعرض لها بيت الله الحرام فى عصور كثيرة، سجل القرآن الكريم منها ما حدث عام الفيل عندما حاول أبرهة الأشرم الحبشى الذى كان يحتل اليمن أن يهدم الكعبة فى مكة بعدما بنى واحدة بديلة لكن الله أرسل عليه طيرا أبابيل كما ذكر القرآن الكريم.
 
ولكن فى زمن المسلمين كم مرة تعرضت الكعبة الشريفة للتخريب والهدم من المتطاولين على حرمة الله؟.

 يزيد بن معاوية سنة 64 هـ

حدث ذلك حين قام يزيد بن معاوية بحصار مكة لتحصّن عبد الله بن الزبير فيها، وذلك فى صفر سنة أربع وستين هجرية، حسب ما ذكر السيوطى، فحاصروا ابن الزبير وقاتلوه ورموه بالمنجنيق، واحترقت من شرارة نيرانهم أستار الكعبة، وتهدم سقفها، فقام ابن الزبير بعد ذلك بهدمها، وإعادة بنائها من جديد إلا أنه أضاف إليها ستة أذرع وجعل لها بابيْن، وأدخل فيها الحجر.
 

زمن "عبد الملك بن مروان" سنة 73هـ

 
وأما حادثة هدم الكعبة التالية وقعت فى خلافة عبد الملك بن مروان، وكان ذلك فى سنة 73 هـ، كما قال ابن كثير فى البداية والنهاية، عندما خرج الحجاج بن يوسف بجيش لإخضاع أهل مكة لخلافة بن مروان، وأخذوا يرمون بالحجارة والمنجنيق فى كل مكان، فأصابت الكعبة فتهدم جزء منها.
 
ولم يقصد أهل الشام وأمراؤهم، سواء يزيد أو الحجاج أو حصين بن نمير، الكعبة بعينها وإنما مقصدهم محاربة أهل مكة.

القرامطة سنة 317هـ

كان القرامطة قوة عسكرية بدوية تعتمد فى حياتها على الغارات التى تشنها على الدول المجاورة، وكان القرامطة من ألد أعداء العباسيين لأن العباسيين اضطهدوا العلويين وطاردوهم فى كل مكان وقتلوا منهم الكثير.
 
وكانوا على علاقة صداقة فى بادئ الأمر مع الخلافة الفاطمية على أساس أن كلاهما يدينون بالمذهب الشيعى، ثم انقلبوا على الفاطميين وهاجموا أملاكهم فى الشام وفلسطين.
 
وفى عام 317 هجريا هاجم القرامطة مكة المكرمة التى كانت تتبع الخلافة العباسية وانتزعوا الحجر الأسود من الكعبة كما انتزعوا بابها وارتكبوا أعمالا دموية بشعة فقتلوا من الحجاج 30 ألفاً، ثم عادوا لديارهم ومعهم الحجر الأسود ووضعوه فى كعبة بديلة فى الإحساء ليحج إليها الناس.
 
وظل الحجر الأسود معهم فى الإحساء لمدة 22 عاماً، يطوف الناس حول الكعبة ولا يجدون الحجر الأسود، حتى هدد الخليفة العزيز بالله الفاطمى فى مصر القرامطة أن يسير لهم جيشاً إلى الإحساء ليعيد الحجر الأسود، فخافوا على ملكهم فى الإحساء وأعادوا الحجر الأسود إلى مكة سنة 339 هجريا. 
 
 حدث الهجوم القرمطى على الكعبة يوم التروية، حيث قام أبو طاهر القرمطى بغارة على مكة والناس محرمون، واقتلع الحجر الأسود، وأرسله إلى هَجَر وقتل عدد كبير من الحجاج، وحاولوا أيضا سرقة مقام إبراهيم ولكن أخفاه السدنة، وفى 318 هـ تقريبا سنّ الحج إلى الجش بالقطيف بعدما وضع الحجر الأسود فى بيت كبير، وأمر القرامطة سكان منطقة القطيف بالحج إلى ذلك المكان، ولكن الأهالى رفضوا تلك الأوامر، فقتل القرامطة أناساً كثيرين من أهل القطيف.
 
بعد أن خرج القرامطة من مكّة حاملين معهم الحجر الأسود والأموال التى نهبوها من النّاس متوجّهين إلى هجر، تعقَّب "ابن محلب" أمير مكّة من قبل العبّاسيين القرامطة مع جمع من رجاله وطلب منهم ردّ الحجر الأسود إلى مكانه على أن يملّكهم جميع أموال رجاله. إلاّ أنَّ القرامطة رفضوا طلبه مما اضطرّه إلى محاربتهم حتّى قتل على أيديهم، وكانت هذه هى أول محاولة لاسترداد الحجر الأسود.
 
 ظلّ الحجر الأسود بحوزة القرامطة مدّة 22 سنة فى البحرين، ولم تجد كل المحاولات والمساعى التى بذلها العباسيون والفاطميون من أجل الضغط على القرامطة وإجبارهم على إعادة الحجر الأسود، وقد عرض الخلفاء على القرامطة مبلغاً قدره 50 ألف دينار مقابل إرجاعهم للحجر الأسود، لكنّ القرامطة ظلّوا يخوضون فى عنادهم.
ويقول ابن سنان الذى كان معاصراً لتلك الأحداث، لقد عُرِضَت الكثير من الأموال على القرامطة كثمن لردّهم الحجر الأسود لكنّهم رفضوا كلّ تلك العروض، وكان السبب الحقيقى وراء امتثال القرامطة للأمر هو التهديد الذى وجّههُ المهدى العلوى الفاطمى إليهم ممّا أجبرهم على ردّ الحجر الأسود إلى مكّة ثانية، وعاد الحجر الأسود إلى مكّة سنة (339) وقد حمله رجل من القرامطة يُدعى سنبر والذى يحتمل أن يكون حمو أبوسعيد القرمطى، ويُقال إن الحجر الأسود حمل قبل إرجاعه إلى مكّة إلى الكوفة ونصب فى العمود السابع لمسجد الكوفة حتّى يتسنّى للنّاس رؤيته، وقد كتب شقيق أبو طاهر رسالة جاء فيها: أخذناه بقدرة الله ورددناهُ بمشيئة الله.
 

الاعتداء على الحرم عام 1979 

بينما كان المسلمون ينتظرون اليوم الأول من العام الهجرى الجديد الذى يحمل رقم 1400 الموافق 20 نوفمبر 1979، فاجأهم جهيمان العتيبى ورجاله باقتحام المسجد الحرام واحتلاله.
 
وكان جهيمان بن محمد بن سيف العتيبى قائد المجموعة التى اقتحمت الحرم، ودرس قبل ذلك الفلسفة الدينية فى جامعة مكة المكرمة والجامعة الإسلامية فى المدينة المنورة، وهناك التقى محمد بن عبد الله القحطانى، والذى تزوج أخته بعد ذلك.
 
وفى أواخر عام 1399هـ، أخبر القحطانى صهره جهيمان بأنه رأى فى منامه أنه هو المهدى المنتظر، وأنه سوف يحرر الجزيرة العربية والعالم كله.
 
وقبل انطلاق أذان فجر القرن الهجرى ومن المكان المخصص لدخول الشاحنات، تمكن بعض رجال جهيمان من إدخال شاحنتين محملتين بالتمر والماء والذخيرة إلى الحرم المكى، كما تمكن قرابة 200 شخص من الدخول إلى الحرم الشريف، حاملين عددًا من النعوش الممتلئة بالأسلحة.
 
وبعد صلاة الصبح تحدث أحد رجال الجماعة ويدعى خالد اليامى أن المهدى المنتظر وعلاماته وأهدافه وكيفية مبايعته، ساردًا بعض الأحاديث التى تصف المهدى وتتحدث عن علامات ظهوره، قبل أن يصل فى خطبته إلى مراده قائلا: فاعلموا أيها المسلمون، أنه انطبقت هذه الصفات كلها على هذا المهدى الذى سوف تبايعون بعد لحظات بين الركن والمقام، معلنًا أن المهدى موجود الآن داخل صحن الحرم لتلقى البيعة.
 
فور انتهاء الخطبة بدأ جهيمان وأتباعه فى إجبار المصلين على التقدم نحو الكعبة بين الركن والمقام، ومبايعة زوج أخته محمد بن عبد الله القحطانى بصفته المهدى المنتظر.
 
وبعد أن علمت السلطات السعودية ذلك وبدأت محاصرة المسجد مكان محمد بن عبد الله القحطانى يحاول إقناع رجاله بأنه مخلد ولن تتمكن القوات من قتله، فكان يعيد إلقاء القنابل التى تسقط عليهم باتجاه القوات وهو ينادى أنا المهدى يا أعداء الله، وفى إحدى المرات انفجرت قنبلة بين يديه، ولم يتمكن الرجال من إنقاذه، لتسحب القوات جثمان القحطانى خارج الحرم، دون أن تدرى أنه المهدى المزعوم.
 
واستمر احتلال المسجد أربعة عشر يومًا حتى تمكنت القوات من تحريره وتمت محاكمة جهيمان ومن تبقى من رجاله، ونفذ فى الكثيرين منهم حكم الإعدام.
 









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة