سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 يوليو 1956 .. عبدالناصر يتأخر «ساعة ونصف» فى إعلان تأميم قناة السويس ويكرر اسم ديلسيبس 17 مرة فى خطابه.. والناس تقفز فى الهواء فرحا

الجمعة، 26 يوليو 2019 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 26 يوليو 1956 .. عبدالناصر يتأخر «ساعة ونصف» فى إعلان تأميم قناة السويس ويكرر اسم ديلسيبس 17 مرة فى خطابه.. والناس تقفز فى الهواء فرحا جمال عبدالناصر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان مقررا أن يبدأ الرئيس جمال عبدالناصر خطابه الساعة السابعة فى ميدان المنشية بالإسكندرية مساء يوم 26 يوليو، مثل هذا اليوم،عام 1956 لإعلان قرار تأميم قناة السويس، لكنه تأخر ساعة ونصف الساعة، حسب مذكرات المهندس عبدالحميد أبوبكر«قناة السويس والأيام التى هزت الدنيا».
 
كان «أبوبكر» هو الرجل الثانى فى قيادة الفريق الذى كلفه عبدالناصر بعملية التأميم، وكان المهندس محمود يونس قائدا للفريق.. يتذكر«أبوبكر»، أنه فى الساعة السادسة مساء كان الفريق الذى سينفذ التأميم فى حجرة بمعسكر الجلاء بالإسماعيلية، بعد أن انتقل من القاهرة دون أن يعرف طبيعة مهمته، ووقف المهندس محمود يونس أمام الجالسين، وإلى يمينه أبوبكر، وإلى يساره عزت عادل، وبعد مقدمة قصيرة قال: «الرئيس جمال عبدالناصر قرر تأميم قناة السويس، والمجموعة الموجودة فى الحجرة ستتولى تنفيذ عملية التأميم».
 
يوضح «أبوبكر»: «ساد الحجرة صمت عميق، وكانت الانفعالات التى بدت على وجوه البعض، خليطا من المفاجأة والدهشة والخوف والارتباك، وأخذ العرق يتصبب من بعض المدنيين الذين حضروا ببدلهم كاملة فى هذا الجو الحار».. يعترف أبوبكر: «الحقيقة أن منظرنا محمود يونس وعزت عادل وأنا، كان لا يدعو إلى الثقة التامة، كان يونس يرتدى بنطلونا رمادى اللون، وقميصا أبيض مفتوح الأزرار، كان يشمر عن ساعديه، بينما شعر صدره بارز من القميص، وكنت أنا وعزت عادل نرتدى مثله، وشرح يونس خطة تنفيذ عملية التأميم قائلا: عندما يبدأ الرئيس فى إلقاء خطابه فى الإسكندرية فى تمام الساعة السابعة، سيتابع الجميع الخطاب كلمة كلمة، وعندما يصل الرئيس فى خطابه إلى كلمة «ديلسيبس» سنبدأ فى التحرك، أما لحظة دخول مراكز شركة القناة فقد تحددت،عندما ينطق الرئيس فى خطابه عبارة: «إن هناك إخوانا لكم يقومون الآن بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس».
 
تأخر خطاب عبدالناصر ساعة ونصف الساعة، وطبقا لأبوبكر: «لم نتأثر نحن بهذا التأخير»، وحسب فتحى رضوان وزير الإرشاد القومى وقتئذ، فإن الوزراء توافدوا إلى الإسكندرية لسماع خطاب الرئيس، وفوجئوا باستدعاء الرئيس للاجتماع بهم، وفى الاجتماع أبلغهم بأنه أعد وثائق تأميم القناة وسيعلنها بعد خطبته.. يؤكد رضوان: «لا يخالجنى أدنى شك فى أن الوزراء وجميع الموجودين شملتهم سعادة غامرة عندما سمعوا هذا الإعلان الخطير، فقد كانت قناة السويس بماضيها الحافل بالمآسى، وشركتها القائمة على أرض مصر والمستغلة لمياهها «قرحة ملتهبة» فى جسم مصر يشعر كل مصرى لها بالألم والعار».. يتذكر رضوان أنه طلب من عبدالناصر أنه لا يربط فى خطابه بين قرار التأميم وبين سحب أمريكا لتمويل السد، لأن ذلك فيه إضعافا لحقنا فى التأميم، وبعد أن استمع عبدالناصر لحجته كاملة، قام وهو يلوح بذارعيه مسرعا تجاه دورة المياه وهو يقول: «أنا عارف ماذا سأقول، سأغسل وجهى أولا». وصل عبدالناصر وباقى المسؤولين إلى شرفة مبنى البورصة المطلة على ميدان المنشية، وفى حضور عشرات الآلاف بالميدان بدأ خطبته، ويصفها أحمد حمروش فى كتابه «ثورة 23 يوليو»: «كانت قمة خطبه وأعظمها تأثيرا فى الجماهير وأشدها إثارة»..يتذكرها فتحى رضوان: «وقف عبدالناصر يتكلم بأسلوبه الذى تميز به خلال ثمانى عشرة سنة، والذى كان مزيجا من «العربية الفصحى» فى مطلع الخطبة، وفى الفقرات الافتتاحية لأجزاء الخطاب وفصولها الرئيسية، ثم بعد ذلك «العامية المطلقة»، مع ميل إلى التكرار والإطالة، ولكن الجماهير لا فى مصر وحدها بل فى بلاد العرب كلها شرقا وغربا أحبت هذا الأسلوب.. لم يكن فى وسع أى عربى، حتى رعاة الإبل فى قلب الصحراء أن يعرف أن عبدالناصر يخطب ثم يمنع نفسه من أن يدير الترانزستور إلى إذاعة مصر ليسمع وينتشى، وإن لم يفهم أحيانا بعض الذى يسمع».
 
يضيف رضوان: «جلست فى الصف الذى يلى عبدالناصر، وأخذت أتأمل هذه الجموع الحاشدة، التى لا تدرى شيئا عن المفاجأة المذهلة التى يخبئها لهم «عبدالناصر»، وسيلقى بها بين صفوفهم وكأنها قنبلة شديدة الانفجار، وحين وصل إلى النقطة التى أعلن فيها القرار الجمهورى بتأميم قناة السويس، وما كاد يقرأ اللفظ الأول من عنوان القرار الجمهورى حتى أصابت الناس هزة عنيفة، لا فى الميدان وحده بل فى كل بيت من بيوت مصر، بل فى كل بيت من بيوت العالم العربى، بل فى الشوارع والأزقة، وفى السيارات المنطلقة بأقصى سرعة، فى كل حدب وصوب وطريق ودرب، ومعهم أجهزة الاستماع، لقد رأيت الناس دفعة واحدة، وبلا سابق اتفاق يقفزون فى الهواء، ويرتفعون عن الأرض صدقا».
 
يكشف أبوبكر: «خشى عبدالناصر من أن تفلت كلمة السر من أسماعنا، فكرر اسم «ديلسيبس» 17 مرة ليتأكد أننا تلقينا الإشارة المتفق عليها، غير أننا كنا سمعنا تماما وتلقينا الإشارة من أول مرة سمعنا فيها اسم «فرديناند ديلسيبس»، وكانت الساعة العاشرة مساء»، وقتها بدأت عملية التأميم.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة