أحيانًا نجد بعض الدعاوى تتعدد فيها الخصومة بوجود أكثر من خصم ومن ثم يقوم أحد الخصوم بتوجيه اليمين الحاسمة لبعض من الخصوم أو أحدهم دون البعض الآخر، الأمر الذى يضع باقى الخصوم فى معضلة تأثير ذلك اليمين عليهم فى الدعوى أو أمام القاضى.
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا.. ما تأثير تلك اليمين الحاسمة على باقى الخصوم سواء بالحلًف أو النكول أو الرد؟ خاصة أن اليمين الحاسمة هى التى يوجهها أحد المتخاصمين أو المتداعيين للخصم الآخر ليحسم بها النزاع، وهو بذلك يحتكم إلى ضميره ليحسم بها الخصومة، ولها قاعدة فقهية عظيمة كما جاء فى الحديث الشريف: «البيّنة على من ادعى واليمين على من أنكر» - بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض مجدى عزام.
فى البداية، للإجابة على إشكالية تأثير اليمين الحاسمة على باقى الخصوم سواء بالحلًف أو النكول أو الرد، فإن الأصل أنه إذا تعدد الخصوم فى الدعوى فلا يفيد من اليمين الحاسمة إلا من حلفها، ولا يضار إلا من نكل عنها أو ردها على خصمه فحلفها، إلا أنه يستثنى من ذلك:
1- حالة المدين المتضامن فإنه يفيد مما قد يجنيه مدين متضامن آخر من حلف اليمين ولا يضار بها.
2- وكذلك إذا كان موضوع الحلف غير قابل للتجزئة، فيتعين أن توجه اليمين إلى جميع الخصوم فيه ولا أثر لها فى حسم النزاع إلا إذا حلفها أو نكل عنها جميعهم، فإذا حلفها البعض ونكل عنها البعض الآخر فلا ينحسم به النزاع، إذ لا يتصور فى موضوع غير قابل للتجزئة أن تكون اليمين حاسمة بالنسبة للبعض وغير حاسمة مع البعض الآخر.
تصدى محكمة النقض للأزمة
محكمة النقض، قد سبق لها التصدى للأمر بشكل حاسم وقاطع فى الطعن المقيد برقم 6991 لسنة 79 جلسة 25/12/2011 الذى تمثلت وقائعه فى أن الطاعنون قد تمسكوا أمام محكمة الموضوع بانتهاء علاقة الرهن ودياً بين طرفيه عن طريق مبادلة الدائن المرتهن - مورث مورث الطاعنين - المدين الراهن - مورث مورث المطعون ضدهم مساحة من الأطيان محل الرهن بمساحة مساوية لها من أرض مملوكة للأول فى مكان آخر، والمساحة الباقية اشتراها منه بموجب عقد البيع المسجل برقم 3314 لسنة 1935 توثيق أسوان وأصبحت الأرض محل الرهن ملكاً خالصاً له، وقدموا هذا العقد، كما وجهوا اليمين الحاسمة للمطعون ضدهم فى خصوص انتهاء الرهن على هذا الأساس.
إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وأقام قضاءه بانقضاء الرهن عن طريق استهلاك الدين، وألزم الطاعنين بفائض منفعة الأطيان عن المدة اللاحقة على انقضائه وتسليم هذه الأطيان إلى المطعون ضدهم على تقرير الخبير المنتدب، وعلى حلف بعض المطعون ضدهم لليمين الحاسمة الموجهة إليهم باعتبارها حاسمة للنزاع، رغم أن تقرير الخبير لم يتعرض لعقد البيع المسجل المشار إليه، وأن عدم حلف بعض المطعون ضدهم اليمين يُعدِم أثرها فى حسم النزاع بالنسبة للجميع، لأن موضوعه غير قابل للتجزئة، إذ لا يتصور أن ينقضى عقد الرهن بالنسبة لبعض ورثة المدين الراهن دون أن ينقضى بالنسبة للبعض الآخر، وفى هذا ما يعيب الحكم بمخالفة القانون والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
إذا كان الأصل أنه إذا تعدد الخصوم فى الدعوى فلا يفيد من اليمين الحاسمة إلا من حلفها، ولا يضار إلا من نكل عنها أو ردها على خصمه فحلفها، إلا أنه يستثنى من ذلك حالة المدين المتضامن فإنه يفيد مما قد يجنيه مدين متضامن آخر من حلف اليمين ولا يضار بها، وكذلك إذا كان موضوع الحلف غير قابل للتجزئة، فيتعين أن توجه اليمين إلى جميع الخصوم فيه ولا أثر لها فى حسم النزاع إلا إذا حلفها أو نكل عنها جميعهم، فإذا حلفها البعض ونكل عنها البعض الآخر فلا ينحسم به النزاع، إذ لا يتصور فى موضوع غير قابل للتجزئة أن تكون اليمين حاسمة بالنسبة للبعض وغير حاسمة مع البعض الآخر.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة