نشرت صحيفة البيان الإماراتية تحقيقا موسعا عن أسباب عدم إعلان الإندية الإماراتية عن قيمة صفقات اللاعبين التى يتم التعاقد معها قبل بداية كل موسم.
وجاء فى البيان الإماراتية أن تحركات ومفاوضات أنديتنا تتزايد في مثل هذه الأيام من كل موسم، للظفر بأفضل اللاعبين للتعاقد معهم «مواطنين وأجانب»، ورغم كثافة الصفقات التي تبرمها الأندية ، إلا ان تفاصيل هذه الصفقات لا تتعدى الإعلان عن اسم اللاعب وتصويره وهو يحمل قميص النادي، فيما تغيب المعلومة الأساسية ألا وهي قيمة الصفقة حتى بات الأمر أشبه بـ «صندوق أسود»، فأنديتنا غير مستعدة لمغادرة نهج السرية التي ظلت تفرضها على قيمة التعاقدات منذ سنوات طويلة، بما في ذلك عصر الاحتراف الذي يقوم على الشفافية، كما هو متبع في معظم دول العالم التي تطبق الاحتراف ، هذه السرية فتحت الباب لأسئلة كثيرة من شاكلة.. لماذا تخفي أنديتنا قيمة التعاقدات مع اللاعبين؟ وهل الإخفاء سببه تجاوز سقف الرواتب؟ وألا يعد ذلك خرقاً لمبدأ الشفافية والحوكمة الذي تحرص عليه الهيئة العامة للرياضة والمجالس الرياضية؟ ولماذا نتعرف كل يوم على قيمة انتقال النجوم في «الميركاتو الأوروبي» ونجهل عقود لاعبينا؟ وإلى متى يستمر ذلك؟
وفتحت صحيفة «البيان الرياضي الإماراتية » الملف المسكوت عنه لمناقشته من كل جوانبه وطرح معظم الآراء.. وبداية فإن الشفافية في إعلان قيمة التعاقدات جزء من المنظومة الاحترافية في عالم كرة القدم، فلا توجد مبررات تجبر الأندية على سرية الأرقام المالية فهي أمور عادية للغاية في الملاعب العالمية الأخرى ، حيث يتم الكشف عن قيمة العقد عند التوقيع والإفصاح عن التفاصيل الأخرى كل بكل شفافية، وأحد أهم شروط الاحتراف هو مبدأ الشفافية، خاصة وأن الإعلان عن قيمة الصفقات يساعد الجهات الرقابية في التعامل مع ميزانيات الأندية ، ورغم أن الوضع عادي في الملاعب العالمية، من تطبيق الاحتراف، إلا أن إدارات الأندية ما زالت تتعامل بمنتهى الحذر مع هذا الملف.
يعترف محمد سعيد النعيمي عضو لجنة المحترفين السابق بالإمارات ، أن حالة السرية التي تنتهجها الأندية في قيمة الصفقات تناقض مبدأ الاحتراف، ويضيف النعيمي لـ«البيان الرياضي»: لا يختلف اثنان على أن الشفافية جزء أساسي من المنظومة الاحترافية في كرة القدم ، والإعلان عن قيمة الصفقات من الواجبات في هذا الصدد، وإعلان القيمة المالية للصفقات مرتبط بالموازنة ضمن المستندات التي تحصل بموجبها الأندية على الترخيص في عالم الاحتراف، وبالتالي يفترض ألا توجد مبررات أخرى للأندية تبيح بها التكتم على صفقاتها.
ويواصل النعيمي قائلاً: في كل العالم نرى كيف يتم الإعلان عن قيمة الصفقة بدون أي حرج، وطالما النادي نجح في مسعاه في ضم اللاعب، لا توجد محاذير أخرى للتكتم على معلومات القيمة المالية، ومفهوم للجميع أن السرية مطلوبة لإتمام الصفقة خوفاً من المنافسين، ولكن عند ضم اللاعب وتقديمه بقميص النادي يجب الإعلان عن تفاصيل الصفقة.
ورأى النعيمي أن بعض الأندية التي تتعاقد بمبالغ كبيرة، تخشى من الإعلان عن التفاصيل تحسباً من الإعلام عند إخفاق اللاعب أو عدم تقديمه المستوى الذي يوازي قيمة الصفقة، ولكن حتى هذا التبرير غير مناسب، وفي دول الاحتراف يتم الإعلان بعيداً عن مثل هذه المبررات لكون الشفافية مبدأ أساسياً ومن حق الإعلام والجمهور التعرف على مثل هذه المعلومات.
دافع أحمد حسن الفورة نائب رئيس مجلس إدارة نادي عجمان الإماراتي ، عن اتخاذ الأندية مبدأ السرية في التعامل مع قيمة التعاقدات مع اللاعبين، وقال الفورة إن هذه السرية ليست ضد الشفافية فكل شيء موجود على الورق والمستندات للاطلاع عليها من قبل الجهات ذات الصلة ، ولكن التكتم عن الإعلان يعود لأسباب مفهومة تقدرها إدارات الأندية ومن بين هذه الأسباب أن تكون قيمة الصفقة بمبلغ محدود ويخشى النادي من خسارة لاعبه في حال حقق نجاحاً يجعل الظفر به سهلاً من المنافسين، لا سيما ومعظم التعاقدات تكون لفترة محدودة، أو أن تكون قيمة الصفقة عالية جداً مالياً ويخشى النادي من تأثير الإعلام والجماهير.
وقال الفورة لصحيفة البيان الإماراتية إن التكتم لا يتعارض مع الحوكمة أو الشفافية، مشيراً إلى أن التعامل في أوروبا يختلف عن عالمنا العربي فالإعلام والجمهور يتأثران تقييمه بأرقام الصفقات، وبالتالي من الأفضل للاعب والنادي الابتعاد عن أي أجواء تؤثر على مستواه، مؤكداً على أن السرية في قيمة الصفقات أفضل لكل الأطراف.
فيما أكد وليد الشامسي أقدم وكيل لاعبين في الإمارات، أنه لا يوجد قانون يلزم الأندية بالكشف عن ميزانياتها وقيمة صفقاتها، لأن شركات الكرة وهمية وتدار بالأهواء، على عكس أوروبا فهناك شركات حقيقية وقانون يلزمها بالكشف عن قيمة صفقاتها وميزانياتها، وأبدى الشامسي استغرابه من قيام الدولة بالكشف عن ميزانياتها .
وكذلك المؤسسات الكبرى والبنوك بكل شفافية باستثناء الأندية. ويرى وليد الشامسي أن قيام مسؤولي الأندية بالكشف عن ميزانياتهم وقيمة الصفقات ، يحرج الأندية أمام جماهيرها في حال الإخفاق مما يعرضها للهجوم والنقد ، كما يرفض مسؤولو الأندية الكشف عن المبالغ المصروفة حتى لا تحدث منافسة مع أندية أخرى، مع العلم أن مثل هذه المنافسة تساهم في تطور العمل والارتقاء به، ولا يضير أن يصرف ناد 100 مليون، وآخر 20 مليوناً فلكل ناد قدراته وإمكاناته ويشير الشامسي أن ما ينشر في بعض الأوقات من قيمة تعاقدية لبعض اللاعبين ومنهم عموري كلها اجتهادات إعلامية، تقوم الأندية بنفيها دون أن تؤكد على القيمة الحقيقية لأنه لو صرح مسؤول بالنادي ستتم محاسبته ، لأن هناك عدداً ليس بقليل من الصفقات يخترق سقف الرواتب وليت اتحاد الكرة يقوم بإلغائه خاصة وانه مخترق منذ أن تم تطبيقه. واعتبر وليد الشامسي أن الشفافية في صالح الأندية لأنه سيمنع المزايدة على اللاعبين ويعرف كل لاعب قيمته السوقية.
يرى الدكتور سليم الشامسي رئيس لجنة أوضاع وانتقالات اللاعبين السابق في اتحاد الكرة الإماراتي ، أن السر في عدم كشف الأندية عن قيمة صفقات اللاعبين، سواء الأجانب أو المواطنين، هو خشية الأندية من تعرضها للهجوم من قبل الشارع الرياضي والجماهير والإعلام، في حال أخفق اللاعبون، ولم يظهروا بمستوى طيب، إضافة إلى تجاوز عدد ليس بقليل من الأندية لسقف رواتب اللاعبين المواطنين ، وبالتالي، يصعب عليها الكشف عن قيمة الصفقات التي تتم، حتى لا تتم محاسبتها من قبل اتحاد الكرة، لمخالفتها اللوائح.
ويضيف الشامسي قائلاً: أستغرب من موقف أنديتنا بعد 11 سنة من تطبيق العملية الاحترافية بالدولة، من استمرار الغموض في الكشف عن صفقات اللاعبين، وعدم الإفصاح عن الميزانيات، ، وكأن هذا سر من الأسرار الخطيرة التي لا يمكن الجهر بها، مع العلم أن جميع الدول الأوروبية تفصح عن صفقات لاعبيها بكل شفافية، وهذه الشفافية للأسف نفتقدها في محيطنا العربي، ما يبرهن على أن العقلية الهاوية لا تزال تسيطر على المشهد، رغم تطبيق عملية الاحتراف.
وتابع: حينما كنت أتولى المسؤولية في اتحاد الكرة، كانت الأندية تضغط علينا لعدم الكشف عن قيمة صفقات وعقود اللاعبين، وكنا نعلم أن الأندية تخشى من محاسبة الجماهير لمسؤوليها في حال أخفق اللاعب ولم يوفق، رغم قيمته التعاقدية العالية، ولكني أقول إن التوفيق وعدمه من الله، ولا دخل لإدارات الأندية في ذلك، والأمر ينطبق على اللاعب والمدرب ، ولكن الأندية تريد أن تحمي أنفسها بعدم الإفصاح عن القيمة المالية للتعاقدات، مع العلم أن عدداً من مواقع التواصل الاجتماعي، يعرف روادها القيمة، ومع ذلك لا يتم الإفصاح عنها رسمياً.
ويكشف الدكتور سليم الشامسي النقاب عن فكرة قامت لجنة أوضاع وانتقالات اللاعبين بدراستها قبل عدة سنوات، حينما تمت دراسة إنشاء بورصة للكشف والإعلان عن القيمة السوقية للاعبين، وفق مستوياتهم وأدائهم، حتى تكون مؤشراً لتقييم اللاعب وتحفيزيه لأداء قوي خلال مهمته مع ناديه، وللحد من التعاقدات المبالغ فيها للتعاقد مع اللاعبين.
ومزايدة البعض لرفع قيمتهم التعاقدية، مخالفة للواقع السوقي، وللأسف، الأندية عارضت الفكرة، رغم أنها كانت في صالحهم بالمقام الأول، لنفس الأسباب التي سبق وذكرتها، وتوقع الدكتور سليم الشامسي أن يستمر الغموض وعدم الإفصاح عن قيمة التعاقد خلال الفترة المقبلة.
طالب عبد الرحمن محمد لاعب منتخب الإمارات والنصر سابقاً، بضرورة وجود جهة رسمية لتقييم القيمة السوقية للاعبين، تكون تحت مظلة الهيئة العامة للرياضة، أو اتحاد الكرة، للمساهمة في الحد من عملية التلاعب لبعض الأندية، وتقيدها بسقف الرواتب، مشيراً إلى أن تكتم الأندية عن أسعار صفقات اللاعبين، يخفي حتماً تجاوزات مالية.
وأضاف عبد الرحمن محمد لـ «البيان الرياضي»: المشهد الأوروبي، والخارجي عموماً، يختلف عن الواقع لدينا، في ما يخص الإعلان عن قيمة صفقات اللاعبين، نظراً لوجود عوامل تجبر الأندية على الكشف عن قيمة صفقات اللاعبين الجدد، أبرزها تطبيق مبدأ الشفافية أمام الجمهور، نظراً للدور الكبير الذي تلعبه في عملية الدعم المادي للأندية ، حيث ينفق محبو الأندية في الخارج الكثير من أجل الفرق التي تشجعها، منها على سبيل المثال جماهير فريق مانشستر يونايتد الإنجليزي، الذي يحصل على إيرادات مالية يومياً بقيمة 100 ألف جنيه استرليني، عبر متجر النادي، ناهيك عن المبالغ التي يحصل عليها النادي من جماهيره في المباراة الواحدة ، بما لا يقل عن 40 ألف جنيه استرليني، ما يحتم على الأندية الأوروبية الكشف عن القيمة المالية للصفقات المبرمة، في ظل العائد المالي الكبير الذي تحصل عليه الأندية من خلال جماهيرها، في المقابل، تعتبر مساهمة الجمهور في الأندية لدينا محدودة جداً.
وكشف عبد الرحمن محمد أن هناك أندية لا تلتزم بميثاق الشرف الذي تم التوقيع عليه في الجمعية العمومية، حيث يتم إبرام عقود ثنائية لبعض اللاعبين بمبالغ تتجاوز سقف الرواتب، يكون العقد الأول بين النادي واللاعب، لا تتجاوز القيمة المالية فيه السقف المحدد، فيما يكون العقد الثاني من «تحت الطاولة» بين اللاعب وشخصية بارزة من أقطاب النادي، أو شركة أو طرف آخر، بمبلغ آخر.
وأفاد نجم منتخبنا والنصر سابقاً، أن ارتفاع القيمة السوقية للاعبين بصورة عشوائية، سببه عدم وضع الضوابط والأسس الصحيحة في بداية عصر الاحتراف قبل نحو 11 عاماً، مشدداً على أهمية إعداد رابطة دوري المحترفين، ضوابط جديدة لإعادة المياه إلى مجاريها، والعمل وفق نظام مقنن في عملية أسعار اللاعبين، خاصة أن وكلاء اللاعبين قد يحددون القيمة المالية للاعب بصورة عشوائية، أو مبالغ فيها أحياناً.
قلل خليل غانم رئيس مجلس إدارة شركة كرة القدم بنادي خورفكان من مسألة إخفاء العقود مع اللاعبين لافتاً إلى أن قيمة العقود شأن داخلي وإخفاؤها يمنع المزايدات ومن وجهة نظري فإن بعض الإدارات تستخدم الحكمة في التعتيم عن قيمة العقد خوفاً من حدوث حساسية بين اللاعبين مشيراً إلى أن العامل النفسي واحترام خصوصية اللاعب مهمة ، وقال: بعض اللاعبين لم يصلوا بعد للثقافة الاحترافية.
أكد المدرب سليمان البلوشي المدير الفني لفريق الكرة بنادي دبا الحصن الإماراتي أهمية الوضوح فيما يتعلق بمسالة التعاقدات مع اللاعبين وإشهار قيمة العقد، منوهاً أن هذا الأمر يجب أن يتم باحترافية ووضوح ، وأكد أن الإعلام يلعب دوراً مهماً في الوصول للمعلومات من مصادرها والفرق الشاسع في هذا الامر ما بين أوروبا والدوريات العربية ، و أن بعض الإدارات خصوصاً في دورينا تتخوف من ردة فعل الجماهير حال فشل اللاعب ، وربما ترى أن التعتيم يجنبها النتائج العكسية من جماهير النادي.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة